'لوفيغارو' تؤكد والجزائر تنفي عزمها تعليق التبادل التجاري مع فرنسا
الجزائر - نفت الجزائر صحة معلومات نشرتها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تفيد باعتزامها تعليق التبادل التجاري مع فرنسا، بينما لم يخمد هذا النفي الجدل، فيما أشعلت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة للمغرب غضب الجزائر التي سبق وهددت باتخاذ اجراءات عقابية مناسبة ردا على اعتراف باريس بمغربية الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة سبيلا وحيدا لانهاء النزاع المفتعل.
وكشفت الصحيفة الفرنسية في وقت سابق من اليوم الخميس أن "الرابطة المهنية للبنوك والمؤسسات المالية "Abef"، أبلغت المصارف الجزائرية الاثنين 4 نوفمبر/تشرين الثاني بأنه لم يعد من الممكن معالجة عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى فرنسا".
واستغرب المصدر نفسه الإعلان عن هذا الإجراء شفاهيا من طرف منظمة تفتقر إلى صلاحية اتخاذ قرار بمثل هذه الأهمية، مستدركا أن "وثيقة غير موثقة تلخص ما قيل خلال هذا الاجتماع تم تداولها على نطاق واسع في المجتمع الفرنسي"، ما أثار مخاوف الشركات الفرنسية التي تربطها اتفاقيات تجارية مع شركات جزائرية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية اليوم الخميس إنه ليس لديها علم بأي إجراءات فرضتها الجزائر على وارداتها وصادراتها، وذلك بعد أن ذكرت صحيفة "لوفيغارو" أن البنوك الجزائرية تستعد لقيود محتملة.
وأصدر مكتب رئيس الوزراء الجزائري نادر العرباوي بيانا نفي فيه ما ورد بمنشور على منصة "إكس" للسفير الفرنسي السابق كزافييه درينكور يتضمن لقطة شاشة لوثيقة يبدو أنها تحدد القيود على الواردات والصادرات.
وقال البيان "في أعقاب المزاعم الكاذبة التي روج لها السفير الفرنسي السابق في الجزائر... فيما يتعلق بالإجراءات التقييدية المزعومة على التجارة الخارجية، يود المكتب الصحفي لرئيس الوزراء أن ينفي بشكل قاطع هذه المعلومات التي لا أساس لها من الصحة على الإطلاق".
وقال الدبلوماسيون إنه كانت هناك بعض الإشارات في الأيام الأخيرة إلى أن الجزائر قد تتطلع لاستهداف واردات وصادرات فرنسية على وجه التحديد على الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي في هذه المرحلة.
ويأتي هذا التطور بعد أيام قليلة من استبعاد الجزائر الشركات الفرنسية من مناقصة لاستيراد الحبوب، بينما قللت تقارير من أهمية هذا القرار باعتبار أن فرنسا تشهد أحد أسوأ مواسم هذه الزراعة منذ نحو 20 عاما، ما يشير إلى أن صادراتها من القمح ستنخفض إلى مستويات غير مسبوقة.
وكان وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف قد هدد في وقت سابق باتخاذ إجراءات اقتصادية بحق باريس وذلك بعد أيام قليلة من إعلان إيمانويل ماكرون في رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس عن دعم فرنسا لسيادة المغرب على صحرائه وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة كحل وحيد لإنهاء النزاع المفتعل.
وتغامر الجزائر بخسارة علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي في حال قطعت علاقاتها الاقتصادية مع فرنسا العضو البارز في التكتل، فيما يبدو أنها تتجاهل تبعات هذا القرار على معاملاتها التجارية التي ترتبط بشكل وثيق بالاستيراد، بالإضافة إلى انعكاساته السلبية على صادراتها من الطاقة في وقت تقدم نفسها كمزود أساسي للغرب بالغاز والنفط.
ويعيد هذا التوتر إلى الأذهان التصعيد الذي قابلت به الجزائر إعلان مدريد في العام في العام 2022 دعمها لسيادة المغرب على صحرائه، قبل أن تضطرها ضغوط أوروبية إلى مراجعة موقفها وإنهاء القطيعة.
وتسبب الحظر الاقتصادي الذي فرضته الجزائر على عمليات الاستيراد والتصدير من إسبانيا وإليها، في خسائر مالية فادحة للشركات الجزائرية، ما أدى إلى تصاعد التحذيرات من مغبة خرق البلاد لاتفاقياتها التجارية.
ويرى مراقبون أن الجزائر تتوجس من عودة الدفء إلى العلاقات بين المغرب وفرنسا، لا سيما وأن الزيارة التي أداها ماكرون إلى المغرب دشنت صفحة جديدة في التعاون بين البلدين.
ويثير تعهد ماكرون بدعم المغرب في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية في المؤسسات الدولية مخاوف الجزائر التي تسعى إلى إطالة أمد النزاع بدعمها لجبهة بوليساريو الانفصالية وتوفير الغطاء السياسي لقياداتها، بينما شكلّ القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي شدد على أنها طرف رئيسي في الصراع ودعاها إلى الانضمام إلى الموائد المستديرة أوضح دليل على أن الرباط تقترب أكثر من أي مضى من حسم الملف.
وتجاهل المغرب انزعاج الجزائر من الزيارة التاريخية لماكرون إلى المغرب وهو ما أكده وزير خارجيته ناصر بوريطة في تصريح لمجلة "لوبان" هذا الأسبوع بأن "المملكة تركز على علاقاتها بشركائها وتترك لكل دولة الحرية في تطوير الروابط التي ترغب فيها مع الجزائر".