كتاب يشرح شروط الكتابة للطفل وأسس تحليل المضمون

صلاح شعير يرى أن أهم ما يميز أدب الطفل هو كشف بعض الجوانب المعرفية، من خلال تقديم مادة شيقة مع التركيز على كيفية عرضها.
أدب الطفل وسيلة مكملة للخطط التنموية 
غرس القيم الإيجابية في وجدان الشعوب منذ بواكير الطفولة

القاهرة ـ صدر عن مكتبة جزيرة الورد للطبع والنشر والتوزيع  كتاب "أدب الطفل وقيم البناء" للأديب والخبير الاقتصادي د. صلاح شعير، والكتاب متاح للباحثين والمهتمين بأدب الطفل على موقع العبيكان الإلكتروني.
وترجع أهمية هذا الكتاب في تسليطه للضوء على  مرحلة الطفولة؛ بوصفها  من أهم المراحل المؤثرة في حياة الإنسان، والمجتمع، وهذا التأثير يمكن أن يكون  إيجابيًا أو سلبيًا، وذلك حسب البيئة التي ينشأ بها كل طفل. ومن ثمَّ يصبح الاهتمام بأدب الطفل وسيلةً مكملة للخطط التنموية ومن ثمَّ غرس القيم الإيجابية في وجدان الشعوب منذ بواكير الطفولة.
وقد تم اختيار أدباء مصر كعينة تمثل الأدب العربي المقدَّم للطفل، مقابل كل من روسيا، وفرنسا، وألمانيا، كدول متطورة في هذا المجال؛ للوقوف على مدى جودة أدب الطفل في عالمنا العربي مقارنةً بالدول الكبرى في هذا المجال؛ وذلك من خلال تقصّي وتحليل المضمون والقيم التربوية في النص الأدبي الموجه إلى الطفل. 

الرسالة التنويرية في أدب الطفل، تنطلق من جودة المحتوى، والذي يمثل حجر الزاوية في نشر الفكر الإيجابي عبر النص الأدبي

أهداف أدب الطفل: 
وأهم ما يميز هذا النوع الأدب هو كشف بعض الجوانب المعرفية للطفل، ومن خلال تقديم مادة شيقة مع التركيز على كيفية عرضها، وكذلك في التوجيه والإيحاء من خلال النص بأسلوب ميسر. معتمدًا على إشباع حب الاستطلاع لدى الطفل، لتنمية خياله، وإلى مخاطبته حول طبيعة الإنسان، والإنسانية عامة وإنجازاتها، وصولاً إلى استكشاف العوالم المختلفة حوله. وتأتي أهمية أدب الطفل في كونه مفتاح الولوج  نحو عالم الأدب ككل.
يحتوي أدب الطفل على عدة أهداف، وقد أشار إليها أحمد نجيب، في كتابه "دراسات في أدب الطفل، المضمون في كتب الأطفال"، دار الفكر العربي،1979م، ص47 -48).   
ومن هذه الأهداف: الناحية الثقافية؛ بهدف تقديم المعلومات والحقائق، ومن الناحية الخلقية؛ بهدف  تقديم الصفات الإيجابية، وتنفير الطفل من الصفات المذمومة، ومن الناحية الروحية: يجب يحقق أن أدب الطفل بالتوازن بين الاتجاهات المادية السائدة، وبين القيم الدينية، ومن الناحية الاجتماعية: يجب أن يعرَّف الطفل بمجتمعه، ومن الناحية القومية: أن يعرَّف الطفل بوطنه، ومن الناحية العقلية: أن يتيح للطفل فرصة لنشاط عقلي مثمر، للمساعدة علي التفكير بشكل علمي، ومن الناحية الجمالية، أن يستخدم الأساليب الجمالية من رسم ولغة وأسلوب لجذب انتباه الطفل، ومن الناحية الترويحية: أن يكون مشوقًا وممتعا للطفل، ومن ناحية بناء شخصية الطفل: يعمل على تكوين المعايير، والاتجاهات الصحيحة، وتقوية جانب الإرادة، وتبصير الأطفال بأنماط السلوك وأساليب البناء.  
الأسرة والمدرسة والطفل:  
ويرى المؤلف أن الأسرة هي الحاضنة الأوَّلية والأساسية لغرس الود وحب الخير وروح التعاون، وغيرها من قيم حضارية في عقل الطفل، ودعامة التنشئة الأسرية في أن تقوم على أسس تربوية سليمة، حتى يتم التأسيس لهذه المرحلة وفقًا للنماذج العلمية التي تضمن للمجتمع المردود الإيجابي، وبما ينعكس على شخصية الفرد عند الكبر، ومكمن الخطورة في أن أي قصور ناجم من قِبلْ الآباء والأمهات والمربين في تربية الطفل في بواكير حياته، سوف يكون مردوده سلبيًا، وَيصْعُب معالجته فيما بعد. 
 ولكن الأسرة ليست هي الجهة الوحيدة التي تقوم بعملية الإعداد والتنشئة، فالمدرسة تضطلع بدور كبير في بناء عقلية الطفل؛ لأنها تؤهله للتعامل مع المتغيرات الاجتماعية، والتطورات العلمية والتكنولوجية، وهذا يدعو إلى الاهتمام بالتعليم بصفة عامة؛ بهدف تشكل البنية الأساسية اللازمة لتنشئة الأفراد وصياغة أفكارهم، لأن المدرسة هي أكثر المؤسسات أهمية في عملية التنشئة والإعداد، ولا توجد مؤسسة مكافئة للقيام بمثل هذا الدور التربوي والعلمي.
ثم يأتي بعد ذلك  دور الاهتمام  بأدب الطفل  كضلع ثالث في تعزيز منظومة القيم لدى الأجيال الجديدة. على مستوى العالم، لأنه يمثل المادة الخام للتعليم والمتعة المباشرين، علاوة على ما يوفره من نصوص يمكن تحويلها إلى دراما أو أشعار تتحول إلى أغان.

وأدب الطفل من وجهة نظر المؤلف هو ذلك النوع النبيل من الفكر النظيف المغزول في نصوص أدبية متنوعة؛ من أجل إمتاع الصغار،  وتعزيز كل ما هو إيجابي في وجدانهم. ومن هنا يقترن الأمن الاجتماعي للدول والشعوب بمدى تكامل دور الأسرة والمدرسة  وكُتاب الأطفال؛ من أجل رعاية وتعليم وتثقيف الطفل. 
أدب الطفل وعلم النفس:

توجد علاقة وثيقة بين أدب الطفل بوصفه أحد فروع الأدب وعلم النفس، ويمكن فهم هذه العلاقة وفقا لمنطلقات علم النفس، وحسب مدرج  ماسلو للحاجات البشرية، تنقسم هذه الحاجات إلى ما يلي: الاحتياجات الفسيولوجية، احتياجات الأمان، الاحتياجات الاجتماعية، الحاجة للتقدير، الحاجة لتحقيق الذات.
وسوف يتضح أن الأدب يقع  ضمن الثلاث الاحتياجات الأخيرة للمدرج، فهو حاجة اجتماعية تصف وتعبر عن المجتمع، كما أن الحاجة إلى التقدير وأثبات الذات تتحققان أيضًا عند أضلاع المثلث الأدبي وهم كل من: المؤلف والقارئ والناقد. ومردود ذلك على الأطراف كافة هو الثقة حال النجاح في التعامل مع النص الأدبي.  
تشابك البناء الفني بالقيم التربوية: وعليه كان من الضروريّ الإشارة إلى محددات أدب الطفل، وأهمية البناء الفني في العمليّة الإبداعيّة كمدخل؛ لأنه بدون جودة الأدوات الفنية في بناء النص الأدبي سيتوقف الطفل عن القراءة.
وبعد ذلك تم الانتقال إلى تحديد المضمون والقيم التربوية بداخل النصوص الأدبية محل الدراسة. ويلزم للمضمون الجيد شرطان: أن يناسب مستوى الطفل، ومراحله العمرية، أن يصاغ بطريقة غير مباشرة تستهوي الطفل.
وتشير نماذج الأعمال الأدبية التي اختارها المؤلف إلى أن جودة المضمون، وقيم البناء في أدب الطفل، على اعتبار أن الرسالة التنويرية في هذا النوع من الأدب، تنطلق من جودة المحتوى، والذي يمثل حجر الزاوية في نشر الفكر الإيجابي عبر النص الأدبي، كوسيلة للارتقاء بالشعوب؛ لأن الاهتمام بالصغار؛ يمد المستقبل بكوادر مؤهّلة للبناء، وهو وسيلة من أجل إعداد أجيالاً تتمتع بسلامة الصحة النفسية، والاتزان الفكري، والقدرة على التفكير العلمي، وهذا النمط في التعامل مع الصغار يضمن استمرار الأمم المتطورة في التفوق، ويضع الدول النامية في طريق التقدم.