لبنان يتجه لاستضافة القمة الاقتصادية دون حكومة

بيروت تنهي تحضيراتها لاستضافة القمة وسط أجواء داخلية متوترة في ظل الفشل السياسي المتواصل والانقسام بشأن استضافة سوريا.

بيروت - ينهي لبنان التحضيرات لاستضافة القمة العربية الاقتصادية الشهر الجاري، وسط أجواء ملبدة وتغيرات تشهدها المنطقة وآمال بأن تشكل القمة "ورقة ضغط" من أجل تسريع إنهاء الفراغ السياسي بتشكيل الحكومة.

وإلى جانب ما يتردد عن دعوة سوريا لحضور القمة تعد أزمة تشكيل الحكومة من أبرز الملفات التي ترهق السياسة اللبنانية، قبيل انعقاد القمة الاقتصادية العربية التنموية في بيروت الـ19 من يناير/كانون الثاني الجاري.

ويتزامن ذلك مع تأكيد بعض الشخصيات اللبنانية التي تتعامل مع ملف تشكيل الحكومة أنه لا جديد على صعيد حل هذه الأزمة.

وتعزو أحزاب "القوات اللبنانية" (مسيحي)، والحزب "التقدمي الاشتراكي" (درزي)، وتيار "المستقبل" (سني) سبب الأزمة الحكومية إلى موقف "حزب الله" الشيعي، وعرقلته للتشكيل "تنفيذًا لأجندات إيرانية".

ويتمسك الرئيس اللبناني ميشال عون بحصته الوزارية أي الثلث المعطل (11 وزيرًا من أصل 30) ويرفض أن يعطي من حصته مقعدا إلى "اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين"، حليف "حزب الله".

ويرى مراقبون أنه لن يلوح في الأفق أي حل للأزمة الحكوميّة في الوقت الراهن إلا إذا تنازل "حزب الله" أو عون.

ووسط كل هذه الأجواء يأتي موعد انعقاد القمة العربية الاقتصادية في بيروت في ظل عدم وجود حكومة بينما يأمل كثيرون خيرًا بأن تشكل هذه القمة عامل ضغط من أجل تسريع تشكيل الحكومة.

وأشار عدد من الزعماء العرب إلى مشاركتهم الشخصية في قمة بيروت، ومنهم الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، الذي أكد لنظيره اللبناني أنه سيحضر القمة.

لكن هذه القمة أثارت بعض الإشكالات الداخلية لا سيما مسألة دعوة سوريا لحضورها.

وفي 4 يناير/ كانون الثاني الجاري، أعلن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، أن بلاده "ليست صاحبة القرار" في دعوة سوريا إلى القمة الاقتصادية العربية ببيروت، "لكن بإمكانها المبادرة والعمل من أجل حضورها".

ويرفض فريق "14 آذار" المعارض للنظام السوري دعوة سوريا إلى قمة بيروت وهدد عدد من قادته بالتظاهر وتنظيم اعتصامات في حال حضر رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى بيروت.

وحذر أمين عام قوى "14 آذار"، النائب السابق فارس سعيد، من توجيه دعوة للنظام السوري لحضور القمة الاقتصادية.

بشار الاسد
النظام السوري معضلة إضافية في لبنان

وقال عبر حسابه على تويتر "أنتم أحرار بدعوة من تريدون.. أنتم السلطة وإذا تمت الدعوة بقرار منفرد أو بالتنسيق مع الجامعة العربية سنتظاهر في بيروت ضدكم وضد الجامعة وضد الأسد.. هذا وعد".

كما يعارض كل من تيار "المستقبل" الذي يتزعمه رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري والحزب "الاشتراكي اللبناني" بزعامة وليد جنبلاط وحزب "القوات اللبنانية" بزعامة سمير جعجع عودة العلاقات مع النظام السوري.

في المقابل، أعلن "حزب الله" اللبناني المؤيد للنظام السوري والذي يقاتل بجواره، في الرابع من يناير/ كانون الثاني الجاري عبر بيان عن كتلته البرلمانية أن لبنان معني بدعوة سوريا للمشاركة في القمة الاقتصادية العربية التي ستنعقد على أرضه، "لما في ذلك من قوة للبنان ومصلحة استراتيجية له".

وعلى الرغم من أن الجامعة العربية هي من تنظم القمة وتدعو الدول، لكن هذا الأمر خلف تداعيات ستؤثر مستقبلًا على العلاقات اللبنانية الداخلية.

و قال القيادي ورئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور (أحد أحزاب قوى 14 آذار) "هناك مجموعة أسباب تحول دون تشكيل الحكومة إلا أن هناك حقيقة راسخة وهي أن البلاد تعيش فراغًا منذ 8 أشهر".

وأضاف "بمعزل عن أسباب العرقلة نحن أمام أمر واقع خطير للغاية، وهو إننا في لحظة انكشاف سياسية الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من التأزم والتفريغ على كل المستويات".

وتابع: "لذلك دعا حزب القوات على لسان رئيسه سمير جعجع بأن يشكل عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الحكومة فورًا وليحجب عنها المجلس الثقة إذ لا يجوز ترك البلاد بلا حكومة وإلا الذهاب إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال".

واعتبر "جبور" أنه لا يجوز ترك البلاد أمام خطر الانهيار الاقتصادي.

من جهتها، تحمل مصادر في تيار "8 آذار" بقيادة حزب الله المؤيد للنظام السوري، الحريري وفريقه مسألة العرقلة الحكومية.

في المقابل، رحبت مصادر في تيار "8 آذار" بانعقاد القمة العربية في بيروت، بما يشكل "اعترافًا عربيًا" بدور لبنان.

وأعربت عن حرصها على أفضل العلاقات مع دول الجوار ضمن إطار عدم التدخل في شؤون لبنان الداخلية.

ومن المقرر أن تستضيف بيروت في الـ19 والـ20 من الشهر الجاري، القمة التنموية الاقتصادية التي تعقدها الجامعة العربية، في وقت شهدت الأسابيع الأخيرة خطوات عربية للتطبيع مع نظام بشار الأسد بينها زيارة أجراها الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق وإعلان الإمارات والبحرين عودة العمل في سفارتيهما بالعاصمة السورية.

وكانت الجامعة العربية قد قررت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 تجميد مقعد سوريا، على خلفية لجوء "الأسد"، إلى الخيار العسكري لإخماد الاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكمه.