لوبان تستبق الانتخابات البرلمانية بالدعوة لحكومة وحدة وطنية

وزير المالية الفرنسي يحذر من أن الائتلاف اليساري قد يقود البلاد إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي في حال فوزه في الانتخابات.
اليسار الفرنسي يعد بقطيعة كاملة مع الماضي

باريس - أعلنت مارين لوبن زعيمة التجمع الوطني الجمعة أن حزبها اليميني المتطرف قادر على الفوز في الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة وسيشكل "حكومة وحدة وطنية" في تلك الحالة.
وأكدت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي "لدينا إمكانية الفوز في تلك الانتخابات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية".
وأضافت خلال زيارة في إينان-بومون في شمال فرنسا "سنجمع كل الفرنسيين من رجال ونساء أصحاب الارادة الطيبة الذين يدركون الوضع الكارثي لبلادنا" متابعة "يتعين علينا إخراج فرنسا من المأزق".
وأوضحت أنه تعود لجوردان بارديلا رئيس التجمع الوطني ومرشحه لمنصب رئيس الحكومة، مسألة "اختيار فريقه" عندما يحين الوقت.
وتواجه لوبان انتقادات كبيرة إضافة لتهم بالاختلاس حيث أفادت وكالة الصحافة الفرنسية ان مدعين عامين فرنسيين أمروا بمحاكمتها بتهمة استخدام أموال "الاتحاد الأوروبي" لتمويل نشاطات حِزبها.
ويستعد أعضاء من حزب الجمهوريين المحافظ أيضا للانضمام في تحالف مع التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان قبل الانتخابات الفرنسية التشريعية المبكرة نهاية الشهر الجاري.
ويسجل حزب التجمع الذي انخرط منذ عدّة سنوات في استراتيجية الشيطنة، تقدما في استطلاعات الرأي للانتخابات التشريعية رغم أنّ وصوله المحتمل إلى السلطة يثير قلق جزء كبير من الفرنسيين. ومن المقرّر تنظيم تظاهرات ضدّ اليمين المتطرّف نهاية هذا الأسبوع، بدعوة من النقابات والجمعيات.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون عمد الأحد إلى حل الجمعية الوطنية الفرنسية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة تجرى دورتها الأولى في 30 حزيران/يونيو.
وأتى قرار ماكرون إثر فوز كاسح للتجمع الوطني في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في فرنسا حيث اعتبر النجاح تاريخيا ويفتح المجال لهيمنة المتطرفين عن الحياة السياسية في فرنسا.
ووضعت أحزاب اليسار الفرنسي اليوم الجمعة انقساماتها بشأن أوكرانيا والشرق الأوسط جانباً لتقدّم برنامجاً مشتركاً يشكّل "قطيعة كاملة" مع الماضي، وذلك في محاولة منها لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف الذي وعد من جانبه بتشكيل حكومة "وحدة وطنية" في حال فوزه بالانتخابات التشريعية المبكرة.

ومن أبرز الوعود التي أطلقتها الأحزاب اليسارية إطلاق إجراءات اجتماعية وزيادة الحدّ الأدنى للأجور وإلغاء إصلاح نظام التقاعد وإعادة فرض ضريبة على الثروة.

والتحالف الجديد الذي أطلق عليه اسم "الجبهة الشعبية الجديدة" هو ثمرة مفاوضات شاقة وتضمن برنامجه توافقاً على مسائل تتعلق بالسياسة الدولية انقسم حولها اليسار بعمق في الأشهر الأخيرة.

فعلى صعيد الشرق الأوسط، يدعو البرنامج إلى "التحرّك من أجل الإفراج عن الرهائن المحتجزين منذ مجازر حماس الإرهابية... والإفراج عن المعتقلين السياسيين الفلسطينيين".

وكان توصيف الهجمات التي شنّتها حركة حماس الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي واندلعت إثرها الحرب في غزة، أثار انقساماً في اليسار الفرنسي إذ كان حزب فرنسا الأبيّة (يسار راديكالي) يرفض خصوصاً اعتبار حماس "منظمة إرهابية" كما تصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ويومها، أدّى هذا الاختلاف بين فرنسا الأبيّة وشركائها إلى انفراط عقد تحالف اليسار السابق (نوبيس) الخريف الماضي بعدما شُكّل في إطار الانتخابات التشريعية التي جرت في 2022.

وتشكّلت "الجبهة الشعبية الجديدة" على عجل في محاولة من اليسار لقطع الطريق على حزب التجمّع الوطني (يمين متطرف) بعد فوزه في الانتخابات الأوروبية.

وينصّ برنامج الجبهة أيضاً على "الاعتراف فوراً بدولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل على أساس قرارات الأمم المتّحدة" و"فرض حظر على إرسال الأسلحة إلى إسرائيل".

وعلى صعيد الحرب في أوكرانيا التي تثير بدورها خلافاً في صفوف اليسار، تعهّدت الجبهة الشعبية الجديدة "الدفاع من دون كلل عن سيادة الشعب الأوكراني وحريّته" وضمان شحنات أسلحة "ضرورية" لكييف.

واقترح الائتلاف كذلك "إرسال جنود دوليين لضمان أمن المحطات النووية" الأوكرانية ووضع جانباً مسائل خلافية أخرى مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو).

كذلك، فإنّ كبار المسؤولين في الأحزاب الاشتراكي والشيوعي والخضر وفرنسا الأبيّة لم يتّفقوا بعد على الشخصية التي ستتولّى رئاسة الحكومة في حال فوز ائتلافهم في الانتخابات.

وبهذا الصدد، قال الاجتماعي - الديموقراطي رافاييل غلوكسمان الذي حلّ في المرتبة الأولى في صفوف اليسار في الانتخابات البرلمانية الأوروبية "يجب اختيار شخصية تحظى بتوافق"، مستبعداً جان-لوك ميلانشون زعيم "فرنسا الأبيّة" الذي يثير انقسامات والمتّهم بأنّه قريب من روسيا وتبنّي مواقف يعتبرها البعض مبهمة بشأن معاداة السامية.

وأثار ميلانشون مؤخّراً جدلاً بقوله إنّ معاداة السامية "هامشية" في فرنسا، رغم أن الإحصاءات الرسمية للأعمال المعادية لليهود في البلاد تثبت عكس ذلك.

وفي برنامجها المشترك تؤكّد الجبهة الشعبية الجديدة أنّ "الأعمال العنصرية والمعادية للسامية والمعادية للإسلام (...) تشهد انفجاراً مثيراً للقلق وغير مسبوق".