كورونا يضرب القطاعات الحيوية للاقتصاد التركي

الخطوط الجوية التركية تتوقع تراجعا حاد بأكثر من النصف في عدد الركاب بينما يئن قطاع السياحة تحت وطأة أسوأ أزمة، في وقت سجلت فيه أنشطة قطاع الصناعات التحويلية انكماشا.
لا مؤشرات على خروج قريب للاقتصاد التركي من حالة الركود
60 بالمئة نسبة تراجع متوقعة في عدد ركاب الخطوط التركية
تركيا تسجل انكماشا في الإنتاج وطلبيات التوريد الجديدة
الليرة التركية لا تغادر حالة عدم الاستقرار

اسطنبول - عمّق فيروس كورونا جراح الاقتصاد التركي الذي يواجه بالفعل حالة من الركود مع بيانات رسمية أشارت إلى أن أنشطة الصناعات التحويلية في انكمشت في مايو/أيار، بينما توقعت الخطوط التركية تراجعا حاد بأكثر من النصف في أعداد الركاب هذا العام بالمقارنة مع التوقعات الأولية، بينما تسببت إجراءات الغلق في ضرر كبير لقطاع السياحة.

وقال إلكر أيجي رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية التركية، إن الشركة تتوقع تعافيا بطيئا في الطلب العالمي بحلول نهاية أشهر الصيف، لكن سيكون هناك تراجع نسبته 60 بالمئة في أعداد الركاب هذا العام بالمقارنة مع التوقعات الأولية.

واستأنفت الناقلة التركية التي كانت تُسيّر رحلات إلى 126 دولة قبل تفشي فيروس كورونا، الرحلات المحلية اليوم الاثنين بعد نحو شهرين من تعليقها للحد من انتشار جائحة كوفيد-19. ومن المتوقع أن تعود بعض رحلاتها الدولية اعتبارا من العاشر من يونيو/حزيران، إلا أن كلفة إجراءات الغلق ستكون كبيرة.

وارتفعت أسهم الشركة 1.9 بالمئة بحلول الساعة 1125 بتوقيت غرينتش عقب صعودها 4.5 بالمئة عند الفتح اليوم الاثنين.

وفي مؤتمر عبر الهاتف يوم الجمعة، قال أيجي إن الشركة تتوقع أن الكيلومترات المتاحة للمقعد ستتراجع بنحو 55 بالمئة عن تقديراتها الأولية لهذا العام، مشيرا إلى أن الخطوط التركية تتخذ العديد من الإجراءات لخفض النفقات التشغيلية وتأمين السيولة.

وقال إن الشركة لديها خطوط ائتمان بنحو ملياري دولار متاحة من بنوك تركية لم يجر السحب منها، إضافة إلى ما لديها من سيولة بقيمة 1.8 مليار دولار.

أظهر مسح اليوم الاثنين أن أنشطة الصناعات التحويلية في تركيا انكمشت في مايو/أيار بسبب تبعات جائحة فيروس كورونا المستجد مع تسجيل انكماش في الإنتاج وطلبيات التوريد الجديدة مجددا وخفض الشركات للوظائف والمشتريات، لكن السلطات تقول إن وتيرة الانكماش في أنشطة المصانع تباطأت بالمقارنة مع أبريل/نيسان.

وقالت غرفة صناعة اسطنبول وآي.إتش.إس ماركت إن مؤشر مديري المشتريات للمصنعين ارتفع إلى 40.9 في مايو/أيار من 33.4 في أبريل/نيسان وظل بذلك دون مستوى الخمسين نقطة الذي يفصل النمو عن الانكماش.

وتراجع الإنتاج والطلبيات الجديدة بصورة حادة مجددا مع عرقلة الجائحة للأعمال وإضعافها للطلب على الرغم من قول بعض الشركات إنها استأنفت عملياتها.

وسجلت تكلفة مستلزمات الإنتاج وأسعار المنتجات تضخما متسارعا في ذات الفترة بسبب تراجع قيمة الليرة التي سجلت أدنى مستوى لها مقابل الدولار في مايو/أيار.

مقاعد فارغة على متن الخطوط التركية بسبب التراجع الحاد في عدد الركاب
مقاعد فارغة على متن الخطوط التركية بسبب التراجع الحاد في عدد الركاب

لكن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك أعرب عن توقعه تحقيق انتعاش قوي في المجال الصناعي خلال الربعين الأخيرين، مع انحسار وباء كورونا والالتزام بالتدابير المتخذة للحد من انتشاره.

وأشار  ورانك إلى ذلك في تغريدة على حسابه بتويتر الاثنين نشرها بخصوص ارتفاع مؤشر مديري المشتريات الصناعية التركي في غرفة صناعة اسطنبول خلال مايو/أيار بواقع 7.5 نقاط مقارنة بالشهر السابق لتصل إلى 40.9.

وأضاف "مع انحسار الوباء والالتزام بالتدابير المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا فإننا ننتظر انتعاشا قويا خلال الربعين الأخيرين"، في تفاؤل يناقض بالفعل واقع الحال وحتى البيانات الرسمية.

وتحاول الحكومة التركية التكتم على التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، مبدية تفاؤلها بتجاوز سريع لتلك التداعيات، مستعينة بدعاية مضللة تناقض كل التوقعات والمؤشرات.

وكان وزير الخزانة والمالية التركي براءت ألبيراق وهو صهر الرئيس رجب طيب اردوغان، قد اشاد الأسبوع الماضي بالنمو الذي حققه اقتصاد بلاده في الربع الأول من 2020 والبالغ 4.5 بالمئة.

وقال في تغريدة على حسابه بتوتير "الاقتصاد التركي حقق تميّزا إيجابيا مقارنة بباقي الدول"، مضيفا "آمل أن نتقدم بحذر أكبر في الربع الثاني الذي سنشعر خلاله بآثار الوباء، وسنشهد انتعاشا قويا في الفترات التالية".

وأعلنت هيئة الإحصاء التركية الجمعة الماضية الأرقام المتعلقة بالنمو والناتج المحلي الإجمالي للأشهر الثلاثة الأولى من العام.

وبحسب المعطيات التي تروج لها الحكومة التركية فقد حقق الاقتصاد نموا بـ4.5 بالمئة في الفترة بين يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار 2020.

وتحت وطأة الضغوط الاقتصادية أعادت تركيا الاثنين فتح البازار الكبير في اسطنبول المغلق منذ 23 مارس/اذار، فيما شرعت في رفع معظم القيود التي فرضت لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد.

وكل أربعاء في الأسابيع التي سبقت إعادة فتح البازار، كان عمال يقومون برش أرضيته وجدرانه وأعمدته بالمعقمات تماشيا مع القواعد الصحية التي فرضتها السلطات.

وتفرض مع إعادة فتح البازار، القواعد الصحية التي أصدرتها وزارة الصحة كالوضع الإلزامي للكمامة وإدخال عدد محدود من الأشخاص فقط إلى المتاجر.

تركيا تعيد احا وطأة الضغوط الاقتصادية فتح البازار الكبير في اسطنبول
تركيا تعيد احا وطأة الضغوط الاقتصادية فتح البازار الكبير في اسطنبول

ويخرج البازار الكبير الذي يضم نحو 3 آلاف متجر و30 ألف تاجر من أطول فترة إغلاق في تاريخه الممتد ستة قرون، باستثناء فترات الكوارث الطبيعية أو الحرائق.

وكان هذا السوق الشعبي وهو بين الأكبر في العالم، يستقبل قبل إغلاقه 150 ألف شخص في اليوم غالبيتهم من السياح.

وتأتي إعادة فتح البازار في إطار تخفيف معظم القيود المفروضة في تركيا للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد الذي أدى إلى وفاة 4500 شخص فيها من نحو 164 ألف إصابة مسجلة رسميا في البلاد.

وبات ممكنا اعتبارا من الاثنين، بموجب ذلك، للمكتبات والمطاعم والحضانات أن تفتح أبوابها وأصبح السفر بين المدن الرئيسية في البلاد والذي كان ممنوعا أو يخضع لقيود منذ شهرين، مسموحا به من جديد.

وسبق أن بدأت تركيا برفع بعض التدابير خلال الأسابيع الماضية مع سماح السلطات بإعادة فتح المراكز التجارية وصالونات تصفيف الشعر، لكن بقي العزل مفروضا حتى إشعار آخر على من تفوق أعمارهم 65 عاما ولمن هم دون 18 عاما. وتبقى الحانات والملاهي الليلة مغلقة أيضا ولن يسمح إلا بالحفلات في الهواء الطلق.

وبين المطاعم التي فتحت الاثنين فرع البازار الكبير من سلسلة مطاعم الطاهي التركي نصرت غوكشي المشهور بطريقته الغريبة في رش الملح على شرائح اللحم والذي يحظى بمتابعة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال غوكشي "اسطنبول عاصمة العالم وهنا البازار الكبير، المركز التجاري الأول في العالم"، وذلك بعدما شارك في مراسم إعادة فتح السوق بحضور محافظ اسطنبول.

وأكد يسار صابونجو بعدما فتح متجره الذي تمتلئ رفوفه بالتذكارات والأشغال اليدوية الجلدية "هز فيروس كورونا العالم، لكن ذلك لا يعني أن الأمور ستبقى على حالها. الحياة تستمر وننتظر الزبائن".

وحضر العديد من الزبائن إلى البازار بمجرد إعادة فتحه رغم أن عددهم كان أقل بكثير من المألوف قبل الإغلاق.

وبينهم زوجان جزائريان سائحان علقا في اسطنبول منذ مارس/اذار بسبب تعليق الرحلات الدولية. وقالت الزوجة سناء خضار "علمنا أن البازار يفتح اليوم وجئنا إلى هنا. هذه المرة الأولى التي نأتي فيها إلى هنا، هذا المكان رائع".