مؤشرات ترسم صورة قاتمة للاقتصاد التونسي المتعثر

الخلاف بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل حول زيادة الأجور في القطاع العام يلقي بظلال ثقيلة على قيمة العملة الوطنية التي تراجعت إلى أدنى مستوياتها.

التوتر بين الحكومة واتحاد الشغل يعمّق أزمة الدينار التونسي
ارتفاع قياسي في معدل التضخم وتراجع حاد في قيمة الدينار
الأزمة الاقتصادية ليست طارئا بقدر ما هي نتاج لعقود من الفساد

تونس - ترسم المؤشرات الاقتصادية في تونس إلى جانب التوتر المعلن والمتواصل بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر مركزية نقابية في البلاد والتي تتمتع بنفوذ واسع، صورة قاتمة للوضع في تونس.

وألقى الخلاف بين حكومة يوسف الشاهد واتحاد الشغل حول الزيادة في أجور القطاع العام بظلال ثقيلة على العملة الوطنية (الدينار) التي هوت في السنوات الأخيرة إلى أدنى مستوياتها لتستقر الثلاثاء عند عتبة 3 دنانير أو أدنى بقليل مقابل الدولار بعد أن تعافت نسبيا في الأيام القليلة الماضية.

وتُبدد المؤشرات الاقتصادية الراهنة كل الآمال المعلقة على تحسّن الوضع الاقتصادي وبالتالي تحسن الوضع المعيشي للتونسيين، في الوقت الذي تتزاحم فيه الأحزاب وضمنها أحزاب الائتلاف الحاكم على تأمين حظوظها في الانتخابات العامة المقررة في 2019.

ودخلت الحكومة واتحاد الشغل في معركة لي أذرع في الفترة الأخيرة بعد فشل مفاوضات حول زيادة الأجور في القطاع العام، ليعلن الاتحاد إضرابا عاما أصاب البلاد بالشلل ثم قرّر لاحقا إضرابا عاما آخر بيومين في فبراير/شباط، مبقيا الضغوط على الحكومة وتاركا في الوقت ذاته الباب مواربا للتوصل لاتفاق خلال الفترة التي تسبق الإضراب العام المرتقب (في فبراير).

وفيما ترى المركزية النقابية أن حكومة الشاهد عمّقت تدني المقدرة الشرائية للتونسيين و"جوّعت" الشعب وتسببت في اختلال التوازنات المالية وارتهنت سيادة البلاد للمؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي تحديدا)، يجادل الشاهد نفسه بمحدودية الإمكانات المالية وعدم قدرة الدولة على دفع أكثر مما دفعته، في إشارة إلى الزيادات في الأجور والتجاوب سابقا مع المطالب العمالية والاجتماعية.

والأزمة متعدد الرؤوس (اجتماعية واقتصادية وسياسية) التي ضربت تونس على مدى سنوات ما بعد ثورة يناير/كانون الأول 2011 ليست طارئا في خضم تراكمات عقود من الفساد وتركة ثقيلة توارثتها الحكومات المتعاقبة في ما بعد الثورة، فهي نتاج حتمي للمحسوبة والتهميش والفساد.

وفشلت كل الحكومات المتعاقبة في حل الأزمة الاقتصادية لأسباب تتعلق بغياب إرادة سياسية وأخرى تشمل تعثر كل القطاعات الإنتاجية والحيوية بما في ذلك إنتاج الفوسفات على سبيل الذكر لا الحصر.

كما عمقت الاعتداءات الإرهابية خاصة في 2015 جراح الاقتصاد التونسي ودفعت بقطاع السياحة أحد أهم مورد للعملة الصعبة، إلى أزمة لم يتعافى منها إلا في العامين الأخيرين.

ويبدو الشاهد الذي أبدى تفاؤلا بتحسن المؤشرات الاقتصادية في العام 2019، عاجزا في ظل التراكمات السابقة وعلى ضوء الانقسامات السياسية، عاجزا عن تقديم حلول عملية وعاجلة.

وتشهد تونس منذ مطلع العام الحالي مطالبات يقودها الاتحاد لزيادة أجور الموظفين العموميين في البلاد، ويتجاوز عددهم 650 ألف موظف.

والسبت الماضي أعلن اتحاد الشغل إضرابا عاما في القطاع العام والوظيفة الحكومية، يومي 20 و21 فبراير/شباط المقبل، عقب ما وصفه بـ "انسداد الحوار والتفاوض مع الحكومة حول الزيادة في الأجور بالقطاع".

ويعد عجز الميزان التجاري التونسي، أحد أسباب رئيسة لهبوط العملة الوطنية، إضافة إلى تباطؤ نمو الاستثمارات الأجنبية وارتفاع قياسي في معدل التضخم بلغ في 2018 نحو 7.4 بالمئة.

ووفق بيانات رسمية صدرت في وقت سابق من الشهر الحالي، بلغ العجز التجاري لتونس خلال 2018، رقما قياسيا عند 19.04 مليار دينار (6.45 مليارات دولار) مقابل 15.59 مليار دينار (5.28 مليارات دولار) في 2017.