قوات الدعم السريع تقصف أهدافا إستراتيجية تابعة للجيش السوداني

'الدعم السريع' توسع ضرباتها إلى جنوب البلاد باستهداف مستودع للوقود ومقر فرقة للجيش السوداني.

الخرطوم - أصابت ضربة باستخدام طائرة مسيّرة نُسبت إلى قوات الدعم السريع اليوم الثلاثاء هدفين استراتيجيين في جنوب السودان، بحسب مصدر عسكري، في أحدث تطور ميداني يثبت قدرة هذه القوات على توجيه ضربات موجعة للمواقع الحيوية الخاضعة لسيطرة الجيش، بينما لا تلوح في الأفق مؤشرات على وقف الحرب التي أعادت البلاد سنوت إلى الوراء.

وبحسب المصدر نفسه فقد قصفت الدعم السريع مستودعا للوقود في مدينة كوستي ومقر الفرقة 18 بمسيرة مما تسبب في إشعال النار.

وقال شهود عيان في المكان إنهم شاهدوا أعمدة دخان كثيفة، كما سمعوا دوي انفجارات في هذه المدينة الواقعة على بعد حوالي 350 كيلومترا جنوب الخرطوم في ولاية النيل الأبيض.

وشنت قوات الدعم السريع خلال الآونة الأخيرة ضربات باستخدام الطائرات المسيرة استهدفت عدة مناطق من بينها بورتسودان وكوستي، ما يشير إلى تكتيك جديد يهدف إلى توسيع نطاق عملياتها العسكرية خارج مواقع تمركزها الرئيسية في الخرطوم ودارفور.

ويشير قصف مستودعات الوقود ومحطات توليد الكهرباء إلى محاولة إضعاف القدرات اللوجستية والاقتصادية للمناطق التي يسيطر عليها الجيش أو الحكومة.

وتوجه هذه الضربات رسالة مفادها أن قوات الدعم السريع لا تزال قادرة على شن هجمات مؤثرة على الرغم من إعلان الجيش السوداني عن إخراجها من الخرطوم.

ويشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد منذ انقلاب عام 2021، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".

وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة السودانية في بيان ارتفاعا حادا في حالات الكوليرا، إذ سُجلت 2729 إصابة و172 حالة وفاة خلال أسبوع واحد. وشهدت ولاية الخرطوم وحدها 90 بالمئة من الإصابات الجديدة.

وأشار تقرير سابق إلى أن 51 شخصا لقوا حتفهم في الأسابيع الثلاثة الأولى من الشهر الجاري في البلد الغارق في الحرب، حيث نزح 70 بالمئة من السكان وأصبح 90 بالمئة من محطات ضخ المياه خارج الخدمة، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقبل انسحابها الأسبوع الماضي، نفذت قوات الدعم السريع ضربات عدة بمسيّرات، لا سيما في ولاية الخرطوم ضد ثلاث محطات كهرباء، ما أدى إلى حرمان العاصمة من الكهرباء لأيام.

وقال المنسق الطبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في الخرطوم سليمان عمار الجمعة "انقطعت الكهرباء عن محطات معالجة المياه ولم يعد بإمكانها توفير المياه النظيفة من النيل".

وأكد بشير محمد، أحد سكان أم درمان بولاية الخرطوم، أن عائلته تشرب "مياها تُسحب مباشرة من النيل، وتشتريها من بائعين باستخدام عربات تجرها الحمير".

وقال طبيب في مستشفى النو في أم درمان إن هذه المياه غير المعالجة هي "السبب الرئيسي لانتشار" الوباء المتوطن أصلا في السودان، لكن العدوى أصبحت أكثر تواترا وضراوة بسبب انهيار المنشآت الصحية والأضرار الناجمة عن الحرب.

وتنتشر هذه العدوى المعوية الحادة عن طريق الطعام والماء الملوثين ببكتيريا ضمة الكوليرا ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة خلال ساعات إذا تُركت من دون علاج.

وفي مواجهة التدفق الهائل للمرضى، أطلق المتطوعون في غرف الطوارئ نداءً عاجلا للمتخصصين في الرعاية الصحية من ذوي الخبرة لتعزيز الفرق الطبية في المستشفيات.

وقال أحد المتطوعين إن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات جرى تخطيها بدرجة كبيرة، وأصبح النقص في العاملين في مجال الرعاية الصحية محسوسا بشكل خطير. ولفت إلى أن "بعض المرضى يرقدون على الأرض في ممرات" المستشفيات.

وبحسب نقابة الأطباء، اضطر ما يصل إلى 90 بالمئة من مستشفيات البلاد إلى الإغلاق مؤقتا في وقت ما بسبب الاشتباكات.

وقدّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أبريل/نيسان أن ما 70 و80 بالمئة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة أصبحت خارج الخدمة موقتا.

وقد أدت الحرب التي دخلت عامها الثالث إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص، وتسببت بما وصفته الأمم المتحدة بأنه "أسوأ أزمة إنسانية" لا تزال قائمة في العالم.