"كوب 28" تسابق الزمن لحسم مصير الوقود الأحفوري

وزير النفط الكويتي ينتقد خلال اجتماع وزراء الطاقة بالدوحة ما وصفه بـ"الإصرار غير العادي" على حرمان الشعوب والعديد من الدول أكثرها في العالم النامي من مصدر أساسي للطاقة، متحدثا عن شراهة الغرب عموما في الاستحواذ على الاقتصاد والمكانة المتقدمة.

دبي - تتجه قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ 'كوب 28' نحو التمديد لوقت إضافي اليوم الثلاثاء حيث ينتظر المفاوضون مسودة اتفاق جديدة بعد أن انتقدت دول عديدة النسخة السابقة باعتبارها ضعيفة للغاية لأنها أغفلت "التخلص التدريجي" من الوقود الأحفوري، فيما أبدى عدد من وزراء النفط العرب المشاركين في مؤتمر الطاقة العربي الـ12 في الدوحة معارضتهم التامّة لمحاولات إدراج الاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري في الاتفاق النهائي لمؤتمر المناخ.

وتحاول الدول المجتمعة في قمة دبي الاتفاق على خطة عمل عالمية للحد من تغير المناخ بسرعة كافية لتجنب المزيد من الفيضانات الكارثية والحرارة القاتلة والتغيرات التي لا رجعة فيها في النظم البيئية في العالم.

واقترحت مسودة اتفاق نهائي نشرتها دولة الإمارات التي تتولى رئاسة القمة الاثنين ثمانية خيارات يمكن أن تتخذها الدول لخفض الانبعاثات أحدهما كان "خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة من أجل تحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050 أو قبله أو في حدوده".

وستكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تشير فيها قمة الأمم المتحدة للمناخ إلى الحد من استخدام جميع أنواع الوقود الأحفوري.

لكن هذه الخطوة لم ترق إلى مستوى التخلص التدريجي من الفحم والنفط والغاز الذي طالبت به العديد من الدول أو التركيز على خفض استخدامها هذا العقد وهو ما يقول العلماء إنه ضروري لتجنب تصاعد تغير المناخ.

وكان المفاوضون ينتظرون نصا جديدا اليوم الثلاثاء عندما أوشك المؤتمر على الختام الساعة السابعة بتوقيت غرينتش رغم أن المندوبين قالوا إنه لا يمكن الانتهاء قبل الموعد النهائي. ونادرا ما تنتهي قمم مؤتمر الأطراف في الموعد المحدد.

وتعرضت المسودة لانتقادات باعتبارها ضعيفة للغاية من جانب مشاركين مثل أستراليا وكندا وتشيلي والاتحاد الأوروبي والنرويج والولايات المتحدة، من بين المجموعة المكونة من 100 دولة التي تطالب بالتزام صارم بتخلص العالم من الفحم والنفط والغاز.

وقال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي "الأغلبية العظمى من الدول تريد نصا أقوى... خفض تدريجي بهدف التخلص التدريجي على المدى الطويل أو التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري."

وقالت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا إن بلدها يريد نصا أقوى بشأن التخلص من الوقود الأحفوري، لكن النص يوضح أن الدول الغنية والفقيرة يمكن أن تفعل ذلك في أطر زمنية مختلفة.

وأفادت سيلفا للصحفيين حول مسودة الاتفاق بأن "أحد أوجه القصور هو أنه لا يؤسس لجهود للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري"، فيما أكد ممثلو الدول الجزرية الصغيرة إنهم لن يوافقوا على صفقة تمثل "حكم الإعدام" للدول الضعيفة الأكثر تضررا من ارتفاع منسوب مياه البحر.

وقال ماجد السويدي مدير عام المؤتمر اليوم الثلاثاء إن رئاسة القمة تريد إدراج إشارة "تاريخية" حول مستقبل الوقود الأحفوري في المسودة القادمة لنص الاتفاق المحتمل، لكن الأمر متروك لحوالي 200 دولة في المحادثات.

وأضاف أن رئاسة المؤتمر التي تتولاها الإمارات تعرف الآن "الخطوط الحمراء" التي لا يمكن تجاوزها بالنسبة لبعض البلدان المشاركة وسيتم إعداد مسودة أخرى تشمل "جميع العناصر اللازمة لوضع خطة شاملة تغطي الفترة حتى عام 2030".

"هذا التفكير العنصري والاستعماري المرفه عندما يمتد ليشمل اقتطاع أجزاء مهمة من اقتصاداتنا في المنطقة التي يعتمد عليها مستقبلنا شيء مرفوض تماما".

وتابع "في مؤتمر كوب هذا، نحاول أن نفعل شيئا لم يحدث من قبل، شيئا تاريخيا... جزء من هذا هو إدراج الوقود الأحفوري في النص. وإذا استطعنا، فسيكون ذلك تاريخيا" وفي إشارة إلى حالة المفاوضات، قال "لا تزال العديد من القضايا غير محسومة وهذا أمر طبيعي في هذه المرحلة".

وقال إن مسودة النص التي صدرت الاثنين وسط غضب بعض الدول المتقدمة والدول الجزرية الصغيرة كان من المفترض أن تكون نقطة انطلاق للمناقشات "وهذا ما حدث الفعل" مما أدى إلى محادثات استمرت طوال الليل تقريبا.

وأضاف "عندما أصدرنا المسودة الأولى من النص، تفاعلت الأطراف المعنية بسرعة وبدأوا في الإتيان بهذه الخطوط الحمراء... وقضينا الليلة الماضية نتحدث وتلقينا رد الفعل هذا الذي وضعنا في موقف يدفعنا إلى إعداد نص جديد".

وعبر أغلب وزراء النفط العرب المشاركين في مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر في الدوحة اليوم الثلاثاء عن رفضهم محاولات إدراج الاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري في الاتفاق النهائي لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ المنعقد في دبي.

وفي كلمته خلال الاجتماع الذي تشارك فيه منظمة البلدان العربية المصدرة للبترول 'أوبك' أكد وزير النفط الكويتي سعد ناصر حمد البراك "أفاجأ من الهجمة الشرسة لما يسمى 'فايزنغ اوت'، الاستغناء التدريجي، عن النفط وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة بهذه الشراسة التي ربما يقابلها الشراهة من الغرب عموما في الاستحواذ على الاقتصاد والمكانة المتقدمة.. وأتعجب من هذا الاصرار غير العادي لحرمان الشعوب ودول كثيرة أكثرها في العالم النامي من مصدر أساسي للطاقة".

وأضاف البراك "لذا هذا التفكير العنصري والاستعماري المرفه عندما يمتد ليشمل اقتطاع أجزاء مهمة من اقتصاداتنا في المنطقة التي يعتمد عليها مستقبلنا شيء مرفوض تماما وأتعجب كيف طالت المفاوضات إلى هذا الوقت" في مؤتمر المناخ.

واعتبر أن ذلك يشكل "محاولة هيمنة حتى على أفكارنا وقيمنا في هذا العالم أكثر من مرفوضة ومستهجنة ولا يمكن ان نستسلم لها باي صورة من الصور".

بدوره قال وزير النفط العراقي حيان عبدالغني إنه من غير الممكن الاستغناء عن استخدام النفط، مؤكدا أن "الوقود الاحفوري سيبقى هو المصدر الرئيس للطاقة في كل العالم".

وتوجه للدول المستهلكة للنفط بقوله إن "الدول العربية دول منتجة للنفط وليست منتجة للانبعاثات والانبعاثات تأتي من قبل المستهلكين وعليهم المساهمة معنا في تطوير التقنيات الخاصة في التقليل من آثارها على البيئة والمناخ".

وقال وزير النفط والبيئة والمبعوث الخاص للمناخ البحريني محمد المبارك بن دينه إن "علينا أن نفصل النفط والتعامل مع النفط تمامًا عن موضوع تغير المناخ". وأضاف أن "الوقود هو جزء أساسي من اقتصاديات ومدخول بعض الدول وعلينا أن نحافظ عليه"، ودعا إلى استهلاكه "بشكل متوازن" وخفض الانبعاثات وزيادة استخدام الطاقة المتجددة وتنويع الاقتصاد.

وحضر المؤتمر الذي انطلق الاثنين على مدى يومين في قطر الغنية بالغاز مسؤولون من الجزائر وليبيا وسلطنة عُمان بالإضافة إلى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.

وكانت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، من الدول الرئيسية المعارضة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ للاستغناء أو الخفض التدريجي لاستخدام الوقود الأحفوري عالي الانبعاثات الذي يعد مسؤولًا عن ثلاثة أرباع الغازات المسببة للاحترار العالمي.