لماذا تتواتر هجمات القرش القاتلة في مصر؟
القاهرة - تواترت في الأيام الأخيرة هجمات أسماك القرش على سواحل الغردقة المصرية، ما يدفع للتساؤل حول أسباب هذا السلوك العدواني لأسماك لا يفترض ان البشر على قائمة طعامها.
والاحد أعلنت وزارة البيئة المصرية في بيان أن امرأتين قُتلتا جنوب مدينة الغردقة المطلة على البحر الأحمر، إثر تعرضهما لهجوم سمكة قرش أثناء ممارستهما السباحة.
وأفاد بيان الوزارة الذي نشر على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك بـ"تعرض سيدتين لهجوم من سمكة قرش أثناء ممارسة رياضة السباحة السطحية بالمنطقة المواجهة لمنتجع سهل حشيش جنوب مدينة الغردقة".
وأضاف البيان أن فريق العمل المختص بالوقوف على أسباب الحادث "يقوم باستكمال مهام عمله للتوصل بشكل دقيق لأسباب السلوكيات التي نتجت عن سمكة القرش المتسببة فى الحادث تجاه الفقيدتين".
ولم يوضح البيان جنسيتي الضحيتين، إلا أن قرار محافظ البحر الأحمر جنوب شرق البلاد باغلاق بعض شواطئ المنطقة التي وقع فيها الحادث وعدم ممارسة أي أنشطة بحرية بها لمدة ثلاثة أيام، أشار إلى "رصد ظهور سمكة قرش من النوع ماكو في محيط منطقة سهل حشيش .. وإصابة سائحة نمسوية ببتر في الذراع الأيسر بادعاء الإصابة من سمكة القرش".
وأكدت وزارة خارجية النمسا في بيان الأحد مصرع أحد مواطنيها في مصر، بدون مزيد من التفاصيل.
من جهتها، أوضحت وكالة أنباء النمسا أن المرأة النمسوية المتوفية من ولاية تيرول الغربية وتبلغ 68 عاما وكانت تقضي إجازة في مصر منذ أوائل حزيران/يونيو.
وبالنسبة الى الضحية الأخرى، فقد أكدت وزارة خارجية رومانيا في بيان تلقته فرانس برس الاحد "وفاة مواطن روماني نتيجة هجوم لسمكة قرش".
ومنذ الجمعة، يتداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في مصر بشكل واسع، مقطع فيديو قصيرا باعتباره شريط الحادث يظهر فيه شخص في المياه يستغيث محاطا ببقعة من الدماء. لكن لم يتم التحقق بشكل مستقل من حقيقة الفيديو، الذي لم يظهر هجوم القرش.
وتعيش أسماك القرش في البحر الأحمر، لكنها قليلا ما تهاجم السائحين إلا في حال تجاوز الحدود المسموح بها.
وجدت جامعة ميامي في دراسة حديثة، أن هناك 3 أنواع من أسماك القرش تجتذبها المدن المزدحمة، هم قرش الثور والقرش أبو مطرقة والقرش الحاضن ويدعي أيضا قرش الممرضة.
وقالت الدراسة أنه رغم تواجد البشر المتزايد على المحيط، إلا أن هناك أنواع من أسماك القرش تبقى على مقربة من شواطئ المدينة الساحلية، وفقا لموقع "Eurek Alert" التابع للجمعية الأميركية لتقدم العلوم.
وكان سلوك الأنواع الثلاثة من أسماك القرش، مفاجأة للباحثين، الذين اعتقدوا في وقت سابق أن أسماك القرش تلجأ إلى المناطق الطبيعية أكثر في المحيط، إلا أن هذه الأسماك اجتذبتها الأضواء والضوضاء المنبعثة من المدينة الساحلية.
وقال نيل هامرشلاغ المؤلف الرئيسي للدراسة "لقد فوجئنا بأن أسماك القرش التي تعقبناها قضت الكثير من الوقت بالقرب من أضواء وأصوات المدينة المزدحمة، وغالبا ما تكون قريبة من الشاطئ بغض النظر عن الوقت الذي تقضيه في اليوم".
وكشفت دراسة منشورة عبر دورية "نيتشر" العلمية أن أسماك القرش تنجذب إلى ضوضاء البشر، ما يجعلها تبحث عن طعام.
وأوضحت الدراسة أن الأصوات ذات التردد المنخفض الذي يبلغ 1.5 كيلو هرتز، باستخدام جهاز كاميرا تحت الماء التقط الباحثون صورا لأنواع محددة من أسماك القرش، بما في ذلك أسماك قرش الشعاب المرجانية والساحلية وأسماك القرش البيضاء.
وأفاد مؤلفو الدراسة بأن أصوات معينة تحت الماء قد تدفع بعض أنواع من أسماك القرش إلى دخول منطقة أو التفاعل مع مصدر غذائي محتمل، موضحين أن الأصوات تتضمن المشهد الطبيعي للضوضاء في البحر، مثل الرياح والأمواج وأصوات الكائنات البحرية المنتظمة أو الإيقاعية.
وبينت الدراسة أن الضوضاء البشرية بما في ذلك المصادر عالية الكثافة بأصوات أعلى بكثير من 2 هرتز، بما في ذلك أصوات البنادق، لكن جميع الضوضاء البشرية الأخرى التي تحدث في البحر يتداخل في نطاق 2 هرتز.
وتمتلك أسماك القرش حواسا تمكنها من الوصول إلى فريستها بما في ذلك الإنسان
من جهته قال مصدر مسؤول بإدارة المحميات البيئة وعلوم البحار بمصر أن بلاده ضمن الدول الأدنى في حوادث القروش، لكنه مع ذلك هناك عدة أسباب علمية لمهاجمة القروش البشر.
وأوضح أن من بين تلك الأسباب استخدام العطور والزيوت والكريمات الخاصة الحامية من أشعة الشمس، والتي تستفز الجهاز العصبي للقرش، وقد تدفعه للهجوم، وكذلك التبول داخل المياه، الأمر الذي يثير فضول القرش ويدفعه للاقتراب، ومن ثم يحدث الهجوم.
وأضاف المصدر أن القرش يخطئ فريسته أحيانًا فيظن أن الغطاسين أسماكًا ويهاجمهم، ومثل هذه الحوادث واردة ومكررة، لكن أخطر ما في الأمر هو تغير النظام الغذائي للقروش جراء تكرار تناول اللحوم الحيوانية والدواجن التي تقدم له من بعض القائمين على رحلات الغطس والغوص بغرض جذبه، وهو أمر يجعل السمكة تربط حاجتها للطعام برؤية الإنسان.
وحول الإجراءات الواجب اتباعها حال هجوم قرش، أشار المصدر إلى ضرورة مغادرة المياه على الفور، وعدم الاقتراب من القرش أو محاولة استفزازه بالرقص أو الإشارة عن قرب، بينما إذا وقع هجوم فعلي فإن أضعف منطقة في جسم القرش هي الخياشيم، عقب ضربها ينسحب القرش سريعًا، وذلك وفق تجارب عديدة أثبتت هذا الأمر.
وبحسب تقارير رسمية لوزارة البيئة المصرية، فإن مصر ضمن الدول الأدني في حوادث اعتداء القروش على البشر والغواصين، ومع ذلك لم تخل السنوات الماضية من تلك الحوادث.
وفي عام 2018، عّثر على بقايا جثة سائح تشيكي على أحد شواطئ مدينة مرسى علم المطلة على البحر الأحمر بعدما أكد مسؤول أنه قرر السباحة في منطقة توجد فيها أسماك القرش.
وفي 2015 قُتل سائح ألماني خمسيني بعدما هاجمته سمكة قرش حين كان يسبح خلال رحلة بحرية في مدينة القصير السياحية جنوب شرق البلاد.
وأواخر عام 2010 قُتلت سائحة ألمانية سبعينية وأصيب أربعة سياح روس بجروح بالغة في ثلاث هجمات لأسماك القرش في مدينة شرم الشيخ السياحية.