لا خيار أمام دائني لبنان إلا التعاون أو القضاء

وزير الاقتصاد اللبناني لا يعلم أي خيار سيلجأ له الدائنون، متوقعا أن يستغرق اتخاذ قرار بشأن التعاون مع لبنان في إعادة هيكلة ديونه أو اللجوء للقضاء أسابيع قليلة.  
لبنان يريد إعادة هيكلة ديونه بشكل كامل ونهائي
لا قدرة للبنان على سداد ديون سيادية
وزير الاقتصاد اللبناني يرى أن الحوار أفضل وسيلة لحل الأزمة مع الدائنين

بيروت - قال وزير الاقتصاد اللبناني اليوم الاثنين إن بلاده بانتظار اتخاذ حاملي سنداتها قرارا بشأن ما إذا كانوا سيتعاونون في إعادة هيكلة للدين أو يتبعون إجراءات قانونية ضد البلاد وذلك بعد تحركها لوقف سداد الديون بالعملة الأجنبية.

وقال راؤول نعمة، إنه ليس لديه علم حتى الآن بشأن الخيار الذي سيتخذه المستثمرون، لكنه يتوقع أن اتخاذ القرار سيستغرق منهم "أسابيع قليلة"، مضيفا أن لبنان يستهدف إعادة هيكلة ديونه بشكل "كامل ونهائي".

وهوت سندات لبنان الدولارية إلى مستويات قياسية منخفضة وصلت إلى 17.5 سنت في الدولار اليوم الاثنين في ظل تصاعد المخاوف من نزاع طويل مع الدائنين.

وكان لبنان أعلن يوم السبت أنه قد لا يمكنه الوفاء بالتزامات ديونه وأوقف سداد سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار تستحق لليوم الاثنين، قائلا إن هناك حاجة إلى احتياطيات النقد الأجنبي شديدة التدني من أجل تلبية الضروريات.

ويضع ذلك البلاد على أعتاب تعثر سيادي في الوقت الذي تصارع فيه أزمة مالية تعتبر أكبر تهديد لاستقرارها منذ نهاية الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.

وقال نعمة في حوار "نقترح عليهم العمل سويا لإيجاد حل وهو أفضل دائما من التقاضي... لكن الخيار لهم لاتخاذ قرار بالتعاون أو سبيل التقاضي."

وتابع "أعلنت البنوك في لبنان أنها ستفضل التعاون وعدم اللجوء للتقاضي وندرك أنها تجري محادثات مع حائزين أجانب لإقناعهم بالتعاون والقدوم إلى طاولة المفاوضات."

لبنان صاحب أعلى دين في العالم
لبنان صاحب أعلى دين في العالم

ولأن الحكومة اللبنانية ليست لها سوى القليل من الأصول خارج البلاد، قال نعمة إن أي تحرك قضائي سيكون مسألة ضغط لا استرداد "أي مبلغ حقيقي."

وقال "بإمكانهم الآن ودائما الذهاب والتقاضي ومحاولة مصادرة الأصول، لكن ذلك لن يجدي إذا تحدثنا من الناحية القانونية. القوانين في نيويورك ودول أخرى شديدة الوضوح - حصانة أصول الحكومة التي تستخدم في الأغراض الحكومية وكذلك أصول البنك المركزي."

واعتبر الوزير اللبناني أنه من المبكر جدا الحديث عن تفاصيل عما قد تبدو عليه إعادة هيكلة الديون بالنسبة لحاملي السندات الذين قال بعضهم إنهم يسعون إلى تشكيل مجموعة ممثلة للدائنين.

ولدى لبنان سندات دولارية بحوالي 31 مليار دولار، قالت مصادر يوم الجمعة إن الحكومة ستسعى إلى إعادة هيكلتها. وناشد نعمة شعب لبنان وسياسييه وحدة الصف.

وقال إنه يمكن تحمل معدل لا يزيد على تسعين بالمئة ومن الأفضل أن يكون بين 60 و80 بالمئة، مضيفا "علينا أن ننظر كيف نحقق ذلك وهذا جزء من خطة نعمل عليها"، واصفا ذلك بالهدف للمدى الطويل "لا غدا".

وبسؤاله عن مصير ديون لبنان بالعملة المحلية، قال نعمة "قد يكون إيجاد الحلول هنا أسهل لأننا عمليا لدينا نظير،" وذلك في إشارة إلى جمعية مصارف لبنان.

البنوك اللبنانية تئن تحت وطأة أزمة مالية ونقدية
البنوك اللبنانية تئن تحت وطأة أزمة مالية ونقدية

وقال نعمة وهو مصرفي سابق، إن لبنان يريد "التأكد من أننا نجري إعادة الهيكلة بشكل كامل ونهائي. أوضاعنا ليست مثل دول أخرى تعود كل بضع سنوات إلى حاملي السندات وتقول لهم المعذرة"، مؤكدا أنه ينبغي الانتهاء من خطة اقتصادية ومالية ونقدية خلال شهرين.

وفقدت الليرة اللبنانية حوالي 40 بالمئة من قيمتها في السوق الموازية منذ أكتوبر/تشرين الأول رغم أن سعر الربط الرسمي لايزال عند 1507.5 ليرة للدولار الأميركي.

وبسؤاله إن كانت الحكومة ستخفض قيمة الليرة، قال نعمة "لدينا اليوم بالفعل سوقان، لذا قد يستمر ذلك وربما لا. لا يمكن لأحد القول."

وقال دياب يوم السبت إنه يجب وضع خطة لإعادة هيكلة نظام لبنان المصرفي شديد الضخامة إذ يبلغ أربعة أضعاف حجم الاقتصاد.

وقال نعمة "سيتقلص بالضرورة. لقد بدأ بالفعل التقلص في واقع الأمر... سيكون من الضروري زيادة السيولة ربما نشهد بعد الاندماجات وما إلى ذلك. هذه مسؤولية المصرف المركزي بدرجة أكبر من الحكومة وسنقدم العون."

وكان الوزير اللبناني قد أعلن أمس الأحد أن المفاوضات الرامية لإعادة هيكلة الديون بالعملات الأجنبية لن تستغرق أكثر من تسعة أشهر إذا خلصت النوايا، فيما تخلف لبنان عن سداد ديون سيادية للمرة الأولى.

وأعلن لبنان الذي يعاني من أزمة مالية كبيرة السبت أنه لا يمكنه دفع ديونه في مواعيدها والتي تتضمن 1.2 مليار دولار مستحقة الاثنين.

ودعا رئيس وزراء لبنان حسان دياب إلى مفاوضات عادلة لإعادة هيكلة الدين، فيما يشكل تخلف لبنان عن سداد ديونه بالعملات الأجنبية مرحلة جديدة من الأزمة المالية التي تعصف باقتصاده منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019 وأفقدت الليرة نحو 40 بالمئة من قيمتها ودفعت البنوك لفرض قيود على السحب من الودائع وأججت البطالة والاضطرابات.

وتعتبر الأزمة أكبر خطر على استقرار لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية التي دارت رحاها من 1975 إلى 1990.

وقال مصدر مطلع أمس الأحد إنه "من المتوقع بدء مفاوضات إعادة هيكلة الدين بشكل رسمي بين لبنان وحملة السندات في غضون نحو أسبوعين".

وقال دياب في خطاب وجهه للبنانيين ونقله التلفزيون، إن احتياطيات البلاد من العملة الصعبة بلغت مستويات "حرجة وخطيرة" مع الحاجة لتلبية احتياجات اللبنانيين الأساسية.

وطفت الأزمة على السطح مع تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال واندلاع احتجاجات بسبب عقود من الفساد وسوء الإدارة.

ونقلت قناة الجديدة على موقعها الإلكتروني يوم السبت عن نعمة قوله "عملية التفاوض تمتد لأشهر وإذا كان لدينا حسن نية لا نذهب لأكثر من تسعة أشهر"، مضيفا "الحكومة تنتظر الآن موقف حاملي سندات اليوروبوند"، مصرحا بأنه يتوقع أن يكون موقفهم "إيجابيا".

وعن إمكانية مقاضاة لبنان في الخارج، قال إنه "من الممكن أن يقدم الدائنون على رفع دعاوى بحق مصرف لبنان المركزي لكنهم لن يربحوها".

ولدى لبنان سندات بالدولار تبلغ نحو 31 مليار دولار. وقالت مصادر إن الحكومة ستسعى إلى إعادة هيكلتها.

وأعلن دياب أن الدين العام في لبنان تجاوز 170 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني أن البلاد على وشك أن تكون الأكثر مديونية في العالم.