لقاء ترامب وكيم أقرب للاستعراض الإعلامي

عبور الرئيس الأميركي إلى كوريا الشمالية سيكون مفيدا له في حملته للانتخابات الرئاسية المقررة في العام المقبل أكثر من كونه مبادرة لدفع مفاوضات السلام المتعثرة وانهاء التوترات في شبه الجزيرة الكورية.

اللقاء الثالث بين كيم وترامب مفاجأة بحسابات سياسية
عبور ترامب الخط الفاصل بين الكوريتين غير كاف لتحقيق سلام مستدام
ترامب يدعو زعيم كوريا الشمالية لزيارة واشنطن في "الوقت الملائم"

سيول - أثار اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في بانمونجوم قرية الهدنة تباينا في قراءات المحللين بين ما اعتبره مجرد استعراض إعلامي ومن رأى فيه خطوة كبيرة نحو السلام.

شهد اللقاء المفاجئ بين الرجلين عبور ترامب لوقت قصير الخط الفاصل بين الكوريتين، ليكون أول رئيس أميركي في التاريخ يدخل الأراضي الكورية الشمالية.

وجاء هذا الحدث بعد أشهر من قمة هانوي التي فشلت بسبب الخلاف حول التنازلات التي على كوريا الشمالية النووية تقديمها مقابل رفع العقوبات عنها.

وبعد محادثات لمدة ساعة في بانمونجوم "قرية الهدنة" في المنطقة منزوعة السلاح التي تقسم شبه الجزيرة الكورية منذ عام 1953، أكد ترامب أن الطرفين سيبدآن محادثات على المستوى العملي في الأسابيع القليلة المقبلة.

ودعا كذلك الزعيم الكوري الشمالي إلى زيارة واشنطن عندما يحين "الوقت الملائم". وكانت نتائج هذا اللقاء أقوى مما توقعه كثيرون بعدما دعا ترامب كيم عبر تويتر للقائه وقوله إن الاجتماع سيكون قصيرا لدقيقتين فقط "لإلقاء التحية".

ومع ذلك، يتساءل محللون عما إذا كان هذا اللقاء كافيا من أجل تقدم مستدام في مسار متعثر منذ سنوات.

ورأى الأستاذ في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا فيبين نارانغ أن "مسرحية" بانمونجوم تستحق العناء إذا كانت ستؤدي إلى محادثات على المستوى العملي، مضيفا أنها إذا لم تفض إلى محادثات "فسنجد أنفسنا أمام المشهد عينه لخمسة عشر شهرا مقبلا".

وفيما تصر إدارة ترامب على أنها تريد من كوريا الشمالية التخلي عن ترسانتها النووية، لم تعلن بيونغيانغ أبدا أن لديها نية القيام بذلك وتتحدث في المقابل عن "نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية"، الأمر الذي يحمل معنى أوسع وأكثر غموضا.

وتطالب كوريا الشمالية برفع العقوبات الواسعة المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي والصاروخي المحرم دوليا. وقالت إنها مستعدة لإغلاق أجزاء من مركز يونغبيون النووي، لكن يؤكد مختصون أن لبيونغيانغ منشآت أخرى تنتج مواد نووية.

واعتبر هونغ مين الباحث في "معهد كوريا للوحدة الوطنية" التابع للحكومة في كوريا الجنوبية أن لقاء بانمونجوم منح الزعيمين "سببا وجيها للسعي إلى التحاور من جديد".

في المقابل، رأى المسؤول السابق في الخارجية الأميركية في إدارة باراك أوباما، مينتارو أوبا أن ما تلى اللقاء من حديث عن استئناف المفاوضات هو "حال مؤقتة ناتجة من زخم اللحظة".

وكتب أوبا على تويتر "نحن نتعامل مع كوريا الشمالية استنادا إلى دبلوماسية معالجة الصدمات: نبقي العملية حية من خلال حقنات طاقة عرضية، لكن بدون أن نعالج الوباء الأساسي".

ويرى محللون أنه من غير الواضح بعد مدى التقدم الذي ستحققه تلك المحادثات.

ومنذ انهارت قمة هانوي، اتهمت بيونغ يانغ واشنطن بأنها تعمل "بسوء نية"، وأعطتها مهلة حتى نهاية العام لتبدل أسلوبها. كما أطلقت الشهر الماضي سلسلة صواريخ قصيرة المدى للمرة الأولى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وفي الأشهر الأخيرة، انتقدت بيونغيانغ مسؤولين كبارا في إدارة ترامب مثل مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو وطالبت بإبعادهما من المحادثات ومع ذلك، استفاد كل من ترامب وكيم من لقائهما.

ورأى الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول كو كاب-وو أن عبور ترامب الدراماتيكي إلى كوريا الشمالية سيكون "مفيدا" له في حملته الانتخابية للانتخابات الرئاسية المقررة في العام المقبل في الولايات المتحدة.

ولطالما أرادت كوريا الشمالية أن تُعامل كندّ للولايات المتحدة وحاولت أن تدفع بيل كلينتون لزيارتها قبل نهاية ولايته كرئيس أميركي.

وسيكون هناك ترحيب كبير في بيونغيانغ برمزية عبور الرئيس الأميركي الأحد إلى أراضيها، وفق المحللة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سو كيم.

وقالت سو كيم "لم يبذل كيم أي جهد ليدفع ترامب لعبور المنطقة منزوعة السلاح" رغم عدم إحراز "أي تقدم في نزع السلاح النووي" ومواصلة الشمال تطوير قدراته النووية واختباراته الصاروخية والتهرب من العقوبات.

و اعتبرت سو كيم أن هذا اللقاء المتعجل يلائم خطط بيونغيانغ، فهو بمثابة رسالة إلى كوريا الشمالية مفادها أن السياسة الأميركية "مليئة بالثغرات" وأن "كيم سيحصل على ما يريد في نهاية المطاف".