مؤسسة النفط الليبية تتبرأ من اتفاق السراج وأردوغان

الجيش الوطني الليبي يتهم حكومة الوفاق باستخدام عائدات النفط في تمويل الإرهاب ودفع رواتب المرتزقة الذين سهلت لهم تركيا الوصول إلى طرابلس.

لندن - تبرأ مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا الاثنين من الاتفاق البحري المشبوه الذي وقعته حكومة الوفاق الليبية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤكدا إن المؤسسة لم يتم إعلامها ببنوده.

وقال صنع الله خلال كلمة ألقاها في معهد تشاتام هاوس بالعاصمة البريطانية لندن الاثنين إن أحدا لم يستشر المؤسسة في الاتفاق البحري المثير للجدل الذي وقعته حكومة فائز السراج ومقرها طرابلس مع تركيا.

وأضاف صنع الله في بيان أصدرته المؤسسة الوطنية للنفط "أنا واثق من أنّ جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن تريد السلام، والحرية والعدالة الاقتصادية في ليبيا. ولكن الإرادة وحدها غير كافية ما لم تُترجم إلى مواقف وأفعال".

وانتقد البيان البيانات الدولية الداعية إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية فيما تعمل دول أخرى على تقويضها، مؤكدا أن "بعض الدول مستعدّة للتوقيع على أي شيء، وأنّ ذلك لن يمنعها من مواصلة تزويد المقاتلين بالأسلحة، وتغذية النعرات وتأجيج الاختلافات على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حملات التضليل الإعلامي والأخبار الكاذبة التي يطلقونها، في إشارة لوصول مقاتلين وسوريين موالين لتركيا إلى طرابلس عبر مطار إسطنبول في حين يدعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كل الاجتماعات التي يحضرها بشأن ليبيا على إنه يؤيد الحل السلمي والسياسي فيها.

ووقع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية ومقرها طرابلس، اتفاقا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نوفمبر/تشرين الثاني قوبل برفض إقليمي ودولي لما يمثله من تهديد لدول جوار ليبيا، حيث تسعى تركيا للتوسع في المنطقة لبسط نفوذها قرب السواحل الجنوبية لأوروبا التي كشفت عمليات التنقيب فيها في السنوات الأخيرة موارد هامة للغاز.

ورفض البرلمان الليبي ومقره طبرق الاتفاقية الموقعة بين أردوغان والسراج الذي طالب بتوجيه تهمة الخيانة العظمى له. كما طالبت لجنة الخارجية بالبرلمان بتحرك دولي وعربي لصد التدخل التركي في ليبيا.

ويستهدف الاتفاق إقامة منطقة اقتصادية خالصة تمتد من الساحل التركي الجنوبي على البحر المتوسط إلى سواحل شمال شرق ليبيا يسعى من خلالها أردوغان لتوسيع نفوذه في المنطقة.

ورغم وصول الأطراف الدولية التي شاركت في مؤتمر برلين بشأن ليبيا يوم 19 يناير الجاري من بينهم تركيا، إلى اتفاق على احترام حظر إرسال الأسلحة إلى هناك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، عاد أردوغان ليخرق التزاماته الدولية بإرساله المزيد من المرتزقة إلى ليبيا لدعم السراج.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عملية نقل المقاتلين التي تقوم بها تركيا من الأراضي السورية إلى داخل الأراضي الليبية، لا تزال متواصلة على قدم وساق على الرغم من كل التحذيرات الدولية والنشر الإعلامي للمرصد السوري، إلا أن عملية تسجيل أسماء الراغبين بالذهاب إلى طرابلس مستمرة بشكل كبير.

ليب

ورصد المرصد السوري ارتفاع أعداد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة طرابلس حتى الآن إلى نحو 2600 مرتزق، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1790 مجند، وسط استمرار عمليات التجنيد بشكل كبير في الشمال السوري.

واتهم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مرارا حكومة الوفاق باستخدام عائدات النفط في تمويل الإرهاب.

وأكد الجيش الذي يقوم منذ أبريل الماضي بعملية عسكرية لاستعادة العاصمة طرابلس من الميليشيات والإرهابيين، أن حكومة السراج تتحكم في توزيع موارد بما يتناسب مع مصالحها الخاصة وهي تعتمد سياسة كارثية لإدارة هذا المورد الوطني الهام.

واتهم شيوخ القبائل الذين يدعمون الجيش بقيادة حفتر حكومة السراج باستخدام إيرادات النفط لدفع أجور لمقاتلين أجانب، في إشارة إلى قرار تركيا إرسال جنود ومقاتلين سوريين موالين لها إلى غرب ليبيا لمساعدة حكومة طرابلس في التصدي لحملة الجيش الوطني ضد الإرهابيين.

وفي 17 يناير الجاري، أغلق رجال قبائل ميناء الزويتينة النفطي الواقع قرب سواحل طرابلس بالإضافة لعدد من الموانئ الأخرى، رفضا لاستغلال الميليشيات الموالية لتركيا لعوائد النفط في التسليح وضرب الجيش الليبي، علاوة على مخاوف من تحويل أموال النفط الليبي إلى البنوك التركية، وهي العمليات التي كشفت عنها تقارير عدة في الآونة الأخيرة.

وتراجع انتاج ليبيامن الخام إلى 262 ألف برميل يوميا وقد يهبط إلى 72 ألف برميل يوميا قريبا جدا، وفقا لوكالة رويترز.

ويمثل هذا التراجع نحو 78 بالمئة من إنتاج ليبيا خلال 10 أيام فقط، بعد أن فقدت نحو 938 ألف برميل يوميا مقارنة بإنتاجها في 18 يناير الجاري، وفقا لبيانات مؤسسة النفط.

وندد صنع الله بعمليات التحريض السابقة التي قام بها آمر حرس المنشآت النفطية السابق إبراهيم جضران لإقفال خطوط أنابيب النفط في البلاد وما تسببت فيه عمليات التخريب التي مارستها ميليشيات تابعة له على مدار سنوات من مشاكل فنية وآثار بيئية خطيرة.

ودعا المجتمع الدولي والدول الفاعلة في الصراع الليبي إلى الالتزام بالدفع نحو تطبيق "سيادة القانون" لأنه "هو الأساس لحل النزاع في ليبيا".

وجضران هو أحد قادة الميليشيات الليبية الذي كبد البلاد خسائر بمليارات الدولارات بسبب سيطرته المتكررة على مرافئ النفط، منذ العام 2013، بإيعاز من دول خارجية متحالفة مع الإخوان المسلمين وفصائل إسلامية أخرى مدعومة من قطر وتركيا.

كما أنه مدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن والولايات المتحدة الأميركية وهو مطلوب أيضا للنائب العام رفقة أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج على خلفية قضايا تتعلق بالاستعانة بالمرتزقة خلال هجماته على خليج سرت النفطي، بالإضافة إلى انه محكوم عليه بالسجن المؤبد منذ عام 2005 لاتهامه بالانتماء لتنظيمات متشددة.

وسيطرت ميليشيات تعرف باسم "حرس المنشآت النفطية" بقيادة الجضران على منطقة الهلال النفطي الذي يضم أهم موانئ تصدير النفط في يناير عام 2013، قبل ان تستعيدها قوات الجيش الوطني وبشكل نهائي في  يونيو 2018.

وعبثت ميليشيات جضران المعروف بعلاقاته المشبوهة بمتمردين ومرتزقة تشاديين، بالمنشآت النفطية في ليبيا طيلة تلك السنوات، حيث حاولت بيع النفط بطريقة غير مشروعة في مارس عام 2014، لكن ناقلة النفط المورينيج جلوري احتجزت من قبل قوات البحرية الأميركية قبالة قبرص، بعد فشل البحرية الليبية في القبض على الناقلة التي خرجت من ميناء السدرة، بمنطقة الهلال النفطي.