عرضي أم مدبر.. انفجار ضخم يهز ميناء رئيسا في جنوب ايران

الحادث وقع نتيجة انفجار عدة حاويات مخزنة في منطقة رصيف ميناء الشهيد رجائي وسط تصاعد التهديدات الإسرائيلية باستهداف المواقع الحيوية لايران.

طهران - أسفر انفجار قوي وقع السبت في مرفأ رئيسي في جنوب إيران عن مقتل 5 أشخاص وسقوط ما لا يقل عن 500 جريح، على ما أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي الذي لم يعط على الفور أي توضيح حول سبب الانفجار، حيث يأتي الحادث وسط مخاوف إيرانية من تعرض البلاد لهجمات خاصة من إسرائيل والولايات المتحدة. وكانت ايران اتهمت اسرائيل سابقا بالتورط في انفجارات غامضة هزت مواقع نووية ونفطية اضافة لتنفيذ عمليات اغتيال طالت لكن الدولة العبرية نفت ذلك.

وهذا الحادث ليس استثنائيا في سياق حوادث مشابهة ألقت فيها ايران بالمسؤولية على اسرائيل مثل تعرض منشآت نووية للتخريب أو التفجير وحوادث أقل خطورة أو هجمات سيبرانية استهدفت منشآت حيوية او عمليات اغتيال طالت علماء نويين ايرانيين.

وعلى مدى السنوات الأخيرة، تصاعدت وتيرة الهجمات الغامضة والانفجارات داخل إيران، مستهدفة منشآت نووية وعسكرية وأمنية بالغة الحساسية، في ما اعتبرته طهران جزءًا من حرب خفية تقودها إسرائيل. من بين أبرز هذه الحوادث، الانفجار الذي دمّر جزءًا من مفاعل نطنز النووي في يوليو/تموز 2020، تلاه هجوم آخر في أبريل/نيسان 2021 عطّل أنظمة الطاقة فيه. كما اغتيل العالم النووي البارز محسن فخري زاده في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في عملية معقدة اتُهم فيها الموساد الإسرائيلي مباشرة. وتكرر المشهد مع تفجير منشأة بارشين العسكرية في مايو/أيار 2022، وهجوم بطائرات مسيّرة استهدف مصنعًا عسكريًا في أصفهان مطلع عام 2023. هذه الهجمات، التي تنوعت أساليبها بين تفجيرات داخلية وعمليات اغتيال وهجمات إلكترونية أو عبر طائرات دون طيار، تعكس تصعيدًا ممنهجًا في الصراع الإسرائيلي–الإيراني، وتثير تساؤلات حول قدرة إيران على حماية منشآتها الحيوية من الاختراق."

ويأتي الانفجار في غمرة محادثات نووية في العاصمة العمانية مسقط وفي خضم توتر لا يهدأ مع إسرائيل التي هددت ايران بشن غارات على مواقعها النفطية والنووية، فيما أظهرت الدولة العبرية من خلال تفجيرات أجهزة بيجر حزب الله اللبناني حليف طهران، قدرة عالية على خوض مثل هذه العمليات والتخطيط المحكم.
وذكر التلفزيون الرسمي نقلا عن جهاز الطوارئ أن "500 شخصا اصيبوا بجروح ونقل منهم العشرات إلى مراكز الاستشفاء بينما قتل 4 اخرون " بعد الانفجار في مرفأ الشهيد رجائي على بعد نحو ألف كيلومتر جنوب طهران قرب مدينة بندر عباس الساحلية الكبيرة.
وفي وقت سابق، نقل التلفزيون عن إسماعيل مالكي زاده، المسؤول في إدارة الموانئ والملاحة في هرمزغان قوله إنه "وقع الانفجار في جزء من رصيف ميناء الشهيد رجائي، ونعمل على إخماد الحريق".

وقال مسؤول جهاز الطوارئ مهرداد حسن زاده للتلفزيون إن "الحادث وقع نتيجة انفجار عدة حاويات مخزنة في منطقة رصيف ميناء الشهيد رجائي".
ويعد ميناء الشهيد رجائي، الواقع بالقرب من مدينة بندر عباس الساحلية الرئيسية، أكبر ميناء تجاري في إيران، وتمر عبره أكثر من 70 في المائة من البضائع الإيرانية، وفق البيانات الرسمية. ويقع الميناء على مضيق هرمز الذي يمر عبره خُمس إنتاج النفط العالمي.
وبث التلفزيون لقطات تظهر عمودا كبيرا من الدخان الأسود يتصاعد في السماء من الميناء مضيفا أن دوي الانفجار سُمع على مسافة أكثر من 10 كيلومترات. وذكرت وكالة تسنيم للأنباء أن "موجة الصدمة كانت قوية لدرجة أن معظم المباني في الميناء تعرضت لأضرار بالغة".
ولم يعرف على الفور عدد الموظفين الذين كانوا في الميناء لحظة وقوع الانفجار، في أول يوم عمل في الأسبوع في إيران.
ولا يستبعد وفق مراقبين تورط المخابرات الإسرائيلية " الموساد" في تنفيذ تفجير في الميناء خاصة وأنها اتهمت سابقا بالتورط في تنفيذ تفجيرات في عدد من المنشآت النفطية والنووية ناهيك عن عمليات الاغتيال او شن هجمات الكترونية.
ويأتي الانفجار مع انطلاق الجولة الثالثة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية في سلطنة عُمان، على ما أفاد الإعلام الرسمي الإيراني، بعد إعلان الجانبين إحراز تقدم في الاجتماعات الأخيرة في روما.
وتأتي هذه الاجتماعات، بوساطة عُمانية، عقب جولتين سابقتين من المفاوضات غير المباشرة، عُقدت الأولى في 12 نيسان/أبريل في مسقط، ثم الثانية في 19 نيسان/أبريل في روما.
ويقود المحادثات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف فيما يقوم وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي بدور الوسيط بينهما.
وتعقد مباحثات فنية على مستوى الخبراء بموازاة المحادثات رفيعة المستوى. وجددت إيران التأكيد الجمعة أن المحادثات غير مباشرة على غرار الجولتين السابقتين.
وأورد التلفزيون الرسمي الإيراني أنّ المباحثات بدأت في عمان حوالى الساعة 08.00 بتوقيت غرينتش، من دون أن يحدد إن كان هذا الموعد يخص الاجتماع الفني أو المباحثات بين عراقجي وويتكوف.
ويُعد هذا أعلى مستوى من التواصل بين البلدين اللذين لا يقيمان علاقات دبلوماسية منذ 1980، منذ أن سحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلده أحاديا في 2018 من الاتفاق النووي المُبرَم بين إيران والقوى الكبرى عام 2015.
ومن المقرر أن تستمر هذه الجولة من المفاوضات يوما واحدا. إلا ان وكالة إرنا الإيرانية الرسمية ذكرت أنه "مع ذلك، ونظرا لأن المفاوضات سوف تركز على القضايا الفنية والمتعلقة بالخبراء وفحص التفاصيل، فمن الممكن أنّ تُمدد إذا اقتضى الأمر".