قمة خليجية استثنائية في توقيتها ومضامينها

وزراء دول الخليج العربية يعقدون اجتماعا عبر الاتصال المرئي تستضيفه البحرين اليوم الأحد قبل انعقاد القمة الخليجية السنوية لبحث الخطوات الرامية لإنهاء خلاف دبلوماسي.
وزير خارجية قطر يغيب عن الاجتماع التحضيري الافتراضي للقمة الخليجية
محلل سياسي إماراتي يستبعد حلا شاملا لأزمة قطر في القمة الخليجية
تداعيات جائحة كورونا والخطر الإيراني ضمن مباحثات القمة الخليجية
الملفان التركي والإيراني يرخيان بظلال ثقيلة على القمة الخليجية

الرياض - تجري استعدادات مكثفة أمنية وتنسيقية وإجرائية في الرياض لاستضافة القمة الخليجية في دورتها العادية رقم 41 في الخامس من يناير/كانون الثاني، لكن ستعقد في ظروف استثنائية بكل المقاييس في التوقيت والمضمون.

وتتصدر ملفات المصالحة الخليجية والتهديدات الإيرانية وتداعيات جائحة كورونا وسبل مواجهتها وتعزيز التعاون الاقتصادي والصحي بين دول مجلس التعاون الخليجي، جدول أعمال القمة.

وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قد كلف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف فلاح مبارك الحجرف بنقل دعوات رسمية للقادة الخليجيين لحضور القمة التي من المتوقع أن يحضرها لأول مرة منذ قرار المقاطعة في يونيو/حزيران 2017، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على خلاف القمة السابقة في دورتها الـ40 التي حضرها نيابة عن الشيخ تميم رئيس مجلس الوزراء عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني والذي تمت إقالته بعد فترة من عقد القمة بدفع من تركيا، بحسب أغلب التحليلات.  

كما يتوقع أن يحضر القمة للمرة الأولى أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح الذي تولى السلطة في سبتمبر/ايلول 2020 خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

وبحث مسؤولو وزارات الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي الست تعزيز "العمل المشترك" في اجتماع افتراضي الأحد تحضيرا للقمة التي تنعقد بعد جهود مكثفة لإحداث انفراجة في أزمة قطر.

وبينما حضر الاجتماع الذي نظّمته المنامة وزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والكويت، غاب عنه وزير الخارجية القطري ومثّل الدوحة وزير الدولة للشؤون الخارجية.

وكانت مشاركة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ستشكل مؤشرا على تقارب إضافي باتجاه حل الأزمة.

ووفق بيان لوزارة الخارجية الكويتية، بحث المسؤولون في اجتماع الأحد "التوصيات المعنية بدعم وتعزز مسرة العمل الخليجي المشترك في مختلف المجالات الساسة والاقتصادية والاجتماعة".

وتأتي الجهود لحل الأزمة الخليجية التي تسبّبت بخسائر اقتصادية في الخليج، في وقت تترقب فيه المنطقة تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه والذي سيرحب بحل خلاف قوّض جهود الولايات المتحدة في مواجهة إيران في منطقة إستراتيجية.

وتقول مصادر مطلعة على المفاوضات إن دول المقاطعة مستعدة لتخفيف حدة مطالبها التي كانت تشمل إغلاق شبكة الجزيرة، بشكل كبير في الاتفاق النهائي.

وكانت دول المقاطعة حددت 13 مطلبا اشترطت تنفيذها منها إغلاق قناة الجزيرة التلفزيونية وقاعدة تركية وقطع الروابط مع جماعة الإخوان المسلمين وتخفيض مستوى العلاقات مع إيران.

ومن المتوقع أن يضع اجتماع القمة في السعودية الأزمة على سكة الحل ولكن من دون أن ينبثق عنه حل شامل.

وقالت البحرين في بيان إن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي سيتولى التحضير للقمة الخليجية الحادية والأربعين.

السعودية تعمل على رأب الصدع الخليجي بما يعزز أمن المنطقة في مواجهة التهديدات الإيرانية
السعودية تعمل على رأب الصدع الخليجي بما يعزز أمن المنطقة في مواجهة التهديدات الإيرانية

وقال مسؤول خليجي إن المحادثات لا تزال جارية للتوصل إلى اتفاق. وكانت مصادر قد قالت إنها تتوقع التوصل لاتفاق بحلول القمة وربما تسفر عن مجموعة من المبادئ للتفاوض أو خطوة ملموسة بدرجة أكبر تتضمن إعادة فتح المجال الجوي أمام قطر.

غير أن قطر أبلغت الكويت والولايات المتحدة اللتين تتفاوضان في النزاع أن أي تسوية يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل حتى في السياسة الخارجية.

ورغم الإشارات الايجابية التي تسبق عقد القمة، ترخي بعض الملفات الخلافية بظلال ثقيلة على الأجواء العامة للقمة، من ضمنها الملفين الإيراني والتركي، فدول المقاطعة تمسكت مرارا بتخفيض قطر مستوى العلاقات مع إيران، بينما ترى الدوحة بضرورة الحوار مع الجمهورية الإسلامية.

كما أن حل إشكال الوجود العسكري التركي في الدوحة قد ينغص مفاوضات التسوية، فتركيا حليفة قطر لا تفوت فرصة ولا مناسبة لمهاجمة كل من السعودية والإمارات محافظة على النهج العدائي الذي أسسه الرئيس رجب طيب أردوغان منذ توليه السلطة قبل سنوات.

وترى دول الخليج العربية في الوجود العسكري التركي وفي سياسات أردوغان تهديدا للأمن القومي العربي والخليجي.

وليس واضحا ما إذا كانت قطر ستراجع ارتباطاتها بتركيا وإيران أو تبحث عن صيغة توافقية تطمئن بقية الشركاء الخليجيين حيال التهديدات التركية والإيرانية.  

وكتب المحلل السياسي الإماراتي ماجد الرئيسي في تغريدة على حسابه بتويتر الأحد أنّ القول إنّ في الفترة المقبلة "مصالحة، ليس بأمر واقعي وإنما من باب رفع السقف والأمنيات".

وتابع "الحقيقة أنها مرحلة أساسها المصداقية وحسن النوايا من النقطة الصفر بهدف تعزيز الحوار "، مضيفا "التفاؤل الموجود في غير محلّه مقارنة بالواقع".

وهذا الشهر قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إن تسوية النزاع مع قطر أصبحت في المتناول في ما يبدو بعد أن أعلنت الكويت تحقيق تقدم صوب إنهاء الخلاف.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي "إن انعقاد القمة الحادية والأربعين في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم دليل راسخ على الأهمية البالغة التي يوليها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس حفظهم الله لتعميق الترابط والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء وإيجاد آفاق جديدة للمواطن الخليجي على المدى الطويل".

 وأوضح نايف فلاح مبارك الحجرف أن "المجلس يدخل العقد الخامس من مسيرته بمنجزات راسخة وتعاون كبير وتطلع مشترك للمستقبل البناء والمشرق بإذن الله لتحقيق تطلعات وطموحات المواطن الخليجي، تبدأ بالتركيز على آفاق وطموح الشباب الخليجي والعمل المشترك على استعادة النمو الاقتصادي للمنطقة بعد الجائحة الصحية وتجاوز تحدياتها واستئناف مفاوضات التجارة الحرة وتعزيز الشراكات الإستراتيجية مع الدول الصديقة".

الاجتماع التحضيري ناقش كافة البنود المدرجة على جدول الأعمال والقرارات والتوصيات المعنية بدعم وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك في مختلف المجالات

وذكرت وكالة الأنباء الكويتية اليوم الأحد أنه تم خلال الاجتماع التحضيري الذي عقد عبر تقنية الاتصال المرئي "مناقشة كافة البنود المدرجة على جدول الأعمال والقرارات والتوصيات المعنية بدعم وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما تضمنته البنود المدرجة كذلك من قضايا ومواضيع تتعلق بالتطورات الراهنة في المنطقة."

وتتزامن القمة مع مرور 50 عاما على تأسيس مجلس التعاون في 25 مايو/أيار 1981، بعضوية 6 دول هي: السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وسلطنة عمان.

وترجح أوساط سياسية عربية ودولية أن تشهد القمة توقيعا بالأحرف الأولى على وثيقة مبادئ لإرساء أسس جديدة للمصالحة الخليجية.

وفي 4 ديسمبر/كانون الأول الحالي أعلن وزير الخارجية الكويت عن "مساع حثيثة للتوصل إلى اتفاق نهائي لحل النزاع الخليجي"، بما يضمن وحدة مجلس التعاون. ورحبت قطر والسعودية بما أعلنت عنه الكويت حينها.

وأعلن وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في تصريحات صحفية الأربعاء الماضي عدم وجود أي معوقات على المستوى السياسي أمام حل الأزمة الخليجية.

وأفاد بأن مناقشات المصالحة الأخيرة كانت مع السعودية فقط، لكن المملكة كانت تمثل بقية أطراف الأزمة.