كنوز ثقافة الطفل العُماني في 'أراجيح تتأمل صورتها في النبع'
عمّان - يضمّ كتاب "أراجيح تتأمل صورتها في النبع/ النتاج الثقافي الموجه للطفل في سلطنة عُمان" مجموعةً من الدّراسات المتعلّقة بالنتاجِ الثقافيّ الموجَّه للطفل؛ تتناول الفضاء السردي في القصة المُوجَّهة للطفل، والقصص الموجَّهة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وصناعة شخصيات قصص الأطفال في زمن الألفية، والمبادرات الثقافية الموجَّهة للطفل، ومسرح الطفل العماني بين بواكير النهضة وتأكيد الحضور.
الكتاب نفسه أصدرته "مؤسسة بيت الزبير" في العاصمة العُمانية مسقط، عن "الآن ناشرون وموزعون"، في الأردن، وقد جاء في 338 صفحة، وراجعته فاطمة الشكرية.
أولى دراسات الكتاب جاءت بعنوان "الفضاء السردي في القصة المُوجَّهة للطفل/ قصص بسمة الخاطري أنموذجًا"، بقلم خلود البوسعيدي، التي قاربت تجربة الكتابة العُمانية للطفل من خلال ثلاث قصص للكاتبة بسمة الخاطري، متخيّرة النظر في الفضاء السردي والكشف عن دورهِ في تشكيلها، وأهمية ذلك في توجيه الطفل القارئ لعوالمها بما تحملُه من قيم أخلاقية وتربوية.
تاليًا تطالعنا دراسة بعنوان "المبادرات الثقافية الموجَّهة للطفل/ برنامج "هيا نقرأ" في جمعية العطاء الخيرية نموذجًا"، بقلم نورة الهاشمية، وقد خلصت إلى أهميّة "أن نعول على وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية بالعمل على رفع مستوى الوعي المجتمعي تجاه تنظيم المزيد من المبادرات التطوعية في مجال ثقافة الطفل، وأهمية تقديم الدعم لمثل هذه المبادرات لما لها من دور كبير في تحقيق التنمية المستدامة والنهوض بالمجتمع..".
من جانبه يبحث د. محمود كحيلة في "مسرح الطفل العماني/ بين بواكير النهضة وتأكيد الحضور"، مجترحًا في نهايتها مجموعة من التوصيات، منها:
أن تخضع المادةُ التي تقدم للطفل إلى لجنة مراقبة من التربويين والمتخصصين أكثر انضباطا وجدية من اللجان الرقابية التقليدية. كما يجب ألا يخلو نص يقدم للطفل من موعظة والأمر الأكثر صعوبة أن كل هذه المقومات التربوية والأخلاقية يجب أن توضع من دون مباشرة لكي نترك لهذا المتلقي شديد الذكاء فرصة أن يشعر بأنه اكتشف الأشياء بنفسه. والتعامل مع مسرح الطفل على أنه قضية أمن قومي وإنساني وليس درب من اللهو أو الترف والرفاهية كما هو معمول به الآن، ومن ثم تدفع جميع الهيئات الحكومية والكيانات الأهلية إلى وضع هذا الملف في المنطقة التي تليق به من الاهتمام القائم على الدراسة المنهجية والتخطيط؛ لأن الطفل الذي سيتمتع في باكورة طفولته بهذه الرعاية الفنية والثقافية سيكون أفضل الناس حبًا للوطن وانتماء إلى الإنسانية بكل ما تنطوي عليه من قيم ومبادئ ترتبط بالتسامح والمرونة وقبول الآخر.
وقدّم محمد شمشاد عالم القاسمي "دراسة تحليلية انتقائية في قصص موجهة للطفل"، واصلا في نهاية دراسته إلى جملة من النتائج، منها: كانت بداية قصص الأطفال في سلطنة عُمان بالمعنى الحديث عام 1992 حينما قامت لجنة الطفولة في وزارة الشؤون الاجتماعية – وزارة التنمية حاليًا- بطباعة قصة "الشمار صابر" للدكتورة طاهرة اللواتي، وقصة "مريم في الطوي" للدكتورة فاطمة أنور اللواتي. المراحل التي مرت بها قصص الأطفال في سلطنة عُمان في مسار تطورها ثلاث: الأولى مرحلة التأسيس: 1992-1996، والثانية مرحلة ما بعد التأسيس: 1996-2006، والثالثة هي المرحلة المعاصرة: منذ 2007 حتى الآن.
وتحت عنوان "التحدّي والاستجابة في القصص الموجَّهة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة" جاءت دراسة الباحث يونس بن علي بن سالم المعمري، الذي اجترح في ختام دراسته مجموعة من التوصيات، منها: دعوة الكتّاب المهتمين بكتابة القصص الموجَّهة للأطفال ذوي الإعاقة لاستثمار نظرية التحدي والاستجابة بشكل أعمق في قصصِهم، وعلى مستوى الإخراج الفني للقصة أوصى الباحثُ الكتّابَ ودور النشر المهتمين بكتابة القصص الموجَّهة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، أوصاهم بالاهتمام بتناسق عنوان النص وصورة الغلاف وبقية العناصر الفنية مع توجهات النظرية، لأن ذلك سيعين أولياء الأمور في الوصول لهذه القصص، وسيوجه برسالات إيجابية للأطفال المستهدفين. كما أوصى الباحثُ الكتّابَ الذين يكتبون للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بأن يبروزا التحديات والاستجابات بصورة أوضح في قصصِهم.
كما تضمن الكتاب دراسة للباحثة ليلى عبدالله، بعنوان "صناعة شخصيات قصص الأطفال في زمن الألفية/ قصص الكاتبة أمامة اللواتي نموذجًا"، مبيّنة أن "أغلب شخصيات الكاتبة أمامة في قصصها شخصيات بعيدة عن شقاوة الطفولة، وغير متمردة، بل تتمتع بقدر من الجدية والصرامة والنضوج كما لو أنها موجهة من قبل شخص كبير، كما لو أنها تسير على وفق خطة معينة".
وتضّمن الكتاب دراسة للباحث الراحل الدكتور محمد الغزي بعنوان "الواقعيّة الخرافيّة أو الانتصار على الشرّ/ مسرحيات الكاتب عبد الرزاق الربيعي نموذجًا"، ختمها بالإشارة إلى أنّ قيمة "مدوّنة الربيعي المسرحية تكمن في تعاملها مع التراث بوصفه نواة معنويّة ورمزيّة قابلة للتطوّر والتناسخ والتوالد، لم ينظر إلى الحكايات الشعبية بوعي ساكن، وإنما تعامل مع تلك الآثار بوعي حركيّ فاستولدها ودفعها إلى إنتاج ذاتها من جديد".
واختتمت الباحثة شيخة عبدالله الفجرية دراسات الكتاب بدراسة عنوانها "بائع الحكايات في عُمان قديمًا"، رأت فيها أنه كلما تنوعت وتعددت أساليب بث الحكاية، ترسخت هذه الحكاية في عقول الناس وقلوبهم. وكشفت عن نموذج غير معروف للبحث الأكاديمي، فهو ما يزال مجرد نموذج شفاهي، تتناقله الأمهات والجدات في نطاق محدود. وبذلك؛ تحقق الحكاية الشعبية العمانية، شروط الديمومة، ويمكن إعادة صياغتها لتسهم في رفد الإنتاج الدرامي الإذاعي والتلفزيوني؛ وحتى السينمائي كذلك. وأوصت بمسح شامل للحكايات العمانية الشفهية المتوارثة، ليمكن تصنيفها حسب الإعلان التشويقي المنبعث من لسان بائع الحكايات.