لم يبق إلا الحزب الحاكم في صف بوتفليقة

جمعة حاسمة في الحركة الاحتجاجية مع ترقب قبول الشارع بإزاحة الرئيس او التمسك برحيل النظام بأكمله.

الجزائر - تسود الجزائر حالة ترقّب عشيّة التظاهرات المقرّرة الجمعة والتي ستُبيّن ما إذا كان اقتراح المسؤولين الجزائريّين القاضي بإزاحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كافيًا لتهدئة الشارع، أم أنّ المحتجّين سيتمسّكون بالمطالبة برحيل النظام بأكمله.
وكان رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح دعا الثلاثاء إلى تفعيل إجراء دستوري لتنحية بوتفليقة من السُلطة، وسرعان ما انضمّ إليه المسؤولون الذين لطالما تحمّسوا لبقاء رئيس الدولة في الحكم.
وتبيّن أنّ الذين شكّلوا كتلةً متراصة لدفع بوتفليقة إلى الترشّح لولاية خامسة، أصبحوا اليوم ينأون بأنفسهم من هذا المطلب الذي كان الشّرارة التي أشعلت الاحتجاجات.
وبعد رئيس الأركان، جاء دور حزب التجمّع الوطني الديموقراطي، أحد ركائز التحالف الرئاسي الحاكم، للتخلّي عن بوتفليقة، من خلال طلب استقالته الذي أطلقه أمينه العام أحمد أويحيى ورئيس الوزراء المُقال قبل أسبوعين.
وحتّى الأمين العام للاتّحاد العام للعمّال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، أحد أكثر المادحين للرئيس والداعين إلى استمراره في الحكم رغم مرضه، أعلن أنّه يدعم اقتراح الجيش بتنحيته.
وأعلن رئيس منتدى رجال الأعمال في الجزائر علي حداد، المعروف بقربه من بوتفليقة، استقالته مساء الخميس من منصبه.

أولئك الذين أيّدوه في جميع قراراته وأشادوا بكل أقواله، هم أيضًا أوّل من طعنه في الظهر

وكتب موقع "كلّ شيء عن الجزائر" الإخباري الخميس، أنّ أولئك الذين "أيّدوه في جميع قراراته وأشادوا بكل أقواله، هم أيضًا أوّل من طعنه في الظهر: وحتى قبل أن يسقط بوتفليقة بالكامل، اندفعوا لتسريع سقوطه، دون حياء"، مندّدين بـ"النظام البشع".
وما زال حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة وصاحب الأغلبية في البرلمان، الوحيد الذي لم يعلن تخلّيه عن الرئيس، لكنّ أصوات المنشقين أصبحت مسموعة أكثر فأكثر.
وكما كتب الصحافي مصطفى حموش الخميس في تعليق له في صحيفة "ليبرتي"، فإنّ "السلطة هي التي تخلق الداعمين لها وليس الداعمون من يعطي السلطة".
ويبدو أنّ مركز السلطة انتقل من رئاسة الجمهورية إلى قيادة الأركان، فمنذ يومين أصبحت صورة الفريق قايد صالح هي التي تتصدّر الصفحة الأولى ليوميّة "المجاهد" الحكومية والتي عادةً ما تؤدّي دور المتحدث باسم السلطة.
وكتبت الصحيفة الخميس أنّ رحيل بوتفليقة "هو الآن بين أيدي المجلس الدستوري، وهو الهيئة الوحيدة لتفعيل" الإجراء الذي اقترحه الفريق قايد صالح لإعلان "ثبوت المانع بسبب المرض الخطير والمزمن" إلا إذا قرّر الرئيس الاستقالة.
وبعد 48 ساعة من إعلان رئيس الأركان، ما زال بوتفليقة رئيسًا للجمهورية. وأشارت افتتاحية صحيفة "ليبرتي" الى أنّ "حكم بوتفليقة يحتضر حتّى وإن حاول فريقه المقاومة".
ويبقى معرفة إن كان عزل الرئيس المريض منذ إصابته بجلطة دماغيّة في 2013، يكفي لتهدئة الاحتجاجات، عشية الجمعة السادسة على التوالي من التظاهر وقبل شهر من نهاية الولاية الرئاسية الحالية لبوتفليقة .
وبحسب صحيفة الخبر الصادرة الخميس فإنّ "ميزان الحرارة الحقيقي" لقياس "التطورات المستقبلية هو الحراك الشعبي نفسه. وفي حال بقي متمسّكًا بمطالبه الأخيرة في تغيير المنظومة، سيفرض على الجميع، جيشًا وسياسيين، مواكبته".

'بوتفليقة رايح رايح خذ معاك قايد صالح'
'بوتفليقة رايح رايح خذ معاك قايد صالح'

وتابعت الصحيفة "ستكون الجمعة المقبلة فرصة لاكتشاف التوجّه الشعبي العام من تطبيق المادة 102 وما إذا كانت هذه الدعوة قد أحدثت شرخًا حقيقيًا في الحراك أو لا".
ورفضت وجوه عدّة بارزة في الحراك الشعبي، مثل المحامي مصطفى بوشاشي، وكذلك الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، تفعيل المادة 102 كما اقترح رئيس الأركان، وهي التي تنص على حالات الوفاة والمرض الخطير والاستقالة.
وأوضحت رابطة حقوق الانسان أنّ الآجال قصيرة جدا لضمان تنظيم انتخابات رئاسيّة حرّة ونزيهة، مندّدة بـ"حيلة أخرى" من السلطة "للابقاء على النظام الذي رفضه الشعب".
وندّدت صحيفة الوطن من جهتها بـ"الفخ الكبير" وحذّرت من "تصديق أنّ وجوه الماضي ستتبنّى آمال المستقبل".
وأشارت صحيفة ليبرتي الى أنّ "النظام أصبح مع رحيل بوتفليقة، لكنّ الشعب مع رحيل النظام".
والخميس، استمرّ التظاهر ضد النظام في ساحة البريد المركزي، ملتقى كلّ المحتجين، حيث تجمّع مئات المهندسين والمحضرين القضائيين، وردّد بعضهم الشعار الذي تبنّاه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "بوتفليقة رايح رايح خذ معاك قايد صالح".