قمة جدّة تؤسس للتوافق وترفض التدخل الأجنبي

الأمين العام لجامعة الدول العربية يؤكد على وجوب العمل بمعزل عن رؤية القوى الخارجية لخطوة عودة سوريا للحضن العربي.
قرارات القمة العربية وإعلان جدة تم اعتمادهما من القادة الحضور
إعلان جدة يرفض رفضا قاطعا دعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة
القادة العرب يؤكدون على الحوار سبيلا لحل أزمات اليمن والسودان
البحرن تستضيف القمة العربية في دورتها الـ33

جدة - رفض القادة العرب في ختام قمتهم بجدة التي كانت استثنائية لجهة الحضور والتنظيم والرسائل التي حملتها عربيا وإقليميا ودوليا، التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول العربية والرفض القاطع أيضا لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة.

وتضمن البيان الذي حمل اسم بيان جدة، إشارات واضحة لضرورة حل الأزمات في المنطقة بالحوار والتركيز على التنمية المستدامة والأمن وتكاتف الجهود العربية من أجل العيش بسلام.

ونص إعلان جدة على أن "التنمية المستدامة والأمن والاستقرار والعيش بسلام، حقوق أصيلة للمواطن العربي ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجهود وتكاملها ومكافحة الجريمة والفساد بحزم وعلى المستويات كافة".

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد قال في كلمته خلال القمة "نؤكد للدول الصديقة في الشرق والغرب أننا ماضون في السلام"، مضيفا "لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى منطقة صراعات". وقال أيضا إن القضية الفلسطينية كانت وما زالت قضية العرب المحورية، وهو ما شدد عليه إعلان جدة.

وشدد القادة في بيانهم على مركزية القضية الفلسطينية باعتبارها أحد العوامل الرئيسة للاستقرار في المنطقة مع إدانة للممارسات والانتهاكات التي تستهدف الفلسطينيين في أرواحهم وممتلكاتهم ووجودهم كافة، مؤكدين على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية.

وتابع "المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته لإنهاء الاحتلال ووقف الاعتداءات والانتهاكات المتكررة التي من شأنها عرقلة مسارات الحلول السياسية وتقويض جهود السلام الدولية".

وشكل النزاع السوداني المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع أحد أهم الملفات التي بحثتها القمة العربية. وأكد البيان الختامي على أهمية تسوية الأزمة، مضيفا "نتابع باهتمام تطورات الأوضاع والأحداث الجارية في السودان ونعرب عن بالغ قلقنا من تداعيات الأزمة على أمن وسلامة واستقرار دولنا وشعوبنا".

وشدد "على ضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف ورفع المعاناة عن الشعب السوداني والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية ومنع انهيارها والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني يؤجج الصراع ويهدد السلم والأمن الإقليميين".

واعتبر القادة العرب أن المحادثات غير المباشرة التي عقدت في جدة في 6 مايو/ايار بين ممثلين عن قائدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تعتبر خطوة مهمة يمكن البناء عليها لإنهاء هذه الأزمة وعودة الأمن والاستقرار إلى السودان وحماية مقدرات شعبه.

وبالنسبة لسوريا، رحب إعلان جدة "بالقرار الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري الذي تضمن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة والمنظمات والأجهزة التابعة لها"، مضيفا "نأمل في أن يسهم ذلك في دعم استقرار الجمهورية العربية السورية ويحافظ على وحدة أراضيها".

وأشار البيان الختامي كذلك للأزمة اليمنية، مؤكدا على "دعم كل ما يضمن أمن واستقرار اليمن ويحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق، ودعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية".

وأعرب إعلان جدة الصادر في ختام اجتماع القادة العرب عن التضامن مع لبنان مع دعوة الفرقاء اللبنانيين إلى الحوار "لانتخاب رئيس للجمهورية يرضي طموحات اللبنانيين وانتظام عمل المؤسسات الدستورية وإقرار الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته".

وثمن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط عدم تفويت فرص حل الأزمة السورية سياسيا. ورحب بالرئيس الأسد في القمة وبعودة سوريا إلى الجامعة العربية، معتبرا أن "ثمة فرصة لا يجب تفويتها لمعالجة الأزمة سياسيا".

واعتبر أن قرار إعادة سوريا إلى مقعدها "شأن عربي"، مؤكدا أنه "لا سعي لصدام مع القوى الخارجية" بشأن موقفها المغاير، وذلك خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عقب اختتام القمة العربية الـ32 التي استضافتها مدينة جدة.

وفي 7 مايو/أيار الجاري، قررت الجامعة العربية عودة دمشق إلى مقعدها في الجامعة، ضمن حراك عربي متصاعد لحل الأزمة السورية، بعد نحو 12 عاما من التجميد، قبل أن تتحفظ واشنطن ودول غربية بشأن القرار.

وقال أبوالغيط "أتصور شخصيا أنه يجب أن نعمل بمعزل عن رؤية القوى الخارجية لخطوة عودة سوريا للجامعة العربية"، مضيفا "هذا أمر خاص بالدول العربية والشأن العربي، وسوريا من الدول السبع المنشئة للجامعة العربية وإذا استعادت دولة مقعدها فهذا شأن عربي".

وتابع "علينا أن نسعى لإقناع الدول الأخرى بصحة المنهج العربي وأن هذه إرادة عربية ولا نسعى لصدام أو اختلاف مع القوى الخارجية"، مشيرا إلى أن "هناك اجتماع بين القوى الأوروبية والعربية في القريب العاجل وأتمنى ألا تقرر تلك القوى التراجع بسبب هذا الأمر (عودة مقعد دمشق)".

وشهدت قمة جدة الجمعة، مشاركة رفيعة وغير مسبوقة من القادة العرب وبمشاركة أولى للرئيس السوري بشار الأسد بعد غياب عن القمم السابقة منذ 2011 على خلفية قمع عسكري لاحتجاجات شعبية اندلعت في 2011 للمطالبة بتداول سلمي للسلطة.

وأعلنت السعودية مساء الجمعة اختتام أعمال القمة العربية في دورتها العادية الـ32 بمدينة جدة واختيار البحرين لاستضافة نسختها الـ33. وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الاختتام، إن قرارات القمة وإعلان جدة (البيان الختامي) تم اعتمادها من القادة الحضور، مشيرا إلى أن البحرين ستستضيف القمة العربية المقبلة.

وتنعقد القمة كل عام في مارس بشكل معتاد، باستثناء ما يتفق عليه أن يتم في مواعيد أخرى من العام.

وكانت القمة استثنائية بحضور عربي كبير ومشاركة الرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة بعد 12 عاما من القطيعة إضافة لحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أول زيارة له لبلد عربي والمملكة منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، حاملا مبادرة سلام أوكرانية قال إنه سيعرضها على القادة العرب ما يؤشر إلى وساطة عربية محتملة لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.