كاريكاتير يضع مجددا لبنان أمام أزمة العنصرية

جبران باسيل يغرد بتصريحات عنصرية تؤذي اللاجئين السوريين والفلسطينيين، وهو ما يراه لبنانيون يأتي في إطار سياسة ممنهجة للهروب إلى الأمام وتوجيه الرأي العام على أساس أن مشاكل لبنان الاقتصادية سببها اللاجئون.
غضب شعبي بعد نشر محطة تلفزيونية كاريكاتيرا عنصريا

بيروت - أثار كاريكاتير عنصري نشرته قناة 'أو تي في' اللبنانية، غضباً كبيراً بين اللبنانيين بعدما سخرت فيه من اللاجئين والطلاب الأجانب في البلاد.
ونشرت القناة المحسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون أمس الأحد، كاريكاتير يُظهر عودة طالبين لبنانيين إلى المدرسة مع العام الدراسي الجديد، ليتفاجئا بأنها لم تعد تتسع للطلاب.
ويظهر في الكاريكاتير لافتة وضعت على باب المدرسة مكتوب عليها "نعتذر منكم المدرسة ممتلئة بالسوريين والعراقيين والفلسطينيين والهنود والزنوج والأحباش والبنغاليين".
وأشعل الكاريكاتير جدلا ونقدا واسعين من قبل ناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بإيقاف السياسة العنصرية التي تتفشى في البلاد والتي لا تشبه طبيعة الشعب اللبناني".
وفي وقت لاحق اعتذرت المحطة وحذفت الكاريكاتير عن موقعها، وأعلنت أنها ستوقف الفنان الذي قام برسم الكاريكاتير.
و قال اليوم الثلاثاء الناشط الحقوقي أدهم حسنية إن "اعتذار القناة وحذف الكاريكاتير وإيقاف الفنان، لا يلغي أن ما حصل يأتي في إطار سياسة ممنهجة للهروب إلى الأمام وتوجيه الرأي العام على أساس أن مشاكل العهد الحالي سببها اللاجئين".
وأضاف "هناك تضليل بالمعلومات وهذا ما يجعل المحطة وجميع الإعلام المطّبل للسياسة العنصرية يستخدمون خطابي العنصرية والكراهية لتشتيت النظر عن الكارثة الحقيقية لفشل العهد بإدارة البلاد ووقف الانهيار الاقتصادي والضغط على الليرة الذي نشهده".
وأوضح حسنية في دحضه للرواية العنصرية، أن "الوقت الدراسي للاجئين السوريين في المدارس الرسمية مختلف تماماً عن دوام الطلاب اللبنانيين".
ويقدر عدد الأجانب في لبنان من لاجئين ونازحين وعمال آسيويين وأفارقة بأكثر من مليونين، إلا أن لا إحصاء رسميا لم يكشف عن عدد الأجانب بشكل دقيق حتى الآن.
وبحسب التقرير السنوي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوجد في لبنان ما لا يقل عن مليون و700 ألف لاجئ سوري، بينما تقول الأمم المتحدة أنهم أقل من مليون.
ويعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا، في 12 مخيما و156 تجمعا بمحافظات لبنان الخمس، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية لعام 2017.

وكانت تصريحات وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، وصفت بالعنصرية، حول اللاجئين السورية والعمال الأجانب، قد أثارت بالأيام القليلة الماضية، غضب اللبنانيين.

ولم تكتفي التصريحات العنصرية بإيذاء اللاجئين السوريين والفلسطينيين، بل أساءت أيضا إلى فئة معتبرة من اللبنانيين، ما أثار حفيظتهم.

وعبر لبنانيون عبر تغريدات واسعة على التصريحات التي وصفت بـ"المتشددة"، لا تمثل كل اللبنانيين، حيث أثارت التغريدات تحركات الطبقة السياسية، ما دفع بعض الأحزاب المعارضة للحزب الحاكم  في لبنان لتوجيه انتقادات لاذعة طالت سياسات الحكومة ووزير الخارجية.

ووصف وزير الدولة السابق لشؤون المهجرين وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، تصريحات باسيل بالعنصرية، مشيرا إلى أنه يستهدف بتصريحاته المستمرة الفلسطينيين والسوريين.

وتعكس هذه الأحداث الأخيرة التي تنادي بالعنصرية من منابر إعلامية محسوبة على الحكومة اللبنانية فضلا تصريحات عنصرية على لسان وزير الخارجية وصهر الرئيس اللبناني وزعيم حزبه الحاكم (التيار الوطني الحر)، تحول لبنان إلى فضاء يتسع فيه الخطاب العنصري.

ولبنان الذي طالما كان واحة للديمقراطية وعاصمة للثقافة وقبلة المضطهدين وكان ملاذا لأصحاب الهموم من فلسطينيين وسوريين، ومستقرا لأهل الفن والفكر والسياسة على اختلافهم، تحول اليوم على إثر سياسات قلبتها رأسا على عقب، حيث أصبحت الخطابات العنصرية فيه إلى وجهة نظر لينبع من بيروت تغريد من بيروت تفوح من بعض اكبر ساستها من تيار اليمين المتطرف الذي بدات رقعته بالاتساع.

وأكدت تغريدات باسيل التي وصفت بالشعبوية والعنصرية، هذا التغير الذي طرأ على لبنان، فقد أعادت هذه المواقف قضايا العنصرية والطائفية إلى واجهة الشارع اللبناني من جديد.