"لثام وعينان سوداوان" ملامح أدب العزلة

ملامح أدب العزلة تظهر بوضوح في المجموعة القصصية الجديدة للكاتب السعودي محمد الرياني.
استحضار الأدب بالمفهوم الدينامي المتغير
في زمن العزلة يكتشف المرء ذاته، ويدرك الأشياء

بيروت ـ تظهر بوضوح ملامح أدب العزلة في المجموعة القصصية الجديدة "لثامٌ وعينان سوداوان" للكاتب السعودي محمد الرياني؛ مما يعني استحضار الأدب بالمفهوم الدينامي المتغير، ففي زمن العزلة يكتشف المرء ذاته، ويدرك الأشياء من حوله، ويراها كما لم يرها من قبل، فتكتمل الصورة أمامه، حقيقيةً بلا رتوش. 
بهذا المنظور الإبداعي يكتب الرياني نصه حتى ليبدو وكأن المتلقي يعيش القصة لا يقرؤها. وما بين زمن غاب وانقضى، وزمن عَرضي كوروني، تتموقع شخصيات الرياني القصصية، بأسلوب تشخيصي رائع التشكيل، فيها كل ما هو طريف من السرديات والنوادر والمحكيات والتأملات، ويبدو أنها لا تفارق نطاق الهوية المحلية؛ وهذا ما سيقود القارئ إلى اكتشاف المزيد من الملامح الخاصة والثيمات التي تميز القصة القصيرة في الجزيرة العربية.
-  من عوالم القصة المعنونة "لثامٌ وعينان سوداوان" نقرأ:
"لأول مرةٍ أظهر بنصفِ أو ربعِ وجه، أغلبُ وجهي بلا معالم، ظهرت عيناي أكبر، دائرةُ وجهي البيضاء كانت تخفي دوائر عينيّ البيضاء والسوداء، عندما هممتُ بدخول البيت أردتُ أن أقرأ الوجوه الأخرى من خلف اللثام الأسود، اقتربتُ من الجدار لأقرأ سطور الأسمنت التي تختفي خلف الدهان الرمادي، وجدتُ اللون الرمادي فاتنًا، الوقوفُ الطويل أشعرني بالمتعة وأنا أتأمل سماكة السور وروعته، لم أكن أهتم كثيراً بمعرفة ما يدور في ثنايا هذا الجدار؛ فمنذ أن بنيناه لم أعد مكترثًا بصامتٍ يقف بلا حياة؛ باستثناء دقات نادرة على بوابته الحديدية التي لم يعد أحد يهتم بفعلها للاستئذان، تجاوزتُ السور، في المدخل الأنيق وقفتُ عند المرآة الكبيرة المزخرفة أطرافها، نظرتُ لنفسي لأرى سحر بصري، جعلتُ نفسي ممثلاً يرى نفسه، عيناي هما اللتان تتحركان يمينًا ويسارًا وأنا أضحك دون أن أرى أسناني، لأول مرة أضحك وأسناني تختبئ خلف ستارة سوداء".
يضم الكتاب 40 قصة قصيرة جاءت تحت العناوين الآتية: "سَفَر"، "لثامٌ وعينان سوداوان"، "تموين"، "على غير المعتاد"، "قُبيل الغروب"، "نسيان"، ورقة ضائعة"، خصمٌ خاص"، (...) وعناوين أخرى.     
صدرت المجموعة القصصية عن الدار العربية للعلوم ناشرون، وجاءت في 120 صفحة.