'للّا' يعبق بالروحانيات في مهرجان المدينة بتونس

أمينة الصرارفي تفتتح التظاهرة الفنية المرتبطة بشهر رمضان بمدينة الثقافة بعرض يجمع بين الموسيقى الصوفية والمزود والسطمبالي والمالوف.

تونس - أحيت الفنانة أمينة الصرارفي عرضا موسيقيا بعنوان "للّا" (سيدتي) في افتتاح الدورة السابعة والثلاثين لمهرجان "المدينة".
وعرض "للّا" أحيته الصرارفي ببصمة نسائية بمشاركة مداحات (نساء) من تونس وجربة وبنزرت وأخرجه المسرحي حافظ خليفة، وأشرفت على إخراج لوحاته الراقصة الفنانة الكوريغرافية خيرة عبيدالله. 
وشاركت في الحفل مامية القروي ذات السبعين سنة وهي مغنية بفرقة مقام السيدة المنوبية (ولية صالحة) بالعاصمة تونس. 
وساهمت في هذا العرض أيضا الممثلة المسرحية التونسية ليلى الشابي بفقرات تتحدث فيها عن تاريخ الوليات الصالحات.
عرض "للّا" هو بمثابة البحث الميداني في عالم الموسيقى الصوفية التي تتغنى بالنساء الوليات الصالحات ويستمد أنفاسه من عادات المريدين.

لطفي بوشناق
موعد مع الطرب

واستحضر العرض أجمل ما قيل في الأغاني الصوفية وأجمل ما كتب من ألحان في الموسيقى الروحانية التونسية، فهو فسيفساء من الموسيقى والغناء والرقص والكوريغرافيا كما هو مزيج من الموروث والمستحدث في عالم الفن والموسيقى .
وعزفت أنامل نسائية على آلات موسيقية تعود الجمهور سابقا على سماعها من قبل ايادي رجالية كالبندير والطبلة والدربكة (آلات ايقاعية)، إلى جانب الكمان والقانون والبيانو.
عرض لم يجمع الموسيقى الصوفية فقط بل جمع أغلب الألوان الموسيقية من المزود والسطمبالي وموسيقى المالوف الأندلسي..
وفاحت من الموسيقى المنبعثة معها رائحة البخور التي عادت بالجمهور إلى الاحتفالات الصوفية من قبل "أهل الطرق" على غرار التيجانية والعيساوية والسلامية والشاذلية.
وبالزغاريد والتصفيق الحار والرقص، تفاعل جمهور مهرجان المدينة مع الحفل الذي أتى بالمئات لاستحضار هذا الموروث الثري. 
ومن بين هذه العروض الأخرى نجد عرض سلاطين الطرب من سوريا وعرض الفنانين التونسيين لطفي بوشناق وزهرة لجنف وهالة المالكي.
ومهرجان المدينة هو تظاهرة فنية انطلقت أولى فعالياتها سنة 1983 ويتم تنظيمها تزامنا مع شهر رمضان من كل سنة.
ويتواصل المهرجان الذي يتضمن 16 عرضا فنيا إلى غاية 31 مايو/آيار ويقام في مدينة الثقافة التونسية.
بعد أكثر من عشرين عاما بين تأجيل وتعثُّر أُعيدت الروح إلى مشروع مدينة الثقافة في تونس، ليكون قطبا يساهم في إبراز الهوية الثقافية التونسية.
بالعودة إلى تاريخ المشروع، بدأت فكرة إنشاء الصرح الثقافي التونسي مع بداية 1992، لكن أشغال التنفيذ كانت تتعثر باستمرار لأسباب مجهولة، إلى أن شهدت 2006 انطلاقة حقيقة لتنفيذه.
وقدّر مدير عام إنجاز مدينة الثقافة، محمد الهادي الجويني تكلفة المشروع بحوالي 150 مليون دينار تونسي (نحو 62 مليون دولار).
وأضاف الجويني أن "إنشاء المدينة بمثابة تحقيق حلم 60 سنة، فمنذ الاستقلال لم تبنِ تونس مسرحا كبيرا للأعمال الفنية العملاقة".
ولفت إلى أن تونس لديها مسرحان فقط الأول "قرطاج الأثري" المبني في العهد الروماني، والثاني "المسرح البلدي" المُشيّد نهاية القرن 19 في عهد الاستعمار الفرنسي.
وأوضح الجويني أن "المشروع الضخم" يعدّ من أكبر المشاريع الوطنية، ويهتم بالمبدعين التونسيين داخل العاصمة وخارجها.
واستطرد قائلا "يضم دار أوبرا تحوي ألفا و800 مقعد، ومسارح، وقاعات سينما، ومتحف حضاري، يستعرض حضارات تونس منذ 3 آلاف سنة، وبرج تجاري عملاق يمكن من خلاله مشاهدة تونس وضواحيها".
ولفت الجويني، إلى أن مركز تونس للاستثمار الثقافي سيتولى مهمة تطوير الصناعات الثقافية داخل المدينة، مؤكدا إنشاء دائرة من أجل التركيز على الصناعات ذات البعد الثقافي الترويجي.
وجرى تخصيص 7 استديوهات للفنانين والمبدعين التونسيين لتحضير أعمالهم الفنية، وعرضها في قاعات المدينة الثقافية، بحسب مدير عام إنجاز المشروع.
وأشار الجويني، إلى أن المشروع سيشمل المجالات التجارية والاقتصادية والتنموية والسياحية.