كبار مشتري النفط الإيراني يتكيفون مع الإعفاءات الأميركية

طهران تتلقى ضربة موجعة بعد أن أوقف أو قلّص كبار مشتري النفط الإيراني من وارداتهم في الأشهر الأخيرة تحسبا لإنهاء واشنطن الاعفاءات التي منحتها لثماني دول.  

إنهاء العمل بالإعفاءات يقلّص الصادرات الإيرانية بواقع 900 ألف برميل يوميا
كل المؤشرات تجمع على أن إمدادات النفط لن تتأثر بالعقوبات الأميركية
الصين تنتقد إنهاء واشنطن للاعفاءات لكنها تهيأت له مسبقا

سنغافورة - يشير محللون وبيانات التجارة إلى أن المشترين الآسيويين للنفط الخام الإيراني في وضع يؤهلهم للتغلب على قرار الولايات المتحدة بإنهاء العمل بالإعفاءات من العقوبات الأميركية إذ برهن هؤلاء المشترون على أن بوسعهم الاستمرار بدونه في الوقت الذي يمتلك فيه المنتجون في أنحاء العالم القدرة على تعويض الأسواق عنه.

وكانت الولايات المتحدة طالبت مشتري النفط الإيراني يوم الاثنين بالتوقف عن الشراء بحلول مايو/أيار المقبل وإلا فستُفرض عليهم عقوبات منهية بذلك إعفاءات استمر العمل بها ستة أشهر وسمحت لأكبر ثمانية مشترين للنفط الإيراني وأغلبهم في آسيا، بمواصلة استيراد كميات محدودة.

وجاء هذا الإعلان في فترة تشهد فيها السوق تقييدا للمعروض إذ عمدت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون كبار آخرون من بينهم روسيا إلى الحد من المعروض منذ شهر يناير/كانون الثاني لدعم الأسعار.

وقد ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت في المعاملات الآجلة إلى 74.69 دولار للبرميل اليوم الثلاثاء مسجلا أعلى مستوى له هذا العام. وسيؤدي ارتفاع أسعار الخام إلى زيادة تكلفة الوقود على الدول الآسيوية.

وأكبر أربعة مشترين للخام الإيراني هم الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. ورغم ارتفاع التكلفة فمن المستبعد أن يحدث نقص في المعروض.

وقال بنك غولدمان ساكس الاستثماري يوم الاثنين إنه من المنتظر أن يؤدي انتهاء العمل بالإعفاءات إلى انخفاض الصادرات الإيرانية بواقع 900 ألف برميل يوميا.

وتعمل على تعويض ذلك وزيادة طاقة الإنتاج الفائضة "المتاحة على الفور" لدى منتجين من بينهم السعودية والإمارات وروسيا والتي تبلغ حوالي مليوني برميل يوميا وقد ترتفع إلى 2.5 مليون برميل يوميا في العام المقبل.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بيان عن نهاية العمل بالإعفاءات، إن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ستضمن تزويد أسواق النفط باحتياجاتها بالكامل.

وبعيدا عن تصريحات ترامب فإن أوبك وشركاؤها في اتفاق خفض الإنتاج (المنتجون من خارجها وعلى  رأسهم روسيا)، عبروا مرارا عن التزامهم بضمان عدم حدوث اضطرابات في سوق النفط العالمية.

وكانت السعودية قد أكدت يوم الاثنين على لسان وزير الطاقة خالد الفالح، أن المملكة ستجري مشاورات مع الدول المنتجة للنفط في هذا الشأن وأن الرياض ستعمل على ضمان عدم حدوث خلل في الإمدادات.

الصين أكبر مشتر للنفط الإيراني وضعت بدائل لتعويض وارداتها النفطية من طهران
بكين وضعت بدائل اخرى لوارداتها من النفط الإيراني

وقال مات ستانلي السمسار لدى شركة ستارفيولز في دبي "الولايات المتحدة برهنت تماما على قدرتها على ملء أي فراغ ينجم عن العقوبات"، مضيف أنه حتى إذا انخفض الإنتاج الأميركي فإن "السعودية والإمارات ستضمنان زيادة الإنتاج لتعويض أي خسارة في الإمدادات من إيران".

وقد رفع المشترون الآسيويون الرئيسيون الأربعة للنفط الإيراني وارداتهم في مارس/آذار وأبريل/نيسان تحسبا لانتهاء العمل بالإعفاءات. وقبل ذلك برهنت الدول كلها على أنها قادرة على خفض مشترياتها.

وقبل فرض العقوبات، كانت إيران رابع أكبر الدول المنتجة للنفط في أوبك وكان إنتاجها نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا، غير أن صادراتها في أبريل/نيسان الجاري انكمشت إلى حوالي مليون برميل يوميا وفقا لبيانات رفينيتيف لتتبع السفن وبيانات المحللين. وأكبر دولتين بين مشتري النفط الإيراني هما الصين والهند.

ويوم الاثنين، انتقدت الصين القرار الأميركي، لكن بيانات التجارة تظهر أن بوسعها التكيف مع انخفاض الواردات من إيران.

وأوضحت بيانات متابعة حركة السفن في رفينيتيف أن واردات النفط الخام في الصين من إيران بلغت 500 ألف برميل يوميا في المتوسط منذ بداية 2019 انخفاضا من الذروة التي بلغتها العام الماضي عند 800 ألف برميل يوميا أي أنها أصبحت تمثل خمسة بالمئة فقط من إجمالي واردات النفط الخام.

الهند قلّصت مشترياتها من النفط الإيراني إلى 300 ألف برميل يوميا هذا العام انخفاضا من 750 ألف برميل يوميا في منتصف، فيما قلّصت الصين وارداتها النفطية من طهران من 800 ألف برميل يوميا إلى 500 ألف

واليوم الثلاثاء قال داي جياتشوان رئيس معهد الأبحاث بشركة النفط الوطنية الصينية، إن موردين آخرين قد يسدون العجز خاصة من الخام الأميركي.

وأشار إلى أن التقديرات تبين أن الإنتاج الأميركي من النفط الخام سيزيد هذا العام بما بين 1.6 و1.7 مليون برميل يوميا وأن هذا وحده سيتجاوز النمو المتوقع في الطلب العالمي على النفط والذي يتراوح بين 1.2 مليون و1.3 مليون برميل .

وقال داي إن استغلال الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى أوبك معناه "أنه لن يحدث نقص في الإمدادات في السوق".

والولايات المتحد في الوقت الحالي هي أكبر دول العالم إنتاجا للنفط إذ تضخ أكثر من 12 مليون برميل يوميا وتتجاوز صادراتها ثلاثة ملايين برميل يوميا.

كما عمدت الهند إلى تقليل مشترياتها من النفط الإيراني التي بلغت نحو 300 ألف برميل يوميا هذا العام تمثل حوالي ستة بالمئة من إجمالي الواردات وذلك انخفاضا من الذروة التي بلغتها في منتصف العام الماضي عند 750 ألف برميل يوميا وفقا لبيانات رفينيتيف.

وقال دارمندرا برادان وزير النفط الهندي اليوم الثلاثاء إن بلاده يمكنها أن تلجأ للشراء من منتجين آخرين للتعويض عن غياب النفط الإيراني، مضيفا "مصافي التكرير الهندية مستعدة تمام الاستعداد لتلبية الطلب المحلي على البنزين ووقود الديزل وغيرهما من المنتجات النفطية".

وأظهرت بيانات رفينيتيف أن اليابان وهي من الحلفاء المقربين للولايات المتحدة، أوقفت واردات النفط الخام الإيرانية كلها بين نوفمبر/تشرين الثاني 2018 ويناير/كانون الثاني 2019.

وقد انخفضت الواردات منذ ذلك الحين لما دون 200 ألف برميل يوميا في المتوسط أي ما يعادل خمسة بالمئة من الطلب.

وقال هيروشيجي سيكو وزير التجارة والصناعة اليوم الثلاثاء إن تشديد العقوبات الأميركية لن يكون له سوى أثر محدود على اليابان.

كما خفضت كوريا الجنوبية وارداتها من النفط الإيراني بين أغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.

وفي العام الحالي، بلغ متوسط الواردات الكورية نحو 300 ألف برميل يوميا أغلبها من المكثفات وهي نوع خفيف للغاية من النفط يستخدمه كثير من مصافي التكرير في كوريا الجنوبية لصنع البتروكيماويات.