لا تأثير كبيرا للهجوم الإسرائيلي على برنامج إيران النووي

إسرائيل لا تملك القنابل الثقيلة اللازمة لتدمير منشآت نووية إيرانية محصنة، حيث تحتاج لمساعدة أميركية لتحقيق هذا الهدف.

طهران - وجّه الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على إيران اعتبارا من الجمعة، ضربة لبرنامج طهران النووي لكن تأثيرها ليس مدمرا في هذه المرحلة، فيما يجمع خبراء على استحالة، تدمير المواقع النووية الإيرانية المحصنة والمنتشرة عبر البلاد بشكل كامل، باعتبار أن تحقيق هذا الهدف يتطلب موجات من الهجمات بقنابل قادرة على اختراق هذه التحصينات.

وحذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من أن الهجوم "سيستمر ما يلزم من أيام"، بينما أكد الجيش أن المعلومات الاستخبارية كانت تؤشر إلى أن طهران تقترب من نقطة اللاعودة في البرنامج النووي.

وقال علي واعظ، الباحث المتخصص في ملف إيران في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية أميركية، "بإمكان إسرائيل إلحاق الضرر بالبرنامج النووي الإيراني، لكن من غير المرجح أن تتمكن من تدميره".

وأكد أن الدولة العبرية لا تملك القنابل الثقيلة اللازمة لتدمير منشآت نطنز وفوردو المحصنة في عمق الجبال. ولفتت كيلسي دافنبورت، الخبيرة في "آرمز كونترول أسوسييشن" إلى أنه للقيام بذلك، ستحتاج إسرائيل إلى مساعدة عسكرية أميركية، مضيفة أنه لا يمكن القضاء على المعرفة التي اكتسبتها طهران، على الرغم من مقتل تسعة علماء نوويين في الضربات.

وحاليا، "دُمِّرَ" قسم رئيسي فوق الأرض من منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز في وسط البلاد، بحسب ما نقلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن السلطات الإيرانية.

واعتبر معهد العلوم والأمن الدولي وهو مركز أبحاث مقرّه في واشنطن ومتخصص في الأسلحة النووية، أن الدمار الذي أكدته صور الأقمار الاصطناعية، "جسيم".

ولفت في تقرير له إلى أن الهجمات التي تستهدف إمدادات الطاقة في المنشأة يمكن أن تُلحق أضرارا بالغة بآلاف أجهزة الطرد المركزي الموجودة، وهي الأجهزة المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، "في حال نفدت طاقة البطاريات الاحتياطية".

وأكد المعهد أن موقع نطنز "لن يتمكن من العمل لفترة من الوقت، على أقل تقدير".  كما استهدف الهجوم الاسرائيلي منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وأعلنت إيران أن أضرارا محدودة لحقت به.

واستهدفت الضربات أيضا مصنعا لتحويل اليورانيوم في أصفهان (وسط)، فيما يُعتقد أن هذا المجمع يحتوي على احتياطيات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب. وفي هذه المرحلة، لا يمكن معرفة ماذا حدث لهذا المخزون.

إذا نجحت إيران في نقل بعض مخزوناتها إلى منشآت سرية، فستكون إسرائيل قد خسرت اللعبة

وقال واعظ "إذا نجحت إيران في نقل بعض مخزوناتها إلى منشآت سرية، فستكون إسرائيل قد خسرت اللعبة".

ولم ترصد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أي زيادة في مستويات الإشعاع في مختلف المواقع المتضررة.

وأكدت دافنبورت أن "خطر أن تؤدي الهجمات على منشآت تخصيب اليورانيوم إلى انبعاثات إشعاعية خطيرة، ضئيل جدا". لكن قد يكون لأي هجوم على محطة بوشهر للطاقة النووية عواقب وخيمة على الصحة والبيئة.

وأكد المدير العام للوكالة الدولية رافايل غروسي الجمعة أن المواقع النووية "لا يجب أن تُهاجم أبدا، بغض النظر عن السياق أو الظروف، لأن ذلك قد يضر بالسكان والبيئة".

وبعد انسحاب الولايات المتحدة في العام 2018 أحاديا من الاتفاق النووي الدولي المبرم في 2015 بين إيران والقوى الكبرى، تراجعت طهران تدريجا عن معظم التزاماتها الأساسية بموجبه، لا سيما من خلال تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير حد 3.67 بالمئة الذي حدده الاتفاق.

وفي منتصف مايو/أيار، بلغ مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، 408.6 كلغ، بحسب الوكالة. وفي حال خُصب هذا المخزون بنسبة 90 بالمئة، وهو المستوى المطلوب لتطوير قنبلة ذرية، فسيوفر كمية كافية لإنتاج أكثر من تسع قنابل.

وإيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتخصب اليورانيوم إلى هذا المستوى، وفقا للوكالة التي تشكو أيضا من عدم تعاون طهران، فيما تنفي الأخيرة تطوير أسلحة نووية.

ولفتت دافنبورت إلى أنه "حتى الآن، فاقت تكاليف التسلح فوائده. لكن هذه الحسابات قد تتغير في الأسابيع المقبلة"، مضيفة أن "الضربات الإسرائيلية أعاقت إيران على الصعيد التقني، لكنها على الصعيد السياسي تُقرّبها من امتلاك أسلحة نووية".

ولفتت إلى وجود خطر حقيقي بتحويل اليورانيوم المخصب في عملية قد تجري خلال أسابيع من دون أن يلاحظها أحد، إذ تمنع الضربات الحالية مفتشي الوكالة الدولية من الوصول للمواقع.