كأنه لم يكن ينقص أزمة لبنان إلا تمثال سليماني

النصب التذكاري لقاسم سليماني يؤجج الانقسامات في لبنان، فيما تتقلب الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد المحكوم بنظام محاصصة طائفية بين انسداد وآخر.
تمثال سليماني يشكل رمزا يكرس الهيمنة الإيرانية
لسليماني فضل على حزب الله ودور في خراب لبنان
ارتباط حزب الله بإيران وتر المناخ السياسي والشعبي في لبنان

بيروت - في الوقت الذي يكابد فيه اللبنانيون لتوفير أدنى متطلبات الحياة وفي الوقت الذي تتقلب فيه الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين انسداد وآخر، واضعة البلد المحكوم بنظام محاصصة طائفية على حافة الانهيار، يظهر تمثال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني الذي قضى في ضربة أميركية مطلع العام الماضي في بغداد، في بيروت ليكرس المزيد من الانقسامات برمزية لا تخرج عن سياقات الهيمنة الإيرانية على لبنان لدى قوى سياسية وببطولات وفضل لهذا الرجل المثير للجدل لدى قوى موالية لطهران ومنها حزب الله الذي يقدس شخصه.  

وأثار تمثال سليماني في ذكرى مقتله الفخر في نفوس مؤيديه من اللبنانيين، لكنه أثار غضب معارضين يذكرهم في كل لحظة بالهيمنة الإيرانية.

ويعد التمثال المصنوع من البرونز والذي نصب في مدخل الضاحية الجنوبية التي تسكنها أغلبية شيعية، أحدث إضافة لبيروت التي تمجد تماثيلها وشوارعها وميادينها شخصيات تاريخية من زعماء زمن الانتداب الفرنسي إلى ضحايا الصراعات الأخيرة في البلاد.

وقال حسام أبوحمدان وهو طبيب جاء لالتقاط صورة بجوار تمثال سليماني "إن العادة جرت على إطلاق أسماء جنرالات الانتداب الفرنسي على الشوارع في لبنان أما اليوم فإننا نطلق على الشوارع أسماء جنرالات المقاومة والانتصار".

وقُتل سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني كما قُتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس برفقته في ضربة بطائرة أميركية مسيرة لموكبه في مطار بغداد في يناير/كانون الثاني من العام الماضي.

واتهمت الولايات المتحدة سليماني بتدبير هجمات شنتها الجماعات المسلحة المدعومة من إيران على القوات الأميركية في المنطقة. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه كان يخطط لهجمات كبيرة على المصالح الأميركية.

وقالت إسراء حمود التي جاءت مع زوجها لرؤية التمثال الجديد إن وجود تمثال "للشهيد" قاسم سليماني يبعث فينا الفخر والعزة.

حزب الله يرفع راياته وعليها صور سليماني قبالة الحدود مع إسرائيل
حزب الله يرفع راياته وعليها صور سليماني قبالة الحدود مع إسرائيل

وأضافت أنه كان رفيقا في الحرب وفي أصعب الظروف، مشيرة إلى الدعم الإيراني لجماعة حزب الله اللبنانية في حملتها العسكرية في سوريا وضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان.

وما تراه إسراء وغيرها من مؤيدي حزب الله، فخرا، يرها غيرهم من اللبنانيين رمزا للدور التخريبي الايراني في المنطقة عموما ولبنان خاصة.

وانتقد لبنانيون آخرون في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ما رأوه رمزا للهيمنة الإيرانية.

وكان لبنان على مدى سنوات مسرحا لصراعات إقليمية تدور بين إيران ومعها حلفاؤها ومنهم سوريا من جهة ودول خليجية وعربية ترفض التمدد الإيراني في المنطقة.

 وقالت مي شدياق الصحفية والوزيرة السابقة المناوئة لسوريا والتي أصيبت في تفجير في عام 2005 على تويتر "كفى اهانات وانتهاكات لكرامتنا وسيادتنا".

وكان لإيران الفضل في تأسيس حزب الله في ثمانينات القرن الماضي وقد جاء في بيان صادر عنه في 16 فبراير/شباط 1985 أن الحزب "ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة".

ومعظم المنتمين للحزب من شيعة لبنان مرتبطون مذهبيا بالمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي الذي يعتبر لديهم من كبار المراجع الدينية لديهم رغم أنه لم يصل إلى درجة المرجع وهذا ثابت في تفاصيل توليه منصبه بعد وفاة الخميني.

وبالنسبة للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله فإنه في نظر الموالين له يعتبر الوكيل الشرعي لخامنئي. وكان نصرالله قد أعلنها مرارا أنه يدين لولاية الفقيه وسرعان ما تعزز الارتباط الايديولوجي والفقهي بإيران إلى دعم عسكري  أمنه الحرس الثوري تدريبا وتسليحا.

وكان سليماني هو المشرف الفعلي على الميليشيات الموالية لإيران وعلى رأسها حزب الله وهو مهندس عملياتها في المنطقة وتوصف أميركيا وعربيا بأنها أذرع طهران التخريبية.