مئات آلاف النازحين السوريين يكشفون حجم الفشل التركي

مخاوف من أن يصل عدد النازحين السوريين إلى المليون قرب الحدود التركية في حال تواصلت هجمات النظام على ادلب.

دمشق - نزح 750 ألف مدني سوري من منازلهم بسبب الهجمات العنيفة التي يشنها نظام الأسد وروسيا والمجموعات المدعومة من إيران، على إدلب، في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار، منذ 17 أيلول/سبتمبر.
ويتوجّه معظم النازحين الهاربين من القصف، إلى مخيمات "أطمة" و"دير حسن" و "قاح" و"كفرلوسين" شمالي إدلب، والواقعة قبالة قضاء "ريحانلي" التابع لولاية هطاي جنوبي تركيا، فضلًا عن بساتين الزيتون ومنطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون".
وقال محمد حلاج، مدير جمعية منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري إن المنطقة تعرضت لـ3 حملات عسكرية منذ توقيع اتفاق إدلب، وإن إجمالي عدد النازحين منها بلغ 750 ألفًا.
وأوضح حلاج أنهم يخشون ارتفاع عدد النازحين إلى المليون في حال تواصلت الهجمات على المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة، مثل معرة النعمان وسراقب وأريحا.
وبين أن الحاجة الأبرز اليوم للنازحين هي تأمين المأوى في ظل عجز المنظمات الإنسانية عن تأمينها بسبب كثافة النزوح في الفترة السابقة.
كما أشار إلى وجود حاجة كبيرة إلى المياه النظيفة، والصرف الصحي، وخاصة في المخيمات العشوائية التي بدأت في الانتشار خلال الفترة الأخيرة.
وشدّد على أن المشاكل مثل انعدام شبكات الصرف الصحي، تؤدي إلى انتشار الأمراض لدى النازحين.

وتشهد محافظة إدلب ومحيطها في شمال غرب سوريا هدوءاً "حذراً" مع توقف الغارات منذ دخول الهدنة التي أعلنت دمشق الموافقة عليها ورحّبت بها موسكو حيز التنفيذ، عند منتصف ليل الخميس/الجمعة، بعد ثلاثة أشهر من التصعيد.

ورسم هذا الوضع الكارثي حدود الفشل التركي في سوريا اذ ان كل الجهود التي بذلتها تركيا في اقامة نحو 12 نقطة مراقبة في المنطقة المشمولة باتفاق خفض التصعيد، اخفقت في دفع الفصائل الإسلامية المتشددة ومنها هيئة تحرير الشام وبعضها مدعوم من أنقرة أو لها ارتباطات سريّة، للانسحاب من المنطقة بأسلحتها الثقيلة، ما يلقي بظلال من الشك حول إمكانية نجاح أنقرة في الحفاظ على الهدنة.

الوجود التركي في سوريا
شكوك حول إمكانية نجاح أنقرة في الحفاظ على الهدنة

وتقول موسكو إن تركيا هي المسؤولة عن تنفيذ اتفاق خفض التصعيد في ادلب بموجب اتفاق سوتشي، حيث أقامت أنقرة 12 نقطة مراقبة، لكنها اصطدمت برفض جماعات إسلامية إلقاء السلاح والخروج من المنطقة.

وتريد تركيا تعزيز وجودها في المنطقة تحت عنوان حماية أمنها القومي وتسعى في الوقت ذاته لتحجيم دور المسلحين الأكراد، فيما ترى دمشق في الوجود العسكري التركي احتلالا.

وأمام الأوضاع الكارثية في منطقة خفض التوتر أضرب ناشطون حقوقيون في العاصمة البريطانية لندن، عن الطعام، للتضامن مع أهل إدلب، وللفت انتباه العالم إلى المجازر المرتكبة بحقهم على يد النظام السوري وداعميه.
وطالب الناشطون المضربون عن الطعام من أمام مكتب رئيس الوزراء، الحكومة البريطانية بأخذ زمام المبادرة لوقف الهجمات على إدلب.
وقال بيان للنشطاء المضربين عن الطعام في لندن: "لم يُبلّغ في وسائل الإعلام العالمية عن مقتل مئات السوريين يوميا. نحاول إسماع العالم أصوات نسائنا وأطفالنا الذين يُدفنون وهم أحياء تحت أنقاض منازل مدمرة جراء قصفها من قبل النظام وحلفائه روسيا وإيران".

وقتل 12 عنصراً من قوات النظام السبت في انفجار ذخيرة في مطار الشعيرات العسكري في محافظة حمص في وسط سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان من دون أن يتمكن من تحديد السبب.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بدورها أن الانفجار نتج من "خطأ فني خلال نقل ذخيرة منتهية الصلاحية"، مشيرة إلى "ارتقاء عدد من الشهداء" من دون تحديد الحصيلة.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "قتل 12 عنصراً من قوات النظام جراء انفجار الذخيرة بعد ظهر السبت، إلا أن الأسباب لا تزال غير واضحة، إذا كانت ناجمة عن استهداف أو خلل فني".

ويُعد مطار الشعيرات أحد أبرز المطارات العسكرية في سوريا، وكان ينتشر فيه مقاتلون إيرانيون داعمون لقوات النظام. واستهدفته الصواريخ الأميركية في نيسان/أبريل العام 2018 رداً على هجوم بغاز السارين على مدينة خان شيخون (شمال غرب) اتهمت واشنطن دمشق بتنفيذه وأودى بأكثر من 80 مدنياً.

ولم تحل الهدنة التي تزامنت مع جولة جديدة من محادثات آستانا، دون خروقات "محدودة" مع قصف متقطع بالقذائف من طرفي النزاع ، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، ما تسبب بمقتل مدني على الأقل في محافظة اللاذقية (غرب) بنيران الفصائل، وفق ما نقل الإعلام السوري الرسمي.
ومنتصف سبتمبر/أيلول 2017، أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة التوصل إلى اتفاق ينص على إنشاء منطقة خفض تصعيد بمحافظة إدلب ومحيطها.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، أبرمت تركيا وروسيا، اتفاق "سوتشي"، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، وسحبت بموجبه المعارضة أسلحتها الثقيلة من المنطقة التي شملها الاتفاق في 10 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
ومنذ 26 أبريل/نيسان، يشن النظام وحلفاؤه حملة قصف عنيفة على منطقة "خفض التصعيد" شمالي سوريا، التي تم تحديدها بموجب مباحثات أستانة، بالتزامن مع عملية برية.
وكشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير لها، الأربعاء، عن مقتل 781 مدنيا على الأقل، بينهم 208 أطفال، جراء غارات للنظام وحلفائه على منطقة خفض التصعيد، خلال المدة الواقعة بين 26 أبريل/نيسان، حتى 27يوليو/تموز.
ويقطن المنطقة حاليا نحو 4 ملايين مدني، بينهم مئات آلاف ممن هجرهم النظام من مدنهم وبلداتهم على مدار السنوات الماضية، في عموم البلاد.