كتاب جديد يتابع دور مجلس الأمن خلال الأزمة السورية

الباحث السعودي سعد محمد الشواف يتناول العلاقات السياسية الدولية والنظام السياسي الدولي، من خلال دراسة أهم مؤسسة تنفيذية داخل الأمم المتحدة.
الباحث يضع ميزانًا سياسيًّا لثقل الدول الكبرى، وترجيحها للمواقف السياسية على حساب الأمن والسلم
مجلس الأمن نجح في حلّ العديد من الازمات ونزع فتيلها في أوقات حرجة

عمّان ـ يتناول كتاب "العلاقات السياسية الدولية.. ودور مجلس الأمن في إدارة الأزمات الدولية" للدكتور سعد محمد الشواف، كلًّا من العلاقات السياسية الدولية والنظام السياسي الدولي، من خلال دراسة أهم مؤسسة تنفيذية داخل الأمم المتحدة، وهي مجلس الأمن الدولي. ويحاول الشواف أن يدخل في عمق المواقف الدولية التي ارتبطت بهذه الأزمة، ومناقشاتها داخل أروقة الأمم المتحدة المسؤولة عن تحقيق الأمن والسلم العالميين، ويضع خلال ذلك ميزانًا سياسيًّا لثقل الدول الكبرى، وترجيحها للمواقف السياسية على حساب الأمن والسلم الدوليين.
ويأتي الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 294 صفحة من القطع الكبير، ويضم مقدمة وأربعة فصول وخاتمة. ويشير الدكتور الشواف في المقدمة إلى أن ميثاق الأمم المتحدة منح كلًّا من الجمعية العامة ومجلس الأمن الحق بالقيام بأدوار عديدة للعمل على تسوية المنازعات الدولية التي تنشأ بين أعضاء الأمم المتحدة سياسيًّا وسلميًّا. وكذلك أجاز للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة، أن تنبّه الجمعية العامة أو مجلس الأمن، إلى وجود أي نزاع دولي قد تكون طرفًا فيه، إذا كانت تقبل مقدمًا بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة. وهذا يعكس أهمية دور مجلس الأمن في حل المنازعات التي تقع بين الدول الأعضاء بالطرق السلمية والوديّة.

المؤلف يلفت الانتباه إلى أن حق النقض (الفيتو) الذي تمتلكه خمس دول داخل المجلس يؤثر على فاعليته في حل النزاعات الدولية

وقد مكن هذا الأمر الأمم المتحدة من حل العديد من النزاعات الدولية سلميًّا؛ فقد نجح مجلس الأمن في حلّ العديد من الازمات ونزع فتيلها في أوقات حرجة، كما حصل في حصار برلين (1949) وأزمة القذائف الكوبية (1962). لكنه بالمقابل أخفق في حل عدد من هذه المنازعات بالطرق السلمية، منها: القضية الفلسطينية منذ العام 1948، والنزاع العراقي– الكويتي عام 1990.
ويتناول الفصل الأول من الكتاب إدارة مجلس الأمن للأزمات الدولية، فيدرس تكوين هذا المجلس وماهيته، وإجراءاته ونظام التصويت فيه، واستعمال حق "الفيتو"، ووسائل حل المنازعات وآلياتها وتدابيرها، وما يتصل بذلك من علاقات دولية نشأت في ظل النظام العالمي الجديد، وطبيعة العلاقات بين القوى الكبرى المؤثرة في عمل المجلس.
أما الفصل الثاني فيتناول طبيعة الأزمة السورية والقوى المحلية والإقليمية والدولية المؤثرة فيها. ويرصد تطوراتها في المشهد السياسي الدولي، كاشفًا النقاب عن الاختلال السياسي الدولي في التعامل مع الأزمات السياسية، وهو اختلال ناجم عن الاستخدام غير العادل لنفوذ الدول الكبرى وثقلها؛ لتحقيق مصالحها على حساب الأمن والسلم الدوليين. ويظهر الكتاب أن بوصلة الأمم المتحدة قد انحرفت مع حسابات الدول الكبرى عن الغاية الأساسية من وجود المنظمة الدولية؛ التي هي بالأساس تحقيق الأمن السلم الدوليين.
ويحلل الفصل الثالث موقف مجلس الأمن الدولي وقراراته تجاه تطورات الأزمة السورية، عبر سرد مجموعة من التفاصيل التي رافقت الأزمة، ومحاولات مجلس الأمن استصدار العديد من القرارات لإدانة بعض أطراف النزاع، والضغط عليها من أجل حل الأزمة، إلا أن قوى دولية مؤثرة، كروسيا والصين، وفرت الغطاء السياسي للأطراف المدانة، وقامت باستخدام حق النقض (الفيتو) بشكل متكرر لمنع إصدار قرارات بعينها.
ولم يمنع (الفيتو) الروسي الصيني محاولات الأمم المتحدة لحل الأزمة، فقامت بتعيين مبعوث أممي جديد إلى سوريا، في محاولة لمعالجة انسداد الأفق السياسي هناك بعد أن دخلت الأزمة أتون الصراع المسلح، ومحاولة كل طرف انتزاع ما لم يتمكن من انتزاعه من خلال الطرق الدبلوماسية.
ويخلص الفصل الرابع إلى إلقاء نظرة تفصيلية على معطيات البيئة الدولية المؤثرة في آليات عمل ومجلس الأمن تجاه الأزمة السورية، من صراع بين القوى الدولية كأميركا وروسيا والصين، ومواقف هذه القوى وانعكاساتها على عمل المجلس، وما تمخض عن ذلك من مسؤوليات حماية ومبادرات واتفاقات ومناطق آمنة.

ويرى المؤلف في خاتمة كتابه أن التوافق بين القوى الدولية الفاعلة في النظام الدولي حول قضية من القضايا والأزمات الدولية، يشكل محددًا رئيسيًّا في قيام مجلس الأمن الدولي بدوره الفاعل في اتخاذ الإجراءات القانونية لحل النزاعات، أو عدم القدرة على التدخل في حل النزاعات الدولية في حال عدم التناغم والتوافق بين القوى الكبرى واتفاقها، مع الأخذ بالحسبان أهمية المصالح الاستراتيجية للدول الكبرى خلال الأزمة السورية في تسيير دفة المنظمة الدولية برمتها. 
وتعدّ مسألة التوافق بين أعضاء مجلس الأمن من الأمور المهمة والأساسية لتفعيل عمل المجلس، لا سيما إن كانت القضية المطروحة تتعلق بإصدار القرارات من المجلس، وتقتضي من الأعضاء التصويت لصالح القرار أو ضده، مما يعطي أهمية واضحة لضرورة الحصول على التوافق داخل المجلس، للوصول إلى قرارات عملية وفاعلة ومؤثرة في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
ويلفت المؤلف الانتباه إلى أن حق النقض (الفيتو) الذي تمتلكه خمس دول داخل المجلس يؤثر على فاعليته في حل النزاعات الدولية، وما حصل خلال الأزمة السورية بشكل صارخ، من خلال استخدام روسيا والصين للفيتو؛ لتعطيل قرارات بعينها، دليل على هذا التأثير السلبي في قدرة المجلس.
والدكتور سعد محمد سعد الشواف باحث سعودي الجنسية، حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية بالجامعة الأردنية في العام 2018، وهذا الإصدار هو الأول له.