كردستان العراق بحاجة للتفاهم على السلطة قبل التفكير بعوائد الغاز

الخلافات التاريخية بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني قد تفوّت فرصة تعويض الإمدادات الروسية وجني عائدات ضخمة من تصدير الغاز.
تصدير الغاز الكردستاني إلى أوروبا يتوقف على توافق سياسي بين حزبيْ الإقليم الرئيسييْن
غاز كردستان يصطدم بصخرة الخلافات التاريخية بين أحزاب الإقليم
تصدير الغاز الكردستاني إلى أوروبا لا يخدم مصالح إيران
أربيل

يتنافس الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم بزعامة مسعود برزاني منذ فترة طويلة على النفوذ مع شريكه الأصغر في الائتلاف الحكومي، الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة عائلة طالباني.
وساهم الخلاف حول الغاز في تصاعد التوترات بين الطرفين في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد أن قدم الحزب الديمقراطي الكردستاني مرشحه لرئاسة العراق، وهو المنصب الذي يشغله عادة الأكراد من الاتحاد الوطني الكردستاني بموجب ترتيب لتقاسم السلطة.
ويروج رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، مسرور برزاني، لإمكانات تصدير الغاز من الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي كبديل للإمدادات الروسية، لكن الانقسام بين الحزبين الرئيسيين في المنطقة يشير إلى أن هذه الخطة حلم بعيد المنال في الوقت الحالي.
وبينما يطرح حزبه السياسي المشروع كجزء من حل لمشاكل الغاز في أوروبا، فقد عطله فعليا شريكه الإقليمي بعد أن اشتكى من استبعاده من المفاوضات مع الشركات والمشترين المحتملين.
 

لإيران نفوذ كبير في المنطقة قد يعرقل خطط تصدير غاز كردستان إلى أوروبا

ولا يملك إقليم كردستان حتى ما يكفي من الغاز لتلبية احتياجاته، إذ أن انقطاع التيار الكهربائي ظاهرة يومية.
ويترك هذا خطط تصدير الغاز الكردستاني عالقة في الوقت الحالي، مما يوجه ضربة لتطلعات الإقليم لزيادة عائدات الطاقة وتقديم دعم صغير للأسواق العالمية التي تكافح لتنويع الإمدادات.
ويمكن أن يؤدي المأزق أيضا إلى تقويض الاستقرار في شمال العراق، حيث تمتلك كل من العائلتين الحاكمتين قوات أمن خاصة بها.
وكانت الصعوبات الاقتصادية المتفشية بين الشباب الأكراد أحد العوامل الرئيسية وراء أزمة المهاجرين على حدود روسيا البيضاء في أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022.
وقال رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني لرويترز "إذا كنا حكومة ائتلافية، فيجب أن نقرر الأمور معا".
وقالت حكومة إقليم كردستان، التي يقودها الحزب، إنها تريد استخدام موارد النفط والغاز لصالح الجميع. وهو ما ينبغي أن يتفق عليه الجانبان إذ ينتج أكبر حقلين للغاز في العراق، خور مور وجمجمال الواقعيْن في أراضي الاتحاد الوطني الكردستاني حوالي 450 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا.
ولإيصال الغاز إلى الأسواق خارج العراق، فإن أسهل طريق هو الشمال إلى تركيا، عبر الأراضي التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني.
 

قصف بالصزاريخ الباليستية يصيب مقر فضائية كردستان 24
كثيرا ما يتعرض الإقليم لهجمات بالصواريخ والمدفعية من قوات الحرس الثوري الإيراني تحت ذرائع مختلفة

ويمتلك كونسورتيوم بيرل، المملوك بنسبة الأغلبية لكل من دانة غاز المدرجة في أبوظبي وشركة نفط الهلال التابعة لها، الحق في استغلال الحقلين. ويخطط الكونسورتيوم لزيادة الإنتاج إلى أكثر من الضعفين أي إلى نحو مليار قدم مكعبة يوميا في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يكفي لتغطية الاحتياجات المحلية.
ومع وجود احتياطيات مؤكدة تقدر بنحو 15 تريليون قدم مكعبة، يمكن أن يرتفع الإنتاج إلى 1.5 مليار قدم مكعبة يوميا، مما يترك كمية كبيرة متاحة للتصدير.
وفي العام الماضي، وقعت حكومة الإقليم بقيادة الحزب الديمقراطي عقدا مع شركة الطاقة المحلية كار جروب لمد خط أنابيب للغاز من الحقول إلى عاصمة الإقليم أربيل ومدينة دهوك في الشمال، قرب الحدود التركية.
وبمجرد وصول خط الأنابيب إلى دهوك، يمكن بسهولة تمديده لبضعة كيلومترات أخرى ليصل إلى تركيا، مما يمهد الطريق لتصدير الغاز إلى أوروبا.
 

رحلات برزاني إلى الخارج أزعجت الاتحاد الوطني الكردستاني الساعي لأن يكون شريكا في القرارت المتعلقة بالغاز

لكن طالباني اشتكى من أن الحزب الديمقراطي استبعد حزبه من المحادثات، ومن عدم وجود عملية مناقصة أو شفافية حول كيفية منح كار جروب عقد بناء خط الأنابيب.
وقال مسؤول كبير في كار جروب إنها وقعت عقدا مع وزارة الموارد الطبيعية بالإقليم في ديسمبر كانون الأول 2021 لتحديث ومد شبكة أنابيب الغاز إلى دهوك.
كما عرقل حزب الاتحاد الوطني حتى المرحلة الأولى من التوسعة التي تهدف إلى خدمة السوق المحلية، بعدما منع الفنيين من دخول حقول الغاز في المناطق الواقعة تحت سيطرته.
 

احتجاجات طلابية بإقليم كردستان
الوضع الأمني بالإقليم هش وقابل للانفجار في أي لحظة

وتلعب إيران، ذات النفوذ الكبير على جارتها، دورا مهما في إمكانية تقويض خطط التصدير.
وتكمن المفارقة في الصعوبة التي يواجهها إقليم كردستان لإنتاج ما يكفي من الكهرباء الذي يشهد انقطاعات متكررة، بينما يتم الحديث عن صادرات الإقليم من الغاز. 
ومن بين 13 محطة للكهرباء في كردستان، هناك خمس محطات تعمل بالغاز، وتعمل فقط بحوالي 50 إلى 70 بالمئة من طاقتها بسبب النقص. 
وذكر مسؤولون أكراد أنه ، لم يُبرم أي اتفاق مع تركيا حتى الآن فيما يتعلق بالصادرات، بينما لم تعلق الحكومة التركية على الموضوع.
غير أن رحلات برزاني إلى الخارج، والتي شملت زيارة إسطنبول أزعجت الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يريد أن يكون شريكا في القرار في جميع الأمور المتعلقة بالغاز، في مسعى لتجنب ما يعتبره أخطاء الماضي.
وبدأ إقليم كردستان مبيعات النفط المباشرة إلى الأسواق العالمية في منتصف عام 2015 بعدما اتهم الحكومة المركزية في بغداد بحرمان الإقليم من الأموال لدفع رواتب الموظفين العموميين والجيش، رغم أنه كان له دور فعال في هزيمة تنظيم داعش.
وتأتي معظم إيرادات حكومة كردستان من تلك الصادرات النفطية، والتي يقول حزب الاتحاد الوطني إن الحكومة التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي تُوزعها بشكل غير عادل بين المحافظات، وهو ما لم يعلق عليه الحزب الديمقراطي.