لا عودة للسفيرة المغربية لمدريد إلا بانتهاء مسببات الأزمة

وزير الخارجية المغربي يتهم اسبانيا بمحاولة استغلال ما حدث في سبتة المحتلة "مطية للهروب من النقاش الحقيقي حول مسببات الأزمة بين الرباط ومدريد وهي استقبالها لزعيم البوليساريو الملاحق لارتكابه جرائم حرب.
المغرب يرفض سياسات التخويف والابتزاز
بوريطة: سفيرة المغرب لا تتلقى تعليمات إلا من المغرب 
بوليساريو تلتقط الأزمة بين الرباط ومدريد لتسويق افتراءات بحق المغرب      
أخطاء دبلوماسية توقع الحكومة الاسبانية في حرج وسوء تقدير للحزم المغربي 

الرباط/الجزائر - أعلن المغرب اليوم الجمعة أن عودة سفيرته إلى مدريد والتي تم استدعاؤها إلى للتشاور، تبقى رهن "انتهاء الأسباب الحقيقية للأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين" وهي استقبال اسبانيا لزعيم البوليساريو بطريقة لا تحترم العلاقات بين الجارين.

والثلاثاء الماضي استدعت الرباط السفيرة كريمة بنيعيش للتشاور بعد استقبال مدريد لكبير الانفصاليين الصحراويين، من دون أن تقدم الحكومة الاسبانية أي توضيحات وتفسيرات لهذا الأمر.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قوله إن السفيرة كريمة بنيعيش "لن تعود ما دامت أسباب الأزمة قائمة" بين البلدين.

وبحسب بوريطة فإن بنيعيش تلقت استدعاء العودة للتشاور في الرباط عشية استدعائها إلى الخارجية الإسبانية، ما يعني أن "استدعاءها لم يكن ردا على دعوتها إلى اجتماع عاجل من قبل الخارجية الإسبانية عقب تدفق آلاف المهاجرين إلى سبتة المحتلة".

وانتقد الوزير المغربي طريقة استدعاء الخارجية الاسبانية للسفيرة المغربية، موضحا أنها طلبت حضورها في 30 دقيقة "وهو عمل غير مسبوق وغير مألوف في العلاقات بين دول جارة ونادر في الممارسة الدبلوماسية"، مضيفا أن "سفيرة جلالة الملك لا تتلقى تعليمات سوى من بلدها".

وشدد على أن "الأزمة ستستمر ما لم تتم تسوية سببها الحقيقي، فالمغرب يرفض تلقي هذا النوع من التخويف القائم على صور نمطية بائدة وسيظل واضحا بشأن أصل هذه الأزمة وتَكوّنها والمسؤولين عنها".

كما اتهم إسبانيا بأنها تحاول استغلال ما حدث في جيب سبتة المغربي المحتل "مطية للهروب من النقاش الحقيقي" حول مسببات الأزمة بين الرباط ومدريد وهي استقبال اسبانيا للمدعو إبراهيم غالي الملاحق بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والاغتصاب وانتهاكات لحقوق الإنسان.

والتقطت جبهة البوليساريو الانفصالية التوتر بين المغرب واسبانيا على خلفية استضافة مدريد سرا كبير الانفصاليين إبراهيم غالي بدعوى العلاج من كورونا وعلى خلفية أزمة تدفق آلاف المهاجرين إلى جيب سبتة المغربي المحتل، لتأجيج الأزمة بدعوة الاتحادين الأوروبي والإفريقي والأمم المتحدة " لتنهي المملكة استعمال الهجرة غير القانونية نحو أوروبا أداة ضغط للاعتراف بسيادته على الصحراء".

وتأتي دعوة البوليساريو بينما لم تعد تملك هامشا واسعا من المناورة في ظل سلسلة اعترافات افريقية وغربية بسيادة المغرب على صحرائه وافتتاح قنصليات في مدينتي العيون والداخلة.

وزعمت ما يسمى بوزارة الخارجية في الكيان غير الشرعي المسمى 'الجمهورية الصحراوية الديمقراطية' والمعلنة من جانب واحد عام 1976، أن المغرب "شكل تهديدا رئيسيا لجميع جيرانه عبر إغراقهم بالمخدرات والهجرة السرية والإرهاب" وهي كلها ادعاءات باطلة دأبت على ترويجها لتشويه سمعة المملكة.

و يبدو واضحا أن رد البوليساريو يستهدف في هذه المرحلة لفت الانتباه عن وضع زعيمها الذي يفترض أن يمثل أمام محكمة اسبانية في نهاية يونيو/حزيران للاستماع إليه ضمن تحقيق حول ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفق دعوى قضائية تقدمت بها منظمة صحراوية اتهمته فيها بتنفيذ عمليات إبادة جماعية وإخفاء قسري وتعذيب.    

وكان غالي قد رفض التوقيع على استدعاء من محكمة اسبانية متحصنا بجواز سفر جزائري مزور، وهي قضية أخرى أحرجت الحكومة الاسبانية الاشتراكية التي تقف عاجزة عن تقديم تفسير مقنع لاستقبالها كبير الانفصاليين وهي تعلم أنه قدم إليها بطائرة جزائرية  وبجواز سفر جزائري.

وجاءت موجة الهجرة على خلفية التوتر الدبلوماسي الحاد بين إسبانيا والمغرب منذ استقبال مدريد زعيم وليساريو لتلقي العلاج من مضاعفات إصابته بفيروس كورونا.

والمغرب باعتباره شريكا أساسيا في مكافحة الهجرة، يرغب في أن يعترف الاتحاد الأوروبي بسيادته على الصحراء المغربية، مثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لكنه دأب على إتباع دبلوماسية هادئة تبتعد كل البعد عن لي الأذرع الذي يسوق له الانفصاليون.

وجزء من الأزمة الأخيرة بين مدريد والرباط تعود إلى استهانة اسبانيا بقضايا بالغة الحساسية بالنسبة للمملكة وعلى رأسها أمنها القومي وسيادتها ووحدة أراضيها وهي من الثوابت الوطنية التي لا تقبل فيها نقاشا ولا مساومة.

وتدرك الحكومة الاسبانية جيدا هذه الحساسيات ومع ذلك استقبلت زعيم البوليساريو، في خطوة وصفتها أحزاب اسبانية بأنها خطأ دبلوماسي فادح خاصة وأن المغرب يعتبر من بين أهم شركاء اسبانيا والاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة والإرهاب والجريمة المنظمة، بينما جبهة البوليساريو شكلت لعقود مصدر تهديد للأمن الإقليمي وخزانا مهما من الإرهابيين في المنطقة.

وحاولت البوليساريو اليوم الجمعة قلب الحقائق بالادعاء أن ثمة موجة عالمية رافضة لفرض المغرب سيادته على الصحراء، "أصابته بخيبة أمل عميقة دفعته لمهاجمة دول من بينها اسبانيا وألمانيا".

وعلى نقيض ادعاءات الجبهة الانفصالية، فالمغرب نجح دبلوماسيا في تفكيك أحزمة الدعم التي كانت تحظى بها البوليساريو من بعض الدول الإفريقية والغربية، فالاعترافات المتتالية بسيادة المغرب على صحرائه وافتتاح قنصليات عربية وافريقية وغربية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، تدحض جملة وتفصيلا كل ادعاءات الانفصاليين.

وكان المغرب قد رد أمس الخميس بكل حزم على حملة تقودها الحكومة الاشتراكية وسائل إعلام وأحزاب اسبانية، واضعا حدا لكل المغالطات التي تسوق لها اسبانيا في خضم توتر العلاقات بين مدريد والرباط.