لا استكانة إيرانية ولا تهدئة إسرائيلية رغم ضغوط كورونا

كثيرون في إسرائيل يتساءلون عما إذا كانت إيران ستخفض فاتورة تدخلها العسكري في سوريا في ظل هذه الضغوط التي فرضها تفشي فيروس كورونا على النظام الإيراني.
أزمة كوفيد-19 لا تخفف من حدة خصومة إسرائيل مع إيران
إسرائيل تتحسب باستمرار لخطر إيراني داهم
إسرائيل تراقب تأثير كورونا على الوجود العسكري الإيراني في سوريا

القدس - هل تحمل الأزمة الصحية الضاغطة مع تفشي فيروس كورونا المستجد طهران على خفض انخراطها العسكري في سوريا؟، سؤال يشغل الأوساط الأمنية في إسرائيل حيث يتحتم على الحكومة الجديدة وضع إستراتيجيتها سعيا لإضعاف عدوها الأول في المنطقة.

وبعد أزمة سياسية استمرت عدة أشهر، تؤدي الحكومة الإسرائيلية الجديدة الخميس اليمين الدستورية بعد زيارة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو سيبحث خلالها الملف الإيراني وخطة السلام الأميركية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس، وزير الخارجية في الحكومة المقبلة.

وعلى الرغم من جائحة كوفيد -19، نسبت لإسرائيل ست ضربات على الأقل خلال الأسابيع الثلاث الأخيرة على أهداف مؤيدة لإيران في سوريا، أسفر بعضها عن قتلى.

ولا تنفي إسرائيل أو تؤكد مثل هذه الضربات لكن وزير الدفاع الإسرائيلي في الحكومة المنتهية ولايتها نفتالي بينيت وجه مؤخرا انتقادات لاذعة للطموحات الإيرانية في المنطقة، مؤكدا أن إسرائيل "ستواصل ضرباتها حتى تغادر إيران سوريا"، من دون تبني الضربات.

وأضاف "قد نستيقظ بعد عام ونجد أنفسنا تحت تهديد عشرة آلاف أو عشرين ألف صاروخ. ستكون المسألة مغامرة بالنسبة للإيرانيين، فهي ستكون على بعد ألف كلم من بلادهم، لكن بالنسبة لنا، إنها مسألة حيوية".

ولطالما اتهمت إسرائيل إيران بالسعي لامتاك سلاح ذري معتبرة أنها قد تكون هدفا لهذا التهديد.

وتتفق تل أبيب مع واشنطن على انتهاج سياسة "الضغوط القصوى" على إيران وهي تنظر باستياء إلى دعم طهران للنظام السوري في حربه ضد مقاتلي الفصائل المسلحة والجهادية، ما يسمح لها بتمديد نفوذها إلى الحدود الإسرائيلية السورية.

وتواجه إيران منذ مطلع العام عدة تحديات، بدأت مع مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في ضربة أميركية وانتشار فيروس كورونا المستجد الذي باتت البؤرة الرئيسية له في الشرق الأوسط مع تسجيلها أكثر من مئة ألف إصابة، وانهيار أسعار النفط الذي أفرغ صناديق الدولة.

ويتساءل كثيرون عما إذا كانت إيران ستخفض فاتورة تدخلها العسكري في سوريا في ظل هذه الضغوط.

ونقلت الصحافة الإسرائيلية مؤخرا اقتباسا غامضا نسبته إلى مصدر أمني قال "لأول مرة منذ تدخلها في سوريا، تقوم إيران بتقليص عدد جنودها وإخلاء قواعد لها في هذا البلد".

ورأى مصدر دبلوماسي أميركي أنه "سيكون من المنطقي أن تقوم إيران بتخفيض قواتها في سوريا من أجل إنفاق المزيد على شعبها الذي يعاني بشدة جراء كوفيد -19".

لكن إن كانت إيران تخفض وجودها حاليا في سوريا، فما السبب خلف قصف مواقعها في هذا البلد؟. يقول الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يادلين إن "الإيرانيين ما زالوا هناك"، مضيفا "لكنني أعتقد أنهم يبدلون تركيبة قواتهم وتمركزهم على الأرض" للاعتماد أكثر على مقاتلين محليين و"مليشيات شيعية".

وقال مصدر مطلع على الملف في القدس "إذا أخذت بوجهة النظر الإيرانية فإنني أنظر إلى سوريا وأقول لقد استثمرتُ كثيرا هنا ودفعتُ ثمنا باهظا، لا يمكنهم الانسحاب بسرعة من سوريا من دون جني الثمار التي يعتبرونها حقهم".

وأضاف المصدر "لا بد لهم أن يظهروا أن الأمور مستمرة على حالها بالنسبة لهم" رغم تفشي الوباء.

وأكد مصدر آخر مطلع على الملف في القدس أن إيران "تستخدم الفيروس كفرصة للحصول على أموال، لكن ماذا تفعل بهذه الأموال؟ إنها تدفع للقوات التابعة لها على الأرض" في سوريا.

ورأى المحلل السياسي في المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية في تل أبيب يورام شفايتزر أن الضربات جاءت إما ردا على زيادة العمليات الإيرانية أو سعيا لإضعاف عدو أنهكته بالأساس أزمة فيروس كورونا المستجدّ.

ومن المحتمل أيضا بنظره أن تكون إسرائيل تتحرك لتحقيق الهدفين معا، أي إضعاف عدو يعزز عملياته ليثبت أنه لم يتأثر بالأزمة الصحية.

وفي هذه الظروف، رأت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن "إسرائيل تحتاج إلى وزير دفاع وقائد للجيش يمكنهما الاستمرار في تقويض الوجود العسكري الإيراني في سوريا دون إثارة وضع يغرق المنطقة في صراع جديد".