قمم مكة توحد الموقف العربي الرافض لتدخلات إيران في المنطقة

دول مجلس التعاون الخليجي الست بحثت آلية دفاع مشترك خلال اجتماعها، والقمة العربية تؤكد على أهمية أمن دول الخليج ودورها في تأمين استقرار المنطقة.
القمة العربية تدعم حق السعودية والإمارات في الدفاع عن مصالحهما
تنديد عربي موحد بهجمات على محطتين لضخ النفط وسفن

مكة (السعودية) - دعا العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال القمتان الخليجية والعربية الطارئتان اللتان عقدتا ليل الخميس في مكة المكرمة، إلى اتخاذ إجراء حاسم لوقف "الأنشطة التخريبية للنظام الإيراني" في المنطقة.

وأكد بيان لدول مجلس التعاون الخليجي وآخر منفصل صدر بعد القمة العربية الموسعة على حق السعودية والإمارات في الدفاع عن أراضيهما ومصالحهما بعد هجمات استهدفت ناقلات نفط قبالة سواحل الإمارات ومحطتين لضخ النفط في المملكة.

وقال الملك سلمان خلال الاجتماعين المتتاليين اللذين عقدا في ساعة متأخرة من الليل "لا بد من الإشارة إلى أن عدم اتخاذ موقف رادع وحازم لمواجهة الأنشطة التخريبية للنظام الإيراني في المنطقة هو ما قاده للتمادي في ذلك والتصعيد بالشكل الذي نراه اليوم".

وأضاف أن تطوير إيران لقدراتها النووية وصواريخها الباليستية وخطرها على إمدادات النفط العالمية يهدد أمن المنطقة والعالم.

من جهته قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن الهجمات على السفن الأربع قبالة الإمارات كانت "مسعى من طهران لرفع أسعار النفط العالمية".

واتهمت السعودية إيران بإصدار الأمر بشن الضربات بالطائرات المسيرة والتي أعلنت ميليشيات الحوثي المتحالفة مع طهران المسؤولية عنها.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أمس الخميس إن أدلة تؤكد وقوف إيران وراء الهجوم على ناقلات النفط ستقدم إلى مجلس الأمن الدولي الأسبوع المقبل.

وباتت طهران تشكل خطرا كبيرا على أمن الملاحة البحرية وإمدادات النفط العالمية بعد هذه الهجمات التخريبية.

كما أكد بيان القمة العربية "على تضامن وتكاتف الدول العربية بعضها مع بعض في وجه التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر بهدف زعزعة أمنها واستقرارها وتكثيف سبل التعاون والتنسيق بينها في مواجهة المخاطر التي تنتج من ذلك".

وقال العاهل السعودي "إن المملكة حريصة على أمن واستقرار المنطقة، وتجنيِبها ويلات الحروب، وتحقيق السلام والاستقرار".

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمام القمة إن "أمن الخليج يرتبط ارتباطاً عضوياً بالأمن القومي لمصر"، مضيفاً أن العرب ليسوا على استعداد للتفريط بأمنهم القومي، فقد كانوا وما زالوا دعاة سلام واستقرار".

وأكد السيسي "اجتمعنا لنوجه رسالة تضامن مع السعودية والإمارات"، مشيرا إلى أن الهجمات التي وقعت هذا الشهر تمثل مناسبة لتجديد النقاش حول "آليات الدفاع العربي المشترك".

وأوضح "علينا كعرب أيضا مسؤولية لتفعيل آليات التعاون العربي في مجال مكافحة الإرهاب وتدعيم قدراتنا الذاتية على مواجهته بل ربما تمثل هذه التهديدات الأخيرة مناسبة مهمة لتجديد النقاش حول تفعيل آليات العمل العربي المشترك القائمة بالفعل أو التي تم اقتراحها".

وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في كلمته أمام القمة، على وقوف الأردن مع أشقائه العرب في الدفاع عن مصالحهم وأمنهم، مشيرا إلى أن القمة العربية تنعقد في وقت نحتاج فيه لتوحيد مواقفنا.

 ودعا قادة الدول المشاركة في قمة مكة إلى "تكثيف الجهود الدبلوماسية بين الدول العربية مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية لتسليط الضوء على ممارسات إيران، التي تعرض الأمن والسلم في المنطقة للخطر"، وطالب البيان الختامي للقمة "المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم لمواجهة إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة".

وفي وقت أجمعت فيه الدول العربية خلال القمة على أهمية أمن دول الخليج وأهمية دورها في تأمين استقرار المنطقة، عارض العراق الذي عانى من هيمنة إيرانية خلال السنوات التي تلت الاحتلال الأميركي أثرت على علاقته مع جيرانه، البيان الختامي للقمة.

وقال العراق في بيان تلاه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط "في حين أن العراق يعيد التأكيد على استنكاره لأي عمل من شأنه استهداف أمن المملكة وأمن أشقائنا في الخليج، أود التوضيح على أننا لم نشارك في صياغة البيان الختامي وأن العراق يسجل اعتراضه على البيان الختامي في صياغته الحالية".

وقال الرئيس العراقي برهم صالح إن الأزمة الإقليمية والدولية مع إيران تنذر بالتحول إلى حرب إن لم "نحسن" إدارتها وعبر عن أمله في ألا يتعرض أمن إيران إلى الاستهداف. وطالب من القمة دعم الاستقرار في العراق.

آلية دفاع مشترك بين دول المجلس الخليجي ضرورية لردع إيران
آلية دفاع مشترك بين دول المجلس الخليجي ضرورية لردع إيران

وحذر بومبيو زعماء العراق من أنهم إذا لم يتمكنوا من السيطرة على الفصائل المسلحة المدعومة من إيران والتي أصبحت تشكل الآن جزءا من الأجهزة الأمنية في بغداد في إشارة إلى الحشد الشعبي ومموله الحرس الثوري، فإن الولايات المتحدة سترد بقوة.

وتصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بعدما انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي الدولي مع طهران وعاودت فرض العقوبات عليها وعززت وجودها العسكري في الخليج.

وقال بولتون إن ألغاما بحرية "من شبه المؤكد أنها من إيران" استخدمت لمهاجمة الناقلات.

ورفض مسؤول إيراني تصريحات بولتون ووصفها بأنها "زعم هزلي". وقالت الجمهورية الإسلامية إنها ستدافع عن نفسها في وجه أي عدوان عسكري أو اقتصادي.

وقال إسحاق جهانجيري نائب الرئيس الإيراني يوم الثلاثاء، إن البلاد غير مسموح لها بتطوير أسلحة نووية لأن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يحظر ذلك.

وقال البيان الختامي للقمة العربية إن الاستقرار في المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 1967.

وفي كلمته أمام القمة الطارئة، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الفلسطينيين لن يشاركوا "في ورشة العمل التي دعت لها الإدارة الأميركية في المنامة".

وأضاف "نرفض استبدال مبدأ الأرض مقابل السلام بالازدهار مقابل السلام.. أود أن أعيد التأكيد على رفضنا المطلق للمحاولات الأميركية الهادفة إلى إسقاط القانون الدولي والشرعية الدولية بما يسمى صفقة القرن".

وقال مبعوث الولايات المتحدة الخاص بشأن إيران برايان هوك للصحفيين أمس الخميس، إن إعادة نشر القوات العسكرية الأميركية في المنطقة نجح في ردع إيران، لكنه قال إن الولايات المتحدة سترد بالقوة العسكرية إذا هاجمت إيران أو أي من أتباعها في المنطقة المصالح الأميركية.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأسبوع الماضي نشر 900 جندي إضافي في الشرق الأوسط ومددت إقامة 600 جندي آخرين، وذلك بعد قيامها بتسريع عملية نشر مجموعة حاملة طائرات هجومية وإرسال قاذفات قنابل وصواريخ باتريوت إضافية إلى المنطقة.

وخلال زيارة بولتون لأبوظبي، قام المسؤولون بتفعيل اتفاقية للتعاون الدفاعي تم توقيعها هذا العام بين الولايات المتحدة والإمارات.

ولدى دول الخليج قوة دفاع مشتركة في إطار مجلس التعاون الخليجي، لكن ذلك التحالف الذي أنشئ منذ 39 عاما تصدع جراء خلاف دفع السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر لفرض مقاطعة سياسية واقتصادية على قطر منذ منتصف عام 2017. وكانت الدول الأربع المقاطعة قد دعت قطر إلى  تعديل سياساتها تجاه دول المنطقة وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول المجاورة ووقف دعم الإخوان المحظورين.

وجاء في البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون الخليجي والذي نشرته وكالة الأنباء السعودية، أن دول المجلس الست بحثت آلية دفاع مشترك بين دول المجلس خلال اجتماعها.

وشارك في القمتين رئيس الوزراء القطري الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني ليصبح أكبر مسؤول قطري يزور المملكة منذ بدء الأزمة مع الدوحة.

وكانت السعودية وجهت دعوة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لحضور القمتين في خطوة يبدو أنها أربكت الدوحة التي روجت في البداية إلى إمكانية حضوره لكن رئيس الوزراء حل محله في آخر لحظة.