لبنان يحتج على تصريح السفير الإيراني بشأن سلاح حزب الله
بيروت - دعت وزارة الخارجية اللبنانية السفير الإيراني لدى بيروت مجتبى أماني إلى "التقيد بالإصول الدبلوماسية" وعدم التدخل في شؤون الآخرين خلال حضوره اليوم الخميس بمقر الوزارة بعد أن تغيب أمس الأربعاء مبررا عدم تلبيته الاستدعاء الذي تلقاه إثر تصريحه الذي أثار ضجة بوصفه مشروع نزع سلاح حزب الله بأنه "مؤامرة"، بأسباب اُعتبرت ''واهية"، في وقت يولي فيه قادة لبنان أهمية بالغة لقضية حصر السلاح بيد الدولة واسترداد قرار السلم والحرب.
وأوردت الخارجية في بيان على منصة إكس "حضر سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى لبنان مجتبى أماني إلى وزارة الخارجية بناء لاستدعائه على خلفية مواقفه العلنية الأخيرة".
وأضافت أن الأمين العام للوزارة هاني الشميطلّي أبلغه "ضرورة التقيّد بالأصول الديبلوماسية المحددة في الاتفاقات الدولية الخاصة بسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وفي مقدمها اتفاقية فيينا".
وكان أماني كتب في منشور على "إكس" في 18 أبريل/نيسان أن "مشروع نزع السلاح هو مؤامرة واضحة ضد الدول"، مضيفا "نحن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية نعي خطورة هذه المؤامرة وخطرها على أمن شعوب المنطقة. ونحذر الآخرين من الوقوع في فخ الأعداء".
وأتى منشور أماني في وقت يكتسب النقاش بشأن تفكيك ترسانة حزب الله وحصر السلاح بيد الدولة زخما في الآونة الأخيرة مع تصاعد الضغوط الأميركية على السلطات اللبنانية، والخسائر الفادحة التي تكبّدها التنظيم خلال مواجهة مع إٍسرائيل استمرت أكثر من عام وانتهت بوقف إطلاق نار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
وأكد مسؤولون لبنانيون يتقدمهم رئيس الجمهورية جوزيف عون العمل على "حصر السلاح بيد الدولة" وبسط سلطتها على كامل أراضيها، خصوصا في مناطق جنوبية محاذية للحدود مع إسرائيل. لكنه أكد أيضا أن ذلك موضوع "حسّاس" يبقى تحقيقه رهن توافر "الظروف" الملائمة.
بدوره شدّد الأمين العام للحزب نعيم قاسم منذ نحو أسبوعين على أنه لن يسمح "لأحد بأن ينزع سلاح حزب الله أو ينزع سلاح المقاومة"، مؤكدا في المقابل استعداد الحزب لحوار بشأن "الاستراتيجية الدفاعية" للبنان، شرط انسحاب اسرائيل من جنوب البلاد ومباشرة الدولة عملية إعادة الإعمار.
وكان أماني قال لقناة "الجديد" اللبنانية الأربعاء أن نزع السلاح "شأن داخلي لبناني لا نتدخل فيه"، مضيفا "نلتزم بما تتفق عليه المؤسسات اللبنانية"، متابعا "في لبنان يوجد احتلال، يوجد هجوم، يوجد الخطر الاسرائيلي، هناك فئة موجودة، حزب الله،... يريدون الدفاع عن أنفسهم".
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بوساطة أميركية، على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الحدودية الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كلم من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل) انتشارهما قرب الحدود مع اسرائيل.
وكان من المفترض بموجب القرار أن تسحب إسرائيل كل قواتها من مناطق في جنوب لبنان توغلت إليها خلال الحرب، لكن الدولة العبرية أبقت وجودها العسكري في خمس مرتفعات تعتبرها "استراتيجية" وتتيح لها الإشراف على جانبي الحدود وتواصل شنّ ضربات تقول إنها تستهدف عناصر لحزب الله.
وكان أماني قد قال في حديث لقناة "الجديد" "تبلغت باستدعاء وزارة الخارجية اللبنانية بشأن تغريداتي حول السلاح، لكني اعتذرت عن الحضور اليوم ولم يحدد لي بعد موعداً آخر".
ويعتقد أن الدبلوماسي الإيراني تعمّد الغياب باعتبار تباين وجهات النظر بين لبنان وإيران بشأن نزع سلاح حزب الله، في وقت تضغط فيه الجماعة المدعومة من طهران لاستعادة نفوذها وتناور من أجل إطالة أمد المفاوضات الرامية إلى حصر السلاح بيد الدولة وهو الملف الذي يتصدر أولويات الرئيس اللبناني جوزيف عون.
وخرج الحزب من مواجهته الأخيرة مع إسرائيل، أضعف في الداخل بعدما كان القوة السياسية والعسكرية الأبرز التي تحكمت في مفاصل الحياة السياسية، كما خسر شريان إمداده بالسلاح بعد سقوط حليفه بشار الأسد في سوريا المجاورة.
وأشار سفير طهران لدى بيروت في وقت سابق إلى أنه اعتذر عن الحضور بسبب انشغاله، لافتاً إلى أنه كان من المفترض أن يستقبله المدير العام في وزارة الخارجية هاني شميطلي، متابعا "زرتُ وزير الخارجية في الحكومة الجديدة يوسف رجي عند استلام مهامه، وسأعمل على ترتيب موعد جديد".
وكانت مصادر رسمية في لبنان أعلنت رفضها لتصريحات الدبلوماسي الإيراني، واعتبرتها "تدخلًا مباشرًا في الشأن الداخلي اللبناني".