لن تُهزم إيران إلا بالقضاء على أذرعها

النموذج الحوثي في اليمن هو تذكير بأن لا معنى لمواجهة إيران بشكل مباشر من دون العمل على مواجهة عملائها.

ترغب إيران في أن تطل على البحر الأحمر. من أجل أن تحقق رغبتها تلك كان عليها أن تحتل بلدا. كان لها ما أرادت حين فتح الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أبواب صنعاء أمام عملائها الحوثيين.

غير أن البحر الأحمر هو ممر دولي إضافة إلى كونه بحيرة عربية. وهو ما دفع بإيران إلى أن تنحرف باليمن ليكون مصدر خطر على الملاحة الدولية من خلال استهداف ناقلات النفط من قبل الحوثيين.

في ظرفها العصيب تسعى إيران إلى أن توسع من دائرة صراعها مع العالم. فبدلا من أن تنحصر الحرب المتوقعة في المناطق التي تتواجد فيها جيوشها نراها تلجأ إلى عملائها ليؤدوا أدوارا هجومية في وقت مبكر.

وبدلا من أن تركز على القواعد العسكرية التي يمكن أن تشكل مصدر خطر عليها تمد يدها إلى النفط، باعتباره سلاحا يمكنها من خلال منع امداداته الذاهبة إلى العالم التأثير على قرار الحرب.

لا ترغب إيران في أن تفاجئها الحرب. ترغب في أن تكون هي المبادرة لا في الزمان وحده بل في المكان أيضا.

اختارت اليمن لأنها تعتقد أن حرب النفط ستعيق اعداءها من جهة ما يمكن أن تسببه لهم من خسائر مادية غير متوقعة. وهو اعتقاد ليس في محله. ذلك لأن التعرض للملاحة الدولية هو خط أحمر يؤلب العالم كله ضد إيران.

اما أن تقوم إيران بذلك الفعل العدواني غير المحسوب عن طريق وكلائها الحوثيين في اليمن فإنه يجعل مسألة احتواء التمدد الإيراني ملحة وغير قابلة للنقاش أبداً.

كان رد الفعل السعودي دقيقا ومحسوبا. لقد أوقفت شحنات النفط عبر البحر الأحمر. ألا ينطوي ذلك الاجراء الوقائي على جرس انذار يشير إلى أن حرب إيران على العالم قد بدأت؟

الإنذار السعودي هو إشارة إلى خطر مزدوج لم تضعه إيران في حسابها. فالحوثيون الذين انقلبوا على السلطة الشرعية هم وكلاء إيران في اليمن. وهم في الوقت نفسه طرف في حرب لم ينجح المجتمع الدولي في الوصول إلى نهاية لها.

ولأن الحوثيين يحظون بدعم معلن من نظام آيات الله فقد صار القادة العسكريون الإيرانيون يصرحون بأن أذرعهم وصلت إلى البحر الأحمر. وما حدث قبل أيام يؤكد أن في إمكان إيران أن تستبق الأحداث باستعراضات لن يكون لها تأثير على القرار الأميركي غير أنها قد تدفع الولايات المتحدة إلى تحسين شروط التفاوض.

غير أن ما صار معلوما أن الحوثيين هم جزء من تلك اللعبة الإيرانية التي يُراد من خلالها تهديد العالم بقطع جزء من موارده النفطية.

فهل سيبقى الموقف الأميركي من الحوثيين سائبا بعد ما جرى؟

لقد أكد غير مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة لا تنوي اسقاط النظام الإيراني وأنها تهدف فقط إلى تحجيمه وانهاء تمدده في المنطقة. وهو هدف يمكن النظر إليه بحجمه الحقيقي باعتباره وسيلة لدفع النظام الإيراني إلى مواجهة أزماته الداخلية التي ستسقطه لأنه لا يقوى على معالجتها.

غير أن دخول الحوثيين طرفا في حرب إيران على العالم يستدعي موقفا أميركيا عاجلا من أذرع إيران التي بدأت تتحرك لحماية نظام آيات الله قبل أن تبدأ العقوبات الأميركية في السريان.

صار جليا بعد ما فعلته إيران من خلال الحوثيين أن تحجيمها لا يتم من خلال فرض حصار اقتصادي عليها حسب بل وأيضا من خلال الحد من قدرة أذرعها على الحركة.       

إن قطع امدادات إيران لعملائها لا يكفي.

فالعملاء استولوا على دول كما هو الحال في اليمن والعراق. صار في إمكانهم أن يؤلفوا حكومات مثلما فعل حزب الله في لبنان.

لا أبالغ حين أقول إن إيران تعتمد على عملائها في جزء من حربها على العالم. لذلك فإن تحجيمها حسب الرغبة الأميركية ينبغي أن يبدأ بالخلاص من أذرعها بشكل نهائي.