كلمتان بسيطتان: رحيل خامنئي

الطرق المسدودة العديدة التي تواجه الجمهورية الإسلامية في سياستها الداخلية والخارجية كانت تحمل قنابل موقوتة انفجرت في النهاية بشكل أبكر مما كان يعتقده الكثير من المتابعين للشأن الإيراني.

بقلم: محسن حيدريان

ترجمة: عادل حبه

 أدت حركة الاحتجاج الإيرانية العظيمة، بمشاركة غير مسبوقة وواسعة النطاق من جانب الشعب الإيراني، والقتل الوحشي وقمع المتظاهرين من ناحية أخرى، إلى تحول أساسي. ويمكن تلخيص هذا التحول  بكلمتين مختصرتين هما:

أولاً: يجب أن يرحل خامنئي

ثانياً: العصيان الخالي من الهدف واستخدام العنف في الحركة الشعبية لا يجري إلاّ في مصلحة استمرار وبقاء ولاية الفقيه. إن الطرق المسدودة العديدة التي تواجه الجمهورية الإسلامية في سياستها الداخلية والخارجية كانت تحمل قنابل موقوتة، انفجرت في النهاية بشكل أبكر مما كان يعتقده الكثير من المتابعين للشأن الإيراني. لقد أظهرت هذه الحركة الشعبية واسعة النطاق أن الأسس الأيديولوجية الدينية لهذا النظام والبنية التي أسسها خامنئي خلال ثلاثين عاماً من أن تستمر إلا عن طريق القمع وإشاعة الرعب.

أصبح بقاء هذا النظام الآن أمراً مستحيلاً، إلا من خلال استخدام القوة والاغتيالات السياسية والاستبداد المفرط. إن رش الجماهير العزلاء بالرصاص الحي والقتل والعنف المستمر في قمع هذه الحركة قد خلق فجوة لا يمكن التغلب عليها بين الدولة والشعب، والتي ستنهار مع أدنى انفتاح في الفضاء السياسي. مع هذا السلوك الهمجي، لقد أضحى طريق العودة إلى خامنئي مغلقاً باستخدامه هذا الطريق الهمجي. إن "مرشد" الجمهورية الإسلامية، باعتباره المحور السياسي وصانع السياسات لأهم مراكز السلطة، من القضاء والسجن والصوت والأمن إلى الأجهزة الأمنية، شكل أطول حكومة وأكثرها رعبا وكلفة في القرن الأخير من تاريخ البشرية. وبالتأكيد، فقد أصبح لا مفر منه التخلي عن ولاية الفقيه المطلقة.

في عالمنا الراهن وفي ظل صحوة الشعب الإيراني، لا يمكن لأي حكومة الاعتماد على العنف من أجل الحفاظ على الأجواء السلمية لمدة لا محدودة وطويلة الأمد. يمكن لمرحلة الإنهيار التام للولاية المطلقة للفقيه أن تؤدي إلى مرحلة تشكل وتكوين تحولات في الاصطفاف السياسي لمصلحة أنصار الحرية وحكم الشعب. ويعتمد تكوين وعزيز هذ الاصطفاف على توازن القوى السياسية في البلاد، وبالتأكيد سيتأثر بثقل ومصداقية واحترام الحركة الديمقراطية في الحياة السياسية للبلاد. وبالتالي، تعتمد على مصداقية الإصلاحيين وحفاظهم على حدود واضحة مع نظام ولاية الفقيه. وفي ظل غياب أحزاب سياسية قوية، فإن سلوك الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى في الداخل والخارج يلعب دوراً مهماً في تطوير هذا الحراك الشعبي.

إن الطغيان النفسي للجماهير المستاءة والغاضبة من ارتفاع الاسعار والمشاكل العديدة يدفع البعض إلى أن يلحق الدمار واشعال النار هو أمر مفهوم إلى حد كبير وهو إلى حد كبير تتحمل مسؤوليته الجمهورية الإسلامية. لذا فإن الحركات العفوية والانفجارية أمر لا مفر منها طالما أنه لا يمكن للناس أن يعبروا عن مظالمهم واحتجاجاتهم ومطالبهم بطريقة سلمية حتى يتم الاحتجاج السلمي والتجمع السلمي.

لهذا السبب ينبغي للمرء أن ينظر إلى هذه العمليات بفهم وتعاطف. لكن كطريقة للنضال، وبسبب عواقبها السلبية على وجه التحديد، يجب عدم تشجيع الشعب على اللجوء إلى هذه الأساليب. لأن مصير الشعب والبلاد لا يمكن أن بسلم إلى الناس الغاضبين في الشوارع. إن انتشار العنف هو وحده الذي يمكنه من كبح هذه الحركة الشعبية الجبارة. وإن النتيجة العملية لهذا النمط من الممارسات هي مواصلة الاستبداد وتقسيم الحركة.

إن التدمير وإشعال النار والعنف لا يؤدي إلاّ إلى إلحاق الضرر بالنضال السياسي من أجل الحرية والديمقراطية. إن المشاركة في مثل هذه الأعمال وأعمال الشغب العفوية على أمل السيطرة عليها وتوجيهها إلى حركة سياسية هادفة ما هيإلاّ أوهام اليائسين. لأنه في الممارسة العملية، ومن المرجح أن من يحرض أولئك الذين يقومون بمثل هذه العمليات الجماهير الغاضبة والتشجيع على التدمير والنهب لا يكمن هدفهم في الانخراط في عمل سياسي هادف. وعادةً ما تؤدي مثل هذه الممارسات، التي في أحيان كثيرة تحركها الأجهزة الخاصة للنظام، من أجل تعميق القمع في المجتمع وتعزيز العنف والميول المتطرفة والقمعية للنظام ولا تخدم شعار المطالبة بالحرية وحكم الشعب.

إن إيران على شفا عهد جديد لا رجعة فيه. وسيستمر نضال الشعب الإيراني حتى يتم تحقيق الحرية وإقامة الديمقراطية في نهاية المطاف، شريطة أن تتحد جميع القوى السياسية داخل البلاد وخارجها بهدف واضح هو إلغاء خامنئي على رأس الحكومة ومنع استخدام العنف وانتشار النضالات الشعبية السلمية.

كاتب إيراني