'لا مايسترا' تتجاوز الأحكام المسبقة في قيادة الأوركسترا

المسابقة الدولية الأولى من نوعها لقائدات الأوركسترا تسعى إلى كسر قوالب نمطية تعتبر المرأة شديدة التأثرّ وغير قادرة على إدارة مجموعة متكاملة في العزف.

'لا مايسترا' ليست مجرّد مسابقة بل هي فرصة للازدهار واختبار عزف النساء
المسابقة الدولية لقائدات الأوركسترا ليست 'تمييزية' في حقّ الرجال
مطالبة بزيادة نسبة النساء إلى 30% على رأس فرق الأوركسترا

باريس - كثيرة هي الأحكام المسبقة السائدة في حقّ النساء اللواتي يتولّين قيادة الأوركسترا، غير أن مسابقة دولية، هي الأولى من نوعها، تسعى إلى كسر هذه القوالب النمطية في مجال تحتدم فيه المنافسة ويحكم الرجال هيمنتهم عليه.
وقد فازت قائدة الأوركسترا الإندونيسية من أصل صيني ريبيكا تونغ (36 عاما) الجمعة في حفل "لا مايسترا"، وهي أوّل مسابقة دولية لقائدات الأوركسترا، في حرم أوركسترا باريس الفلهرمونية.
هذه المناسبة ليست مجرد مسابقة محصورة بالنساء، إذ إن المتنافسات الثلاث اللواتي بلغن المرحلة النهائية سيحظين بمواكبة خاصة طوال سنتين في أكاديمية موسيقية.
وكثيرات هن النساء اللواتي لمع نجمهن في مجال قيادة الأوركسترا في العقدين الأخيرين، مثل سوزانا مالكي (فنلندا) وبربارا هانيغن (كندا) وميرغا غريجينيتي -تيلا (ليتوانيا) وألوندرا دي لا بارا (المكسيك) وقبلهنّ الأسترالية سيمون يانغ والأميركية مارين ألسوب.
 لكن البون لا يزال شاسعا في هذا المجال، إذ إن 48 أوركسترا سمفونية محترفة من أصل 778 تشكيلة دائمة من هذا القبيل أحصيت في العالم هي بقيادة امرأة كمديرة موسيقية أو قائدة رئيسية، أي ما يوازي 6,2% من العدد الإجمالي، بحسب مسابقة "لا مايسترا".
وفي العام 2016 كانت هذه النسبة أدنى حتى إذ لم تكن تتعدى 4,3 %.
وتقول قائدة الأوركسترا الرائدة الفرنسية كلير جيبو التي كانت وراء فكرة المسابقة "يتولّى الرجال قيادة الأوركسترا حتّى الخامسة والتسعين من العمر، لكن منذ 15 عاما يردّدون السؤال عينه على مسامعي لمعرفة إن كنت أنوي الاعتزال".
وتلقّت "لا مايسترا" 220 طلب ترشيح من 51 بلدا اختارت منها 12 قائدة أوركسترا. وتكشف جيبو وهي أول امرأة تولّت قيادة دار الأوبرا في ميلانو (سكالا) وموسيقيي أوركسترا برلين الفلهرمونية "قرّرنا عدم تحديد سنّ قصوى... ومن بين المرشحات، نساء في الحادية والسبعين من العمر وإنه لأمر رائع بالفعل".
وقد مُنحت كلّ مشاركة في مرحلة التصفيات 30 دقيقة لتثبت قدراتها.
وقالت ريبيكا تونغ، وهي إندونيسية من أصل صيني في السادسة والثلاثين من العمر، متوجّهة إلى العازفين في أوركسترا باريس موزار التي أسستها جيبو "هل في وسعكم إطلاق المزيد من الشرارات؟ أريد أن تكون الأجواء متوهّجة!". أما الكولومبية لينا غونزاليس-غرانادوس، فهي طلبت منهم "مزيدا من البهجة".
وليست "لا مايسترا" مجرّد مسابقة، "بل هي فرصة للازدهار والاختبار"، بحسب ما تقول مارين ألسوب، العضو في لجنة التحكيم التي كانت سنة 2013 أول امرأة تقود حفلا موسيقيا خلال فعاليات "برومز" للموسيقى التي تنظّم كلّ صيف في لندن منذ العام 1895.
وأعربت ألسوب عن أملها في أن تتيح هذه المسابقة "للشابات خوض هذا المجال باكرا"، مشيرة "أنا لم أبدأ باكتساب الخبرة إلا في الثلاثينات من العمر بسبب قلّة الفرص المتاحة".
 تستذكر الصنية جياجنغ لاي (29 عاما) ما قاله لها أستاذها عندما قرّرت دراسة أصول قيادة الأوركسترا .
وتقول ضاحكة "استعرض لي لساعة من الوقت" صعوبات التوفيق بين هذا الدور ورعاية الأطفال في حال أصبحت أمّاً.
ويذكّر هذا الموقف بالجدل الذي أثاره المدير السابق لمعهد باريس للموسيقى برونو مانتوفاني الذي قال سنة 2013 إنه "يصعب على المرأة التي ترغب بإنجاب أطفال خوض مجال قيادة الأوركسترا".
ومن الأحكام المسبقة الأخرى التي تعيق تقدّم المرأة في هذا المجال، الصورة النمطية لقائد الأوركسترا المتسلّط المرسّخة في المخيّلة العامة، خلافا للمرأة التي توصف بـأنها "شديدة التأثرّ وغير قادرة على إدارة مجموعة متكاملة".
ويؤكّد لوران بايل المدير العام لأوركسترا باريس الفلهرمونية أن "المطلوب ليس التسلّط بل طول الباع والصبر".
ويردف موضحا أن التجربة الطويلة هي التي ترتقي بالأداء، "والمشكلة بالنسبة إلى النساء هي أن قليلات منهن يتمتعن بتجربة من هذا النوع... لكن التوازن سيتحقق مع الجيل الصاعد".
ويدحض فكرة أن تكون هذه المسابقة "تمييزية" في حقّ الرجال، قائلا "نشدّد منذ 40 سنة على ضرورة تطوير النظام لكنّ شيئا لم يحصل".
ويؤكّد بايل أنه "بغية تسوية الوضع، لا بدّ من زيادة نسبة النساء من 6 إلى 30% على رأس فرق الأوركسترا".