كوة على مستقبل الشعر المغربي وأفاقه

تقديم وتوقيع الكتب الفائزة بجائزتي "أحسن قصيدة" و"النقد الشعري" للشعراء والنقاد الشباب.
عبدالهادي روضي: القراءة النقدية منحتنا فرصاً مُضَاعَفَةً للإنصات إلى جيل شعري جديد في بعض جغرافيات عالمنا العربي.
رهان على المغرب الشعري المتعدد، بأجياله وحساسياته، في مداشره ومدنه وقراه وصحرائه وجباله وبحره
"ملتقى حروف" في دورته الثانية يحتفي بأولى إصدارات الدار

مراكش (المغرب) ـ نظمت دار الشعر بمراكش، الجمعة 12 يوليو/تموز بفضاء القاعة الصغرى (المركز الثقافي الداوديات بمراكش)، الدورة الثانية لملتقى "حروف" والذي احتفى هذه المرة بإصدارات المتوجين بجائزتي النقد الشعري وأحسن قصيدة. 
المسابقة التي كانت قد أطلقتها دار الشعر بمراكش السنة الماضية 2018، وتوجت الفائزين بها ضمن فعاليات الدورة الأولى لمهرجانها الشعري (22-23-24 سبتمبر/أيلول 2018). ملتقى حروف فقرة جديدة ضمن البرمجة الشعرية لدار الشعر بمراكش، وتقليد سنوي، شكلت دورته الأولى محطة لتتويج المستفيدين من ورشات الكتابة الشعرية، وللاحتفاء بأصوات المستقبل، شبابا وأطفالا. فيما خصصت فعاليات الدورة الثانية، للاحتفاء بالمتوجين والمتوجات بجائزتي الدار الخاصة بـ "أحسن قصيدة" و"النقد الشعري"، والموجهة أساسا للشعراء والنقاد الشباب. 
"ملتقى حروف" في دورته الثانية وهو يحتفي بأولى إصدارات الدار، "إشراقات شعرية" والكتاب النقدي "معطف سوزان: مسالك المعنى في قصيدة النثر العربية الجديدة وأكوان متخيلها الشعري"، رهان كبير على مستقبل الشعر المغربي وأفقه، ويقع ضمن استراتيجية دار الشعر بمراكش، لربط المنجز الإبداعي بالخطاب النقدي.
قصائد الشعراء تحلق فوق سماء مراكش
اعتبر الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، أن "لقاء الاحتفاء بالمتوجين والمتوجات بجائزتي الدار الخاصة بـ "أحسن قصيدة" و"النقد الشعري"، والموجهة أساسا للشعراء والنقاد الشباب، لحظة مفصلية ولحظة ميلاد ثانية شكلت إصداراتها توسيع لهامش وكوة الأمل لأفق الشعر المغربي، من خلال جيل جديد من الشعراء والنقاد الشباب المغاربة، والذين اختاروا تأسيس أفقهم الخاص في اختياراتهم لمختلف أنماط الكتابة الشعرية". 
وسهر كل من الناقد عبدالعزيز بومسهولي (باسم لجنة التحكيم النقد الشعري) والشاعر صلاح بوسريف (باسم لجنة التحكيم أحسن قصيدة)، على تأطير هذا اللقاء وتقديم الشعراء وإصداراهم الجماعي "إشراقات شعرية" إلى جانب الكتاب النقدي "معطف سوزان: مسالك المعنى في قصيدة النثر العربية الجديدة وأكوان متخيلها الشعري"، وعبر المتدخلان عن ابتهاجهما بهذا اللقاء، وتقديرهما لوفاء دار الشعر بمراكش لالتزامها بطبع الأعمال المتوجة، في حلة قشيبة تزينها لوحات الفنان والخطاط لحسن الفرسيوي. كما أكدا أن مسيرة المتوجين تبدأ اليوم كي تسهم في إضفاء دماء جديدة تغني المنجز الشعري والنقدي في المغرب.
الخطاب النقدي الشعري: آفاق جديدة
قدم الناقد عبدالهادي روضي كتابه "معطف سوزان: مسالك المعنى في قصيدة النثر العربية الجديدة وأكوان متخيلها الشعري"، وهو الكتاب المتوج بالجائزة الأولى لمسابقة "النقد الشعري"، معربا عن سعادته بهذا التتويج وبإصدار كتابه. 
وأكد الناقد عبدالهادي روضي، والذي يزاوج بين الكتابة الشعرية والنقد الشعري، "إنَّ الأهم، هو أن هذه القراءة النقدية منحتنا فرصاً مُضَاعَفَةً للإنصات إلى جيل شعري جديد في بعض جغرافيات عالمنا العربي، جيل تتضاعف لديه جرعات الإيمان لكتابة الشعر بالنثر، والانتصار للشعر وتهريب أسئلته وهواجسه إليه، في زمن مفتوح على جرحنا العربي والإنساني.."، "إن نصوص قصيدة النثر العربية الجديدة التي فتحنا ممرات متسعة في هذه الدراسة للإنصات إلى جمالياتها، تكشف مجتمعة شعريةً وعي شعرائها بحدود اشتغالهم الشعري، ورهانهم الجمالي والإبداعي، ولأن الأهم في كل مغامرة شعرية هو قدرتها على تقديم الإضافة النوعية للإبداع،..".
وقررت لجنة نقد الشعر، المعينة من قبل إدارة دار الشعر بمراكش، والمكونة من النقاد: د. عبدالجليل الأزدي، ود. عبدالعزيز الضويو، ود. عبدالعزيز بومسهولي، منح جائزة النقد الشعري، لكتاب الناقد عبدالهادي روضي، والموسوم بـ "معطف سوزان"؛ "مسالك المعنى في قصيدة النثر العربية الجديدة، وأكوان متخيلها الشعري"، لاعتبارات نقدية ومنهجية تتمثل في: "توفر شروط التجربة النقدية"، و"انسجام الرؤية النقدية المؤطرة للبحث"، و"توظيف لغة نقدية، تستوعب المفاهيم الشعرية - النقدية"، و"توفر عناصر الجدة في تناولها لمختلف التجارب الشعرية في المشهد الشعري المغربي والعربي".
"إشراقات شعرية".. ديوان جماعي لأصوات المغرب الشعري
"إشراقات شعرية" ديوان جماعي لمجموعة من الشعراء المغاربة الشباب، توجتهم جائزة دار الشعر بمراكش "أحسن قصيدة"، في دورتها الأولى والتي أعلنت عن نتائجها بموازاة انعقاد الدورة الأولى لمهرجان الشعر العربي (22، 23، 24 سبتمبر/أيلول 2017)، تتويجا لمرور سنة عن تأسيس دار الشعر بمراكش والتي تأتي تفعيلا لعلاقات الصداقة والتعاون التي تجمع بين وزارة الثقافة والاتصال بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة بحكومة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة. ست وعشرون إشراقة شعرية تنضاف لمشهدنا الشعري المغربي الغني بمنجزه، جميعا يمثلون هذا المغرب العميق الذي ظل على الدوام يفرز أصواتا خلاقة في جميع مجالات الإبداع الإنساني. 
وينتمي الشعراء المتوجون في هذه الدورة الأولى إلى مدن: تاوريرت، العيون، تارودانت، طانطان، العيون، بوجدور، الدار البيضاء، دوار الحومة عمالة الفحص أنجرة، شيشاوة، مراكش، أيت ملول، القنيطرة، طنجة، الرحامنة، طاطا، بني ملال، شفشاون، تيفلت، الراشيدية، سلا، تالوين، أيت عبدي، جماعة تزارت، إقليم الحوز، وشاعر من دولة السنغال الشقيقة. 
وسجلت لجنة التحكيم "وعياً جمالياً بالشعر عند عدد مهم من الشعراء المتبارين، ووعودا مؤكدة بدخولهم معترك الكتابة الشعرية ورفدها بالإضافات الفنية والجمالية التي تستجيب لمتطلبات اللغة الشعرية. فقد أظهرت بعض النصوص قدرتها على إغناء مكونات لغة الشعر من تكثيف، وتلميح، وتوظيف جمالي لرموز التراث الإنساني، دون إخلال بإمكانيات التواصل مع المتلقي". 

تعددت القراءات الشعرية، في ليلة حروف، أصوات شعرية من الجيل الجديد ينتصرون لقيم الشعر وأفقه، وينفتحون على مختلف أنماط الكتابة الشعرية. محمد خويطي، عبدالمالك مساعيد، ابتسام الحمري، عمر الراجي، عبدالحق عدنان، منى عبدالسلام لعرج، مبارك العباني، محمد الأمين جوب، عبدالعالي أحمو، محمد شحلال، عبدالجليل العباسي، عبدالصمد الزوين، عثمان الهيشو، مريم كرودي، يونس المحتفظ، عبدالكريم بيكيش، عبدالرحمان آيت باها، عادل اضريسي، مصطفى البقالي، محمد بوغلال، حنان التوجي، الناجم بهي، إيمان الوافي، يوسف الحيمودي، الحبيب لجميعي، محمد علوش. 
قصائد هؤلاء الشعراء زينت ديوانهم الجماعي "إشراقات شعرية"، فيما تناوب على منصة القاعة الصغرى، في لحظة قراءات مائزة، الشعراء: محمد خويطي، عبدالمالك مساعيد، ابتسام الحمري، عبدالحق عدنان، منى عبدالسلام لعرج، مبارك العباني، محمد شحلال، عبدالجليل العباسي، عبد الصمد الزوين، مريم كرودي، عبدالرحمان آيت باها، عادل اضريسي، حنان التوجي، يوسف الحيمودي، ومحمد علوش.
ومن قصيدة "رَمَادُ الأَسَاطِيرِ" للشاعر عبدالمالك مساعيد نختار:
أَسَلٌ مِنَ الأَجْدَاثِ يَحْمِلُ
رَاحَتِي، وَآرَامَهَا - صَحْبِي عَلَيَّ مطِيُّكُمْ - أَسَلٌ
عَلَى الأَمْوَاهِ يُمْحِلُ
كُلَّمَا لَفَعَتْ مَدَاخِنَها يَدِي..
أَطْفُو عَلَى الأَطْرافِ،
أَتَيْتُ مُكَلَّلًا بِالغَارِ.
أَنَا صَبْرُ الصِّلَافِي
فِي خُطُوطِ النَّارِ..
ومن قصيدة "قالت المشكاة" للشاعر مبارك العباني:
سَألتُ: مَـا الحُـبُّ يا أنْــوارَ مِشْكاتي؟
قالتْ - وقدْ عَـجَّ قَـلْبي بالسُّـؤالاتِ -:
الحُـبُّ أنْ تَـسْكبَ الدَّمْـعَـاتِ مُبْـتَسماً
وأنْـتَ تَـسقي - بها في البِـيْـدِ - نَـبْـتَاتِ
وأنْ تُخَـفِّـفَ وَطْئاً قَـربَ سَـوسَـنَـةٍ
أوْ نَـمْـلَةٍ.. سَـمِـعتْ مِـنْ صَوتِـكَ اﻵتي
الحُـبُّ  أنْ تُـعْـطيَ المَحْـرومَ سُـنْـبُلـةً
وأنْـتَ تَحْـتَاجُ - مِـنْـها - بِـضْعَ حَـبَّاتِ
وأنْ تُـضَمِّـدَ مَـا في رُوحِ أرْمَـلَــةٍ
مِـنَ القُـرُوحِ وَمِـن كُـلِّ انْكِسَــاراتِ
أما الشاعر عبدالحق عدنان فقرأ "أُدْنِيكَ.."
أُدْنيكَ مِنّي قليلا كي نــذوبَ مـَــعـَـا
كيْ نـشربَ الليلَ والأحزانَ والوجعَا
أُدْنيكَ كيْ يسْتعيدَ الحبُّ مَلْمَحه
فينا ويرْسُــمَ فجرًا بَعْـدُ مـَا طَــلعَــا
لكيْ تعــودَ منَ المنْفَــى حــقـائِبــنا
أُدْنيكَ مهْمَا تناءَى الدَّربُ واتَّسَعا
لنُعْـلِــنَ الآن َللـتّأْويــلِ بيْـــعَتَــنـَا
ونرْتَقِي  جَبَلَ الأْحَلامِ  ما ارْتفَعا
لِقلْب ِكُلِّ يتيمٍ مَا رأَى فرحًا
أُدْنيكَ مِنْـهُ مَـواويـلاً لِيَبـْتدِعـَـا..
وكتب الشاعر عبدالعالي أحمو "نداء الشعر":
"على أي شيء تصطفينا النوازل
 وتأتي قلوب الناس وهي تغازل
تقلب أطراف الفؤاد كأنها
شرارة نار في اللظى تتمايل 
تحط على الوجدان وهي ثقيلة
تحاول أن تغتالنا وتحاول 
هو العنف أودى بالمحبة خلسة 
قتيل يناديه العقاب وقاتل 
تسامرنا الأحزان في كل دمعة
وتذعرنا في وقعهن القنابل 
وتهجرك الحسناء بعد تملق 
وتغضب منك اللائمات العواذل
ليلة "ملتقى حروف" لدار الشعر بمراكش، اختارت الشعر أولا وأخيرا، لحظة راهنة للقراءات، وأفقا يقدم صورة مصغرة على مستقبل أصوات شعرية شبابية مغربية. لتتعدى المسابقتين هدفها وترسم حراكا لافتا، استطاعت القصائد والشهادات أن تنبهنا لاستراتيجية دار الشعر بمراكش، في الرهان على المغرب الشعري المتعدد، بأجياله وحساسياته، في مداشره ومدنه وقراه وصحرائه وجباله وبحره. جغرافية المغرب الغنية، التقت في "حروف" القاعة الصغرى بالمركز الثقافي الداوديات، كي تفتح نوافذ شعرية مشرعة على المستقبل.