بطريركً الكنيسة الكلدانية في العراق مرشح محتمل لخلافة البابا فرنسيس

السوداني يؤكد دعمه الكامل لترشيح الكاردينال ساكو وهو الوحيد من الشرق الأوسط واصفًا إياه بأنه 'مرشح العراق والمنطقة' لقيادة الكرسي الرسولي.
ساكو لعب دورًا مهمًا في دعم مسيحيي العراق خلال اجتياح داعش للموصل وسهل نينوى
مرشحون من أوروبا هم الأقرب لتولي منصب البابا
ترشيح ساكو سيمنح مسيحي الشرق الأوسط مزيدا من القوة في ظل متغيرات جيوسياسة

بغداد/الفاتيكان – بعد وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عامًا، صباح الإثنين، تدخل الكنيسة الكاثوليكية مرحلة انتقالية حساسة، عنوانها البحث عن خليفة يقود أكثر من مليار كاثوليكي حول العالم وسط تحولات اجتماعية وسياسية معقدة. وفي خضم هذا الحدث العالمي، برز اسم الكاردينال العراقي لويس روفائيل ساكو كأحد المرشحين المحتملين لخلافة البابا الراحل، ما يفتح الباب أمام احتمال غير مسبوق أن يُنتخب بابا الفاتيكان من قلب الشرق الأوسط، وتحديدًا من العراق.
ورغم أن ساكو ليس ضمن الأسماء الخمسة الأوفر حظًا في التحليلات الفاتيكانية، إلا أن مصادر وتقارير كنسية أشارت إلى وجود اسمه ضمن قائمة موسعة للكرادلة المرشحين، وهو تطور لافت بالنظر إلى كونه المرشح العربي الوحيد، والأول من منطقة الشرق الأوسط في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية المعاصر.
وفي أول موقف رسمي، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الثلاثاء دعمه الكامل لترشيح الكاردينال ساكو، واصفًا إياه بأنه "مرشح العراق والمنطقة" لقيادة الكرسي الرسولي.
وكتب السوداني في منشور على منصة "إكس""نؤكد دعمنا لغبطة الكاردينال لويس روفائيل الأول ساكو، بوصفه المرشح الوحيد من منطقة الشرق الأوسط ليخلف قداسة البابا الراحل فرنسيس، نظراً لما يتمتع به غبطته من حضور محلي ودولي، ولدوره في نشر السلام والتسامح."
وأضاف أن العراق بلد التنوع الديني العريق، مشيرًا إلى أن المسيحيين "تعايشوا عبر التاريخ مع بقية المكونات الدينية في وئام"، داعيًا إلى دعم ترشيح ساكو بوصفه رمزًا للسلام والوحدة في منطقة عانت من العنف والصراع الطائفي.
 

وولد البطريرك لويس ساكو في مدينة زاخو شمال العراق عام 1948، وسيم كاهنًا عام 1974، قبل أن يتدرج في المهام الكنسية والعلمية. حصل على دكتوراه في اللاهوت من الجامعة البابوية في روما، وماجستير في الفقه الإسلامي، ثم دكتوراه ثانية من جامعة السوربون في باريس.
وانتُخب مطرانًا لأبرشية كركوك عام 2002، ثم بطريركًا للكنيسة الكلدانية في العالم عام 2013، ويشغل منذ عام 2022 عضوية في المجلس الاقتصادي للفاتيكان.
ويُعرف ساكو بمواقفه المعتدلة الداعية إلى الحوار بين الأديان، وقد لعب دورًا مهمًا في دعم مسيحيي العراق خلال اجتياح تنظيم داعش للموصل وسهل نينوى، كما كان من الأصوات الكنسية البارزة التي نادت بالتسامح ورفض العنف الديني.
في حال انتخابه، سيكون لويس ساكو أول بابا من العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، ما يشكّل حدثًا رمزيًا غير مسبوق في تاريخ الفاتيكان. ويعتبر مراقبون أن فوزه سيكون بمثابة اعتراف دولي بأهمية الحضور المسيحي في الشرق، ورد اعتبار لمجتمعات دينية عانت من الاضطهاد في العقود الأخيرة، خصوصًا بعد هجمات داعش التي استهدفت الكنائس والمسيحيين في العراق وسوريا.
وتُعدّ الكنيسة الكلدانية، التي يتزعمها ساكو، من أقدم الكنائس الشرقية، وجزءًا من النسيج الحضاري والديني العراقي. وقد أسهمت خلال سنوات الحرب في تعزيز مبادرات الإغاثة والمصالحة المجتمعية.
وفاة البابا فرنسيس أدخلت الكنيسة الكاثوليكية في فترة حداد، لكنها أطلقت أيضًا سباقًا حيويًا لاختيار البابا الجديد. ويُتوقع أن يشارك 135 كاردينالاً دون سن الثمانين في المجمع المغلق الذي سيعقد في الفاتيكان خلال الأسابيع المقبلة، لاختيار الحبر الأعظم المقبل.
ورغم أن التوقعات الإعلامية تركز عادة على أسماء بارزة من أوروبا ومن اميركا اللاتينية، إلا أن تاريخ المجامع البابوية أظهر أكثر من مرة مفاجآت، كان آخرها انتخاب البابا يوحنا بولس الثاني من بولندا، ثم البابا فرنسيس من الأرجنتين.
يبقى ترشيح الكاردينال ساكو محط أنظار ليس فقط لمسيحيي العراق بل للمنطقة بأسرها، باعتباره خطوة نحو الاعتراف بدور الشرق في تاريخ ومستقبل الكنيسة. وفي حال تم انتخابه، فإن البابا الجديد لن يكون فقط زعيمًا دينياً، بل رمزًا عالمياً لتجاوز جراح الماضي وفتح صفحة جديدة من الحوار والتعايش.