لندن وبروكسل تستعجلان على مضض حسم ما بعد بريكست

مسؤولون أوروبيون يشاركون على مستوى سياسي أرفع من ذي قبل في مفاوضات ما بعد بريكست، للفصل في القرارات وتحديد نقاط التفاهم.
جهود أوروبية لإنعاش آمال التوصل لاتفاق ما بعد بريسكت
الاسترليني يهبط أمام الدولار واليورو وسط شكوك بشأن تمويل خطة انفاق

بروكسل - بدأ البريطانيون والأوروبيون الاثنين مفاوضات مكثفة تستمر خمسة أسابيع حول العلاقة بينهما في مرحلة ما بعد بريكست، على أمل تحقيق تقدم وتفادي عدم التوصل لاتفاق مع نهاية المرحلة الانتقالية أواخر العام.

وبدأت المفاوضات الساعة 11:00 بالتوقيت المحلي (09:00 ت غ) بلقاء جمع في بروكسل بين كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه ونظيره البريطاني ديفيد فروست مفاوض الاتحاد الأوروبي، في أول اجتماع فعلي لهما منذ مارس/آذار.

ومن المقرر أن يعقبه طوال الأسبوع جلسات قصيرة، تجمع فرقا مصغرة، تتناول المواضيع التي تعتبر الأكثر إشكالية. ثم يجتمع المفاوضون كل أسبوع، بالتناوب بين لندن وبروكسل، حتى نهاية يوليو/تموز.

ومن شأن تكثيف المناقشات للتوصل إلى اتفاق مشترك بين لندن وبروكسل أن يعطي "زخما جديدا" للمفاوضات، بعد أربع جولات عرقلها نفشي فيروس كورونا المستجد ولم يسجل فيها أي تقدم يذكر.

واعتبر رئيس الوزراء بوريس جونسون أنه يمكن التوصل في يوليو/تموز إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي. ويرى مسؤول بريطاني أنه "كلما أسرعنا بالتوصل إلى اتفاق، كلما كان ذلك أفضل. لا يوجد أي سبب يمنع من تحديد الخطوط الرئيسية لاتفاق سياسي خلال الصيف".

لكن هذا الاحتمال الطموح رفضه بلباقة الأوروبيون، المنشغلين حالياً بوضع خطة إنعاش اقتصادي لمرحلة ما بعد فيروس كورونا المستجد، معتبرين أن شهر تشرين أكتوبر/الأول، هو "وقت الحقيقة" الفعلي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأعلن بارنييه في مداخلة أمام مركز دراسات السياسة الأوروبية، أن "هذا هو الوقت الذي يجب أن نكون مستعدين فيه لتقديم مسودة اتفاق إذا أردنا التصديق عليها قبل نهاية العام".

مساعي أوروبية لتفادي فشل محادثات ما بعد بريسكت
مساعي أوروبية لتفادي فشل محادثات ما بعد بريسكت

وستستمر المملكة المتحدة، التي غادرت الاتحاد الأوروبي في 31 يناير/كانون الثاني، بتطبيق القواعد الأوروبية لغاية 31 ديسمبر/كانون الأول.

وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول ذلك الوقت، فستطبق حصراً قواعد منظمة التجارة العالمية، مع الرسوم الجمركية المرتفعة والرقابة الجمركية الشديدة على التبادلات التجارية بين هؤلاء الشركاء. ومن شأن ذلك إضعاف الاقتصادات الأوروبية المتضررة أصلا من فيروس كورونا المستجد.

ووعد بارنييه الذي ينتظر "إشارة" من البريطانيين هذا الأسبوع، بأن يكون "بنّاءً" و"خلاقا لإيجاد أرضية تفاهم مشتركة".

ورد نظيره البريطاني فروست في تغريدة، "سوف نذهب إلى بروكسل متسلحين بحسن النية لأخذ مخاوف الاتحاد الأوروبي بعين الاعتبار".

وأضاف فروست الذي عين مستشار الأمن القومي لجونسون الأحد بالإضافة لمهامه كمفاوض في بريكست، "يجب أن تكون مفاوضات حقيقية ويجب أن تتغير بعض مواقف الاتحاد الأوروبي غير الواقعية".

وأشار مصدر قريب من الملف إلى أن "نحو عشرة أشخاص" على الأقل سيشاركون في المفاوضات هذا الأسبوع، "على مستوى سياسي أرفع من ذي قبل، للفصل في القرارات وبالتالي تحديد نقاط التفاهم".

من بين النقاط الخلافية الأساسية بين الطرفين، ضمانات المنافسة العادلة في المجال الضريبي والاجتماعي والبيئي، التي يطلبها الاتحاد الأوروبي على خلفية الخشية من صعود اقتصاد غير خاضع لقيود على أبوابه.

وحذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل السبت في مقابلة مع صحف أوروبية "إذا كانت المملكة المتحدة لا تريد إتباع قواعد مثل الأوروبيين بشأن البيئة أو سوق العمل أو المعايير الاجتماعية، فإن علاقاتنا ستفقد قوتها". وأضافت "فعليها، بالطبع، أن تتحمل بعد ذلك العواقب".

كما سيبحث المفاوضون هذا الأسبوع مكانة محكمة العدل الأوروبية في الاتفاق المستقبلي وإمكانية وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية وكذلك شكل الاتفاق، الذي قد يكون شاملاً يضم جميع مجالات العلاقة، حسب رغبة الأوروبيين، أو مجرد اتفاق تجاري مكون من اتفاقيات صغيرة كما طالب البريطانيون.

والاثنين هبط الجنيه الإسترليني أمام الدولار الأميركي واليورو الأوروبي مع تحويل المستثمرين تركيزهم إلى، كيف ستدبر الحكومة البريطانية أموالا لبرنامج ضخم للبنية التحتية.

ويتعرض الإسترليني أيضا لضغوط من شكوك بشأن، ما إذا كانت بريطانيا ستتوصل إلى اتفاقية للتجارة مع الاتحاد الأوروبي في أعقاب خروجها من التكتل.

وبعد صعوده في وقت سابق اليوم عندما قال جونسون إنه سيضاعف خططا لزيادة الاستثمار العام في البنية التحتية، هبط الاسترليني 0.53 بالمئة إلى 1.2266 دولار بحلول الساعة 15:30 بتوقيت جرينتش.

وأمام اليورو تراجعت العملة البريطانية 0.75 بالمئة إلى 91.61 بنس، وهو أقل من المستويات التي شهدتها الجمعة عندما لامست أدنى مستوى أمام العملة الأوروبية منذ السادس والعشرين من مارس/آذار.