معركة كسر عظم بين اتحاد الشغل وسعيد وسط محاولات للتهدئة
تونس - انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد ضمنيا خطاب التصعيد من قبل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي الذي لوح بالنزول للشارع رفضا لقانون المالية لسنة 2023 وسط مخاوف من تداعيات هذه الخلافات على الوضع المتأزم في البلاد خاصة مع اعلان الاضراب العام بيومين في قطاع النقل البري والبحري والجوي فيما تسعى منظمات وطنية لإطلاق مبادرة وطنية لتخفيف حدة الصراع.
ونفى سعيد خلال استقباله الثلاثاء في قصر قرطاج رئيسة الحكومة نجلاء بودن لبحث جدول مجلس الوزراء القادم والوضع العام في البلاد وجود توجه لبيع مؤسسات القطاع العام لصالح القطاع الخاص في تكرار لتعهد سابق في هذا الإطار إضافة لتعهده بعدم رفع الدعم عن الفئات الفقيرة وذلك وفق شروط صندوق النقد الدولي في رد على خطاب الاتحاد.
وشدد وفق بيان من مؤسسة الرئاسة على أنه "لا مجال للتفريط في المؤسسات والمنشآت العمومية عكس ما تتم إشاعته".
وأكد أن "التطاول على الدولة وعلى رموزها ليس من قبيل حرية التعبير، بل يرتقي إلى مستوى المسّ بأمنها والضرب لوحدتها".
وتابع في تحد للطبوبي وبعض قوى المعارضة التي تنتقد سياساته "الديمقراطية يجب أن تمارس داخل مؤسسات الدولة ولا يمكن أن تكون موجهة ضد وجودها ووحدتها، ومن يلعب دور الضحية اليوم وهو الذي ساهم في ضرب الدولة وحاول بكل الطرق تفكيك مؤسساتها، لا يمكن أن يقدم نفسه منقذًا ويتلوّن كل يوم بلون جديد، وكأن الشعب التونسي نسي ما كانوا يصنعون ومع من كانوا متحالفين، ومع من يتحالفون اليوم في الداخل والخارج على السواء".
ويرى مراقبون أن الخطاب الحالي موجه بشكل أساسي للطبوبي ولاتحاد الشغل بعد تعهد الأخير بالتصعيد والتلويح بالشارع فيما كان رد المنظمة العمالية اكثر قوة باقرار الاضراب العام يومي 25 و26 يناير/كانون الثاني في وسائل النقل البري والبحري والجوي رفضا لما وصفوه سياسة الحكومة "تهميش الشركات العامة".
وقبل أيام قال الطبوبي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، إن "القانون الذي قدمته الحكومة للاتحاد بخصوص المساهمات العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية يتضمن مطبات وحيل من أجل التفويت (بيع للقطاع الخاص) في القطاع العام بطرق ملتوية".
وأضاف أنه "إذا اتخذت الحكومة قرارا أحاديا (بشأن مصير القطاع العام) فعليها أن تتحمل مسؤوليتها أمام الرأي العام وأمام ما سيترتب على هذا القرار من نضالات بكل الأشكال المتاحة في القطاع العام".
وأكد ان المنظمة العمالية الاكبر ستنظم احتجاجات حاشدة "وستحتل الشوارع" قريبا لإظهار الرفض لميزانية التقشف للعام المقبل، في أقوى تحدّ لحكومة الرئيس سعيد حتى اللحظة.
وشدد الامسن العام المساعد في الاتحاد صلاح الدين السالمي عن حجم الخلافات بين المنظمة ورئاستي الحكومة والجمهورية قائلا "انها في أسوء حالاتها" مشيرا الى ان الاتحاد مستهدف من قبل السلطات.
وأطلق الطبوبي الذي تحدث في السابق عن توقف محادثاته مع سعيد مبادرة وطنية لإنقاذ البلاد من الوضع الراهن تضم العديد من المنظمات الوطنية ولكن لا يعرف مدى تجاوب الرئيس معها خاصة وان سعيد مصر على مواصلة نهجه الى النهاية.
في المقابل يعول البعض على دور عميد المحامين التونسيين حاتم المزيو ورئيس الرابطة التونسية لدفاع عن حقوق الانسان بسام الطريفي في تخفيف حدة الخلافات بين الرئيس وأمين عام الاتحاد بعد اجتماع الأطراف الثلاثة.
وقال الطريفي في تصريح لاذاعة شمس الخاصة الأربعاء ان اللقاءات تأتي حول إطلاق مبادرة وطنية لإخراج تونس من الأزمة مشيرا الى ان اللقاءات ستتكثف الفترة المقبلة لتحديد خطوطها العريضة.
وقال ان الاجتماعات ستكون على 3 مستويات الاقتصادي والإجتماعي والسياسي.
وأثبت الاتحاد الذي يضم في عضويته أكثر من مليون أنه قادر على شل العجلة الاقتصادية بالإضرابات. وساند في بعض الأحيان سعيد بعد أن استحوذ على معظم السلطات والصلاحيات العام الماضي لكنه أبدى أيضا المعارضة لتحركاته في حالات أخرى.
وكان الطبوبي عبر قبل عدة اشهر عن عدم رضاه على الوضع الحالي في تغير واضح عن دعمه السابق لاجراءات اتخذها الرئيس في 25 يوليو/تموز 2021.
ومن المتوقع أن تخفض موازنة 2023 العجز المالي إلى 5.2 بالمئة العام المقبل من توقعات بلغت 7.7 بالمئة هذا العام، بدفعة من إصلاحات لا تحظى بشعبية لكنها يمكن أن تمهد الطريق للتوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ مالي.
وسترفع تونس الضرائب على شاغلي عدد من الوظائف مثل المحامين والمهندسين والمحاسبين من 13 بالمئة إلى 19 بالمئة. وقال الطبوبي "هذه حكومة ضرائب... الحكومة تتحايل على شعبها... وقانون المالية يزيد معاناة التونسيين".
وخلال 2023، التي قال عنها وزير الاقتصاد سمير سعيد إنها ستكون سنة صعبة جدا، ستخفض الحكومة أيضا الإنفاق على الدعم بنسبة 26.4 بالمئة وذلك بالأساس في مجالي الطاقة والغذاء.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية جراء الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 24 فبراير/شباط الماضي.