كورونا يقطع روابط التعاون الاقتصادي بين قطر وإيران

قطر التي تستورد حوالى 73 بالمئة من المواد الغذائية ومواد البناء من إيران، تمنع استقبال السفن في ميناء الرويس وتطلب من الركاب القادمين من إيران البقاء في منازلهم أو في منشأة للحجر الصحي.

الدوحة - أوقفت السلطات القطرية جميع صادراتها من إيران اليوم الاثنين بعد تفشي فيروس كورونا الذي وصل عدد المصابين الذين أعلنت السلطات الإيرانية عنهم داخل البلاد إلى 64 حالة فيما توفي 12 آخرين.

وفرضت الدوحة عدة إجراءات لمحاصرة تفشي فيروس كورونا الجديد شملت فرض قيود على دخول البلاد وفحص جميع السفن القادمة إلى موانئ حمد والرويس والدوحة، خاصة من البلدان التي أعلنت تسجيل حالات إصابة بالفيروس منها إيران التي أصبحت الحكومة القطرية تعتمد على صادراتها في السنوات الأخيرة بسبب المقاطعة الخليجية.
وأعلنت شركة مواني قطر (حكومية) في بيان أصدرته الاثنين، أنه سيتم تطبيق جميع الإجراءات الصحية على طاقم السفن القادمة للكشف عن الفيروس المستجد.
وأشارت إلى أنها اتخذت إجراءً احترازيا آخر يتمثل في منع استقبال السفن في ميناء الرويس بين الـ10 ليلا والـ7 صباحا.

ولجأت الحكومة القطرية لاستيراد السلع الإيرانية لتغطية النقص المتنامي في العديد من المواد والمنتجات ولتي تأثرت بفعل المقاطعة الخليجية المفروضة عليها منذ مطلع يونيو 2017.

وكنتيجة مباشرة للأزمة مع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر بسبب دعمها للإرهاب، اضطرت الدوحة إلى البحث عن بدائل لوارداتها من بالانفتاح على الأسواق الإيرانية والتركية إذ أوقفت تلك البلدان صادراتها لقطر.

وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقلات القطريين.

ويعاني الاقتصاد القطري منذ ثلاث سنوات من شلل كبير بسبب المقاطعة أدى إلى ارتباك النشاطات بسبب صعوبة توفير بدائل للسلع، التي كان معظمها يأتي من السعودية والإمارات، ويشمل إمدادات السلع الاستهلاكية ومواد البناء وصولا إلى قطع غيار السيارات والمعدات.

ورغم التحذيرات المتصاعدة من تدخلات إيران في المنطقة واصلت قطر تقربها من النظام الإيراني وزادت تعاونها معه وقد شكل اللجوء إلى استيراد السلع الإيرانية منفذا لمساعدتها ومساعدة اقتصاد إيران المنهار أيضا.

وتشكل المواد الغذائية ومواد البناء قرابة 73 بالمئة من الصادرات الإيرانية إلى قطر، وبعد الحصار بدأت طهران تصدير 1300 طن من المواد الزراعية يوميا إلى الدوحة.

وبعد المقاطعة الرباعية اتفقت قطر وإيران على إنشاء لجنة مشتركة للاتصالات والنقل لتعميق التبادل التجاري والنقل الجوي والبحري بين البلدين.

وفي 2018 أعلنت غرفة التجارة الإيرانية القطرية المشتركة عن استهداف رفع صادرات السلع إلى قطر حتى 900 مليون دولار في عام 2020، في حين كان الحجم التجاري بين البلدين يبلغ قبل المقاطعة 70 مليون دولار .

من جانبها، أعلنت الخطوط الجوية القطرية (حكومية) عبر بيان أنها ستطلب من الركاب القادمين من إيران وكوريا الجنوبية البقاء في منازلهم أو في منشأة للحجر الصحي لمدة 14 يوما؛ بسبب مخاوف من انتقال "كورونا" إلى البلاد.

ومن المتوقع أن يؤثر الفيروس المستجد على التبادل التجاري بين الدوحة وطهران في ظل غلق أغلب البلدان المجاورة لإيران لحدودها خوفا من تفشي المرض في وقت يعاني فيه الاقتصاد الإيراني أيضا من أزمة خانقة بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على النظام الإيراني.

hgYdvhkd
الإيرانيون لا يصدقون الأرقام الرسمية لعدد المصابين بالفيروس الخطير

وتأتي التدابير القطرية تزامنا مع اتّهام وجهه نائب إيراني عن مدينة قم، حيث أُعلن عن أول إصابات بالفيروس في إيران، للحكومة بـ"عدم قول الحقيقة" بشأن حجم انتشار الفيروس في البلاد.

ونقلت وكالة "إيلنا" الإيرانية القريبة من الإصلاحيين الاثنين عن النائب المحافظ المتشدد أحمد أمير آبادي فراهاني، قوله خلال جلسة برلمانية مغلقة بشأن الفيروس، أنه تحدث عن "50 حالة وفاة" فقط في قم فيما الحصيلة الرسمية على مستوى البلاد هي 12 حالة وفاة.

وقالت رئيسة تحرير وكالة "إيلنا" فاطمة مادياني "سائر وسائل الإعلام لم تنشر هذا العدد لكننا نفضّل عدم فرض رقابة على كل ما يتعلّق بفيروس كورونا المستجدّ لأن حياة الشعب بخطر".

وقال نائب وزير الصحة الإيراني إيراج حريرتشي في مؤتمر صحافي بثّته قنوات التلفزة "أنفي بشكل قاطع هذه المعلومة". وأضاف "هذه ليست لحظة للمواجهة السياسية، فيروس كورونا المستجدّ هو مشكلة وطنية".

من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي في المؤتمر الصحافي نفسه "نتعهّد بأن نكون شفافين في نشر الأعداد".

وتابع "سنعلن كل الأرقام المتعلقة بعدد الوفيات في كل أنحاء البلاد"، في حين تفيد الحصيلة الأخيرة لوزارة الصحة بأن الالتهاب الرئوي الفيروسي أودى بحياة 12 شخصاً في إيران من أصل 64 مصاباً.

ولا يثق عادة الشعب الإيراني بالأعداد والإحصاءات التي تقدمها الحكومة بسبب تكتمها عن الوضع في البلاد أمام تزايد الانتقادات الدولية لسياساتها القمعية المعهودة.

من جهتها أعلنت كل من الكويت والعراق والأردن وتركيا وقف الرحلات الجوية مع إيران، وتعليق منح تأشيرات الدخول للإيرانيين في المنافذ الحدودية لها في الوقت الراهن، إثر تسجيل حالات إصابة ووفيات في عدة مدن إيرانية رغم تكتم شديد من السلطات على الوضع.
وصباح اليوم، أعلنت الكويت إصابة 3 من مواطنيها بالفيروس إثر عودتهم من إيران، فيما أعلنت البحرين عن إصابة لمواطن عائد من إيران أيضا، فيما أعلنت السلطات العراقية عن تسجيل أول إصابة بالفيروس المستجد في مدينة النجف لمواطن إيراني دخل إلى البلاد قبل قرار منع دخول المواطنين الإيرانيين قبل ثلاثة أيام.
كما أعلن وزير الصحة التركي  فخر الدين قوجة عن توقيف مؤقت من جانب واحد لجميع الرحلات الجوية القادمة من إيران، مشيرًا إلى منع دخول 8 إيرانيين إلى البلاد يومي الجمعة والسبت لظهور أعراض كورونا عليهم.

ومن شان هذه التدابير الاحترازية أن تضاعف عزلة إيران أكثر في وقت يعاني فيه اقتصادها من شلل تام بسبب سياسة واشنطن القائمة على ممارسة “أقصى الضغوط” من خلال عقوبات واسعة النطاق.

ورغم إعفاء الغذاء والدواء من العقوبات المفروضة عليها إلا أن النظام الإيراني أصيب بالشلل بسبب عدم القدرة على التعامل من خلال النظام المالي العالمي، إضافة إلى قلة الموارد المالية لدى طهران.