كيف الخلاص من إرهاب الكلاب الضالة في مصر؟


الحد من انتشار الحيوانات الضالة والمؤذية خصوصا للأطفال يتطلب ايجاد حلول تتوافق مع رأي فقهاء الدين والقانون والمعايير الدولية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية.
الجدل حول الكلاب الضالة ينتقل الى البرلمان المصري
الإفتاء المصرية تبيح قتل الكلاب الضالة بشروط
جدل حول تصدير وبيع الكلاب المنتشرة في الشوارع
تشكيل لجنة حكومية لمواجهة خطر الكلاب الضالة
عمليات إخصاء الكلاب مكلفة جدا

القاهرة - استحوذت قضية التعامل مع الكلاب الضالة في مصر على حيز كبير في مواقع التواصل الاجتماعي وجلسات البرلمان للمرة الثانية خلال خمسة أشهر.
وتنغص الكلاب الظالة حياة العديد من المصريين في ظل تصاعد وقائع العقر ودعوات لتصدير الكلاب وأخرى لإخصائها، يقابلها رفض حقوقي.
وناقش البرلمان المصري الظاهرة، بعد أن تسببت كل الحلول المطروحة للقضاء عليها في جدل واسع بين المصريين وجمعيات الرفق بالحيوان.
وطفت النقاشات بقوة الى السطح بعد حالات عقر أثارت اهتماما كبيرا في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، خاصة أن اغلب المتضررين هم من الأطفال الذي عانوا من عدوانية وارهاب كلاب الشوارع.
وأصدرت دار الإفتاء المصرية مؤخرا فتوى تبيح قتل الكلاب الضالة شرط تهديدها لأمن المجتمع وسلامة المواطنين، وألا يكون القتل سلوكا عاما يتسلط فيه الإنسان على تلك الحيوانات.
وتم تسجيل 482.40 ألف حالة عقر عام 2018، مقارنة بـ423 ألف في 2017، إضافة إلى 32 حالة سعار، في 2018، مقارنة بـ65 حالة عام 2017 بحسب إحصاءات رسمية.
في سبتمبر/أيلول 2018، بدأت أزمة الكلاب تأخذ منحى جماهيريا وإعلاميا إثر تداول مقطع مصور على مواقع التواصل لشاب في منطقة بولاق الدكرور (غرب القاهرة) يمسك كلبا شرسا ويستوقف شخصا لترويعه وإذلاله والسخرية منه أمام عدد من المارة.

كلاب
تلحق الأذى بالمارة

في أكتوبر/تشرين أول 2018 سادت حالة من الذعر بين أهالي إحدى قرى محافظة الغربية (شمال)، بعد أن عقر كلب ضال 13 شخصا، بينهم أطفال، جرى تحويلهم إلى مستشفى للعلاج.
بعد تلك الواقعتين، تناول مجلس النواب (البرلمان) في أكتوبر/تشرين أول ظاهرة الكلاب الضالة.
وتحدثت وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان مارغريت عازر خلال الجلسة عن الاستفادة من الكلاب الضالة بتصديرها إلى دول تأكلها مثل كوريا الجنوبية.
وأضاف أن الكلاب الضالة في مصر لها تؤذي وتهاجم المارة في الشوارع وأصبحت نقمة على المصريين.
وأثار مقترح التصدير نقاشا واسعا، حيث اعتبره نواب خطوة جيدة تحقق عائدا ماديا، بينما اعترض حقوقيون ووزارة الزراع التابعة لها الهيئة العامة للخدمات البيطرية.
انتقدت منى خليل، ناشطة في مجال حقوق الحيوان، مقترح التصدير، وقالت إن المواطنين في كوريا الجنوبية يأكلون الكلاب "بشكل غير إنساني باقتطاع أجزاء من جسدها وهي على قيد الحياة، كما يتم حرقها في أحيان كثيرة".
واستنكرت خليل في تصريحات صحفية قتل الكلاب الضالة في الشوارع باستخدام السم.
في نهاية فبراير/شباط، تصدرت حادثة "طفل (منطقة) مدينتي" (شرق القاهرة) مواقع التواصل ووسائل الإعلام، إذ هاجمه كلب ما أصابه بجروح وعضات في أنحاء جسده إثر سحله على الأرض.
وقررت النيابة العامة التحفظ على الكلب.
 واستضاف وزير العدل المصري محمد حسام الطفل ووالده عقب ما أشيع عن أن صاحب الكلب يعمل قاضٍ.
واقعة "طفل مدينتي" تبعتها واقعة أخرى لشاب في مدينة الرحاب (شرقي القاهرة).
وأعقب الواقعتين اجتماع للجنة الإدارة المحلية في البرلمان بحضور وزيري الزراعة والبيئة يوم 5 مارس/آذار 2019.
وعقدت اللجنة جلسة للحوار المجتمعي ناقشت فيها تفاقم ظاهرة انتشار الحيوانات الضالة لإيجاد حلول تتوافق مع رأي فقهاء الدين والقانون والمعايير الدولية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية.
وقال رئيس اللجنة أحمد السجيني إنه لن يتم إغفال التوازن البيئي خلال البحث عن حلول تلتزم بها الحكومة.
وعرضت اللجنة خلال الجلسة صورا لمواطنين أغلبهم أطفال عقرتهم كلاب ما تسبب في وجود عاهات مستديمة لهم.
وقال وزير الزراعة عزالدين أبوستيت خلال جلسة برلمانية إنه يوجد في مصر حاليا حوالي 15 مليون كلب ضال، بخلاف كلاب أليفة يربيها مواطنون في منازلهم.
وقال إنه توجد آلاف الحالات لمواطنين عقرتهم كلاب، لكن تلك الحوادث لم تظهر للرأي العام.
وانتقد الوزير المصري دور جمعيات ومنظمات الرفق بالحيوان بقوله: "نعاني من الضجيج بلا طحين، من قبل بعض الجمعيات، ونحتاج إلى إسهام حقيقي، الكل يحمل الحكومة المسؤولية، نعم نتحمل المسؤولية، ولكن الإمكانات محدودة للغاية، ونتصرف بجهودنا وفق الامكانات المتاحة".
وشدد وزير الزراعة المصري على ضرورة تعديل بعض أحكام القوانين المنظمة لهذه الظاهرة المثيرة للجدل.
وقال خالد محجوب رئيس محكمة استئناف القاهرة إن قانون العقوبات يعاقب بالغرامة والحبس مدة لا تقل عن سنتين كل من قام باستعراض القوة ضد شخص باصطحاب حيوان يثير الذعر بقصد الترويع أو إلحاق أذى مادي أو معنوي، أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة، أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه.
وخلص الاجتماع الأخير للبرلمان إلى تشكيل لجنة حكومية تضم ممثلين عن وزارات الزراعة، التنمية المحلية، الصحة، الداخلية، والبيئة، وجمعيات حقوق الحيوان لمواجهة خطر الكلاب الضالة، وإصدار رؤية تنفيذية موحدة، خلال 45 يوما، لتطبيقها على أرض الواقع.
الإخصاء.. مكلف 
عقد البرلمان المصري في 12 مارس/آذار جلسة عامة للرد على طلبات إحاطة عن دور الطب البيطري في مواجهة ظاهرة كلاب الشوارع.
وقال الوزير أبوستيت خلال الجلسة إن عمليات إخصاء الكلاب مكلفة جدا، خاصة مع مراعاة مبدأ الرأفة بالحيوان، حيث نحتاج إلى استخدام "البنج" (المخدر)، وبالتالي تكلفة ذلك مع كل كلب تبلغ نحو 500 جنيه (أكثر من 28 دولارا). 
وأضاف أن ميزانية الخدمات البيطرية ضعيفة للغاية، إذ تبلغ حوالي 25 مليون جنيه (1.4 مليون دولار)، بينما طلبت الوزارة قرابة 650 مليون (حوالي 37 مليون دولار).