قيس سعيد ينهي الجدل: تونس لن تكون معبرا أو مستقرا للمهاجرين

الرئيس التونسي ينتقد المنظمات الدولية المتخصصة في ملف الهجرة مؤكدا أنها لم تساعد بلاده في معالجة الظاهرة وتكتفي بالبيانات أو تحاول فرض أمر واقع مرفوض.

تونس – أكد الرئيس التونسي مساء الجمعة رفض بلاده أن تكون مستقرا المهاجرين الأفارقة أو معبرا لهم نحو أوروبا وهو ما يقطع مع أنباء متواترة حول تحويل تونس إلى "غوانتنامو للمهاجرين" في حال الموافقة على إنشاء مراكز احتجاز لهم على غرار تلك الموجودة في إيطاليا، وذلك قبيل زيارة المرتقبة لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

وقال قيس سعيد خلال استقباله وزير الخارجية نبيل عمار إن "تونس التي تعامل المهاجرين معاملة إنسانية ترفض أن تكون معبرا أو مستقرا (لهم)". وفق بيان نشرته رئاسة الجمهورية عبر صفحتها على فيسبوك.

 وأشار في هذا السياق إلى أن هذه الظاهرة التي تتفاقم كل يوم لم تكن تونس أبدا سببا من أسبابها، بل بالعكس فهي تتحمل تبعات نظام عالمي أدى إلى هذه الأوضاع غير الإنسانية".

كما أشار إلى أن "المنظمات الدولية المتخصصة التي كان من المفترض أن تقف إلى جانب تونس تكتفي في أغلب الأحيان بالبيانات أو تحاول فرض أمر واقع لن يقبل به التونسيون أبدا".

وتأتي تصريحات سعيّد قبل أيام من زيارة مرتقبة لرئيسة الوزراء الإيطالية إلى تونس، يُتوقع أن تناقش فيها ملف المهاجرين السريين مع السلطات التونسية، في وقت حذرت فيه منظمات حقوقية من إنشاء مراكز لإيواء اللاجئين المرحلين من الاتحاد الأوروبي.

ونقلت وكالتا "آكي" و"نوفا" عن مصادر حكومية تأكيدها زيارة ميلوني إلى تونس، الأربعاء المقبل، مشيرة إلى أن الزيارة لن تتجاوز بضع ساعات، ستلتقي خلالها الرئيس قيس سعيد، قبل أن تغادر إلى بروكسل لحضور اجتماع المجلس الأوروبي المقرر يومي 17 و18 الشهر الجاري.

ومن المنتظر أن تقدم إيطاليا مزيدا من الوعود المادية للحكومة التونسية لمزيد التصدي لحالات اجتياز الحدود خلسة، بهدف تأمين الحدود الجنوبية لإيطاليا.

وكانت وسائل إعلام إيطالية قد اتهمت ميلوني بفشل "مذكرة التفاهم" مع تونس في التصدي للهجرة غير النظامية، على الرغم من أن ميلوني عدت هذه المذكرة نموذجا يحتذى وانتصارا لبرنامجها في التصدي لمعضلة الهجرة غير الشرعية.

وأثارت زيارة ميلوني جدلا في تونس، فقد اعتبرها البعض محاولة من جانب إيطاليا للضغط على تونس حتى تكون حارس حدود، خصوصا بعد تفاقم أعداد المغامرين بركوب غمار البحر عبر قوارب الهجرة السرية بدخول موسم هجرة الربيع وسكون أمواج البحر.

بينما اعتبرت البرلمانية فاطمة المسدي أن زيارة ميلوني تشكل "فرصة حتى نفرض على الاتحاد الأوروبي ترحيل الأفارقة جنوب الصحراء، وأن تكون هناك معاملة الند للند مع الاتحاد. إما هذا أو أن نقبل بأن نكون حراس حدود ومركز استيطان نحتجز قصرياً مهاجرين غير شرعيين وهو نوعاً ما مخالفة للقانون الدولي".

في حين أكّد رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية (منظمة حقوقية مستقلة)، أن زيارة ميلوني لديها "هدف واحد وهو إنشاء مراكز احتجاز بالمهاجرين في تونس كتلك الموجودة في إيطاليا".

وأضاف "تونس رفضت في السابق إنشاء هذه المراكز لكن لا ثقة لنا في السلطات التونسية التي قد لا تصمد أمام الضغوط الإيطالية".

وكشف بن عمر لإذاعة موزاييك أنّ تونس "حصلت على أكثر من 12 مليون أورو من صندوق أفريقيا للدعم الفني للسلطات التونسية من أجل مراقبة الحدود و20 مليون أورو من الصندوق الائتماني للصندوق الأوروبي لأفريقيا لمراقة الحدود و27 مليون أورو من صندوق المكافآت التابع لوزارة الخارجية الإيطالية لإدارة تدفقات الهجرة. كما تمّ تخصيص 4.8 ملايين أورو لنقل 6 وحدات بحرية مستخدمة للحرس البحري الإيطالي لتجديدها وتقديمها للحرس البحري التونسي و9 ملايين أورو من إيطاليا لشراء الوقود، وفق معلومات من مصادر إيطالية تحصّل عليها المرصد".

وأضاف "منذ سنوات هناك محاولات من الجانب الأوروبي لجعل تونس نقطة حدودية متقدّمة لفرز وحجز المهاجرين، وسوء إدارة أزمة المهاجرين جعل من تونس تقوم بممارسات لا إنسانية تجاه المهاجرين ما أثر على العلاقة مع البلدان الإفريقية التي لنا فيها مهاجرون اقتصاديون (…) أوروبا نجحت في نقل أزمة المهاجرين من جزيرة لامبيدوزا إلى تونس وعلى تونس الالتزام بالمواثيق الأفريقية وتحاول المحافظة على علاقة متوازنة مع كلّ الأطراف".

وشدّد على أنّ تونس مطالبة اليوم بالضغط على الاتحاد الأوروبي لتحمل مسؤوليته في الأزمة التي صنعها وعليه المطالبة بإنشاء مسارات تنقّل آمنة وإلا فإنها ستصبح "غوانتنامو للمهاجرين".

وعلى الرغم من عمليات التصدي اليومية لقوارب الهجرة، فإن الجانب الإيطالي يبقى غير راض عن هذه النتائج، ويطالب بجدية أكثر في التعامل مع هذا الملف الشائك.

وتفيد آخر المعطيات التي قدمها "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية" ، بوصول 317 مهاجراً تونسياً إلى إيطاليا خلال الأسبوع الأول من أبريل الحالي، ويؤكد المنتدى أن الحرس البحري التونسي منع أكثر من 6 آلاف مهاجر من الوصول إلى إيطاليا، مع تسجيل 200 مفقود و26 حالة وفاة على السواحل التونسية.

وكانت تونس وقعت العام الماضي مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي لإرساء "شراكة استراتيجية شاملة" تشمل، بالإضافة إلى قضية مكافحة الهجرة غير النظامية، تعزيز التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة ومساعدة تونس على مواجهة الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي تعانيها.