كورونا يضع تونس في نفق أسوأ انكماش اقتصادي

معهد الإحصاء في تونس يشير إلى أن اقتصاد البلاد سجل تراجعا تخطى في الفصل الثاني من العام 2020 20 بالمئة وقفزت نسبة البطالة من 15 الى 18 بالمئة.
165 ألف تونسي خسروا وظائفهم منذ بدء انتشار الوباء
كورونا يهدد باندثار 35 بالمئة من مؤسسات القطاع الخاص في تونس
تحذيرات في تونس من أن إجراءات الغلق الأخيرة ستعمق الأزمة الاجتماعية

تونس - وصف البنك المركزي التونسي الانكماش الاقتصادي المسجل في البلاد "بغير المسبوق" بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا في البلاد، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع الاجتماعي المتأزم أصلا.

ونبه مراقبون في تونس الى أن القرارات المتخذة مؤخرا من قبل الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد ستزيد من تعميق الأزمة الاجتماعية خصوصا وأن الاقتصاد يواجه وضعا صعبا منذ ثورة 2011.

قرّرت السلطات التونسية فرض حظر تجول ليلي اعتبارا من الخميس الفائت وعلى مدى 15 يوما في ولايات تونس الكبرى للحد من انتشار العدوى بفيروس كورونا المستجد، وقد سجلت البلاد عشرين وفاة كمعدل يومي في الأيام الأخيرة.

تؤكد الحكومة على أنه لن يكون هناك عودة للإغلاق التام في البلاد مثل الذي أقرّ في مارس/آذار الفائت، معللة قرارها بأن الاقتصاد لا يحتمل.

وتشير الأرقام الرسمية لمعهد الاحصاء الى أن نسبة الانكماش الاقتصادي التي تسبب بها الوباء في الفصل الثاني من العام 2020 تخطت 20 بالمئة وقفزت نسبة البطالة من 15 الى 18 بالمئة.

وقدرت منظمة الأعراف في تونس أن الموجة الأولى لوباء كوفيد-19 في البلاد تسببت في خسارة حوالي 165 ألف مواطن عملهم، منبهة الى تواصل تداعيات الأزمة الاقتصادية مع عودة الفيروس للانتشار من جديد.

ويقول عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بشير بوجدي، "تشير تقديراتنا الى خسارة ما يقارب 165 ألف موطن شغله خلال الموجة الأولى من الوباء" ما بين مارس/آذار يونيو/وحزيران.

كما يضم القطاع غير المنظم 44 المئة من مجموع العاملين في البلاد بحسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء للعام 2019.

ويبين بوجدي أن حوالي 35 بالمئة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في القطاع الخاص "مهددة بالاندثار"، بينما 40 بالمئة من شركات الصناعات التقليدية على وشك الافلاس.

ويتابع "من المؤكد أن الموجة الثانية ستزيد من تعقيد الأمور لكن يجب المحافظة على أسواقنا والتحمس للإنتاج".

وأرفقت السلطات التونسية قرار الحظر الليلي بمنع الجلوس في المقاهي والمطاعم.

وعبرت كل من "الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المقاهي" و"الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المطاعم" في بيان الجمعة، عن "رفضهما القطعي" للإجراءات المتخذة بمنع استخدام الكراسي والطاولات بالمحلات الناشطة بولايات تونس الكبرى واعتبرتها إجراءات "مجحفة ستتسبب في قطع أرزاق 100 ألف عائلة تعيش من القطاعين وفي إفلاس عشرات الآلاف من أصحاب المحلات".

كورنا يفاقم معاناة التونسيين من الأزمة الاقتصادية
كورنا يفاقم معاناة التونسيين من الأزمة الاقتصادية

شمل الحظر الليلي ولايات أخرى على غرار بنزرت (شمال) وسوسة والمنستير الساحليتين ومناطق في ولايات زغوان (وسط) وتوزر وقابس (جنوب) والكاف (غرب).

ويقول صاحب مقهى في العاصمة تونس غاضبا من قرار الحكومة منع الجلوس حول الطاولات، "نحن مجبرون بهكذا قرار على الإغلاق من سيدفع رواتب؟" ستة من العاملين في المقهى.

بينما يفصح ياسر (22 عاما) وهو نادل في حانة ويعمل من أجل سداد مصاريف دراسته في اختصاص الاقتصاد "آخذ نصف الراتب وتم ايقاف نصف العاملين ولم يعد هناك بقشيش لأن عدد العملاء تناقص".

ويقول مجدي شبّار المشرف على مطعم وحانة في وسط العاصمة تونس "نخسر نحو 90 بالمئة من رقم المعاملات اليومي" بسبب حظر التجول الليلي.

مع إقرار الغلق التام في الموجة الأولى للوباء في مارس/آذار الفائت، أعلنت الحكومة حزمة مساعدات مالية منحتها الى العائلات المعوزة والفقيرة قدرتها بحوالي ستين يورو.

كما أقرت الحكومة السابقة وعودا بمساعدة الشركات المتضررة من الإغلاق بقيمة 700 مليون دينار (حوالي 235 مليون يورو) بالرغم من أن المالية العمومية تواجه صعوبات.

وكانت تونس احتوت الوباء تقريبا في نهاية يونيو/حزيران ورفعت معظم القيود خلال الصيف. لكن عدد الحالات المؤكدة بات حاليا يناهز 27 ألفا بينها 409 وفيات.

الى ذلك لم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من الحد من تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الى أن زادت الجائحة من تدهور الوضع وتفاقمت المديونية لدى المانحين الدوليين.

ونبه رئيس الحكومة الأسبق إلياس الفخفاخ في يونيو/حزيران الفائت إلى أن الدين الخارجي للبلاد "تجاوز الخط الأحمر" وبلغ 60 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي مع بلوغه نحو 30 مليار يورو.

ويحمل كثيرون مسؤولية انتشار موجة ثانية أشد من الأولى بكثير بشأن الوباء، إلى حكومة الفخفاخ الذي اتخذ حسب محللين قرارا خاطئا بفتح الحدود أمام عودة الجالية بالخارج، ما تسبب في عودة الوباء بغد أن تم السيطرة عليه تقريبا.