مئات القضاة الأتراك يشتكون لدى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان

المحكمة تؤكد أنها تسلمت 546 شكوى من قضاة تم توقيفهم قيد التحقيق بذريعة أنهم أعضاء في منظمة غولن.

باريس - أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في بيان الإثنين أنها تسلمت 546 شكوى حول التوقيف المؤقت لقضاة في تركيا بعد الانقلاب الفاشل الذي وقع في تموز/يوليو 2016.

وقالت المحكمة التي تتخذ ستراسبورغ مقرا لها "في تواريخ مختلفة، تم وقف أصحاب الشكاوى ال546 وجميعهم قضاة عن العمل بذريعة أنهم أعضاء في منظمة" الداعية فتح الله غولن التي تعتبرها تركيا "إرهابية" وتم اعتقالهم ووضعهم في التوقيف قيد التحقيق.

وكانت المفوضية الأوروبية انتقدت الأربعاء، تدهور الأوضاع في المحاكم والسجون والاقتصاد في تركيا، مشددة على أن ذلك سيكون سببا في تلاشي آمال أنقرة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في وقت دعت فيه للإسراع في بدء مفاوضات مع ألبانيا ومقدونيا الشمالية تمهيدا لضمهما إلى التكتل الأوروبي.

وقالت المفوضية في تقريرها السنوي الذي صدر الأربعاء، أن ترشح تركيا للانضمام إلى أكبر مجموعة تجارية في العالم مجمد بسبب "المزيد من التراجع الخطير" في مجالات حقوق الإنسان واستقلال القضاء والسياسات الاقتصادية المستقرة. ولا يزال التكتل يعتبر تركيا حليفا أمنيا وثيقا.

وكل هذه مجالات يعتبرها الاتحاد الأوروبي أساسية، إذ يفتخر بكونه ناديا ديمقراطيا لاقتصادات السوق التي تحترم سيادة القانون.

وقالت المفوضية في تقريرها السنوي عن التقدم الذي أحرزته أنقرة نحو الانضمام الاتحاد الأوروبي، وهو المسار الذي اتخذته رسميا منذ عام 2005 "تركيا مستمرة في التحرك بعيدا عن الاتحاد الأوروبي".

تركيا مستمرة في التحرك بعيدا عن الاتحاد الأوروبي

وأضافت المفوضية عن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي الذي يشترك في حدود مع العراق وسوريا "المفاوضات... وصلت فعليا إلى طريق مسدود".

وفي ظل ما تعتبره حكومات الاتحاد الأوروبي انزلاقا إلى الحكم الاستبدادي في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، واجهت أنقرة تقارير قاسية من المفوضية على مدى سنوات، لكن لم يكن أي منها شديد الانتقاد على هذا النحو في العديد من المجالات.

وقالت المفوضية إن حرية التعبير والاحتجاج تواجه قيودا، وإن الديمقراطية المحلية في خطر، وإن الحكومة "أثرت سلبا" على الأسواق المالية.

وجاء في تقرير المفوضية "يستمر التراجع الخطير في الاقتصاد التركي مما يؤدي إلى مخاوف أعمق بشأن أداء اقتصاد السوق في البلاد".

ومع قمع أردوغان للمعارضين وسلطاته الرئاسية الجديدة التي تقول المفوضية إنها تفتقر إلى الضوابط والتوازنات، يقول العديد من دول الاتحاد الأوروبي إن تركيا لم تعد تستوفي المعايير الديمقراطية لتكون مرشحا، ناهيك عن أن تصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي.

ويريد الاتحاد الأوروبي، وهو أكبر مستثمر أجنبي في تركيا وأبرز شركائها التجاريين، عودة للإصلاحات التي شهدتها سنوات أردوغان الأولى في السلطة كرئيس للوزراء من عام 2003 والتي جعلت من البلاد اقتصادا ناشئا مهما.

لكن المفوضية قالت في تقريرها إنه حتى مع إلغاء حالة الطوارئ عام 2018 عقب الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016، أصبح العديد من "عناصرها القمعية" قانونيا.

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان
اردوغان انقلب على نتائج الانتخابات البلدية في إسطنبول بعد خسارة حزبه

وقالت المفوضية إن من دواعي القلق البالغ إلغاء الانتخابات البلدية في إسطنبول والتي أجريت في مارس/آذار وفازت بها المعارضة بعد 25 عاما من حكم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان وأسلافه الإسلاميين، وتحديد موعد جديد لها في 23 يونيو/حزيران.

وقالت المفوضية إن ذلك "يتعارض مع جوهر العملية الانتخابية الديمقراطية، أي ضمان سيادة إرادة الشعب"، معبرة عن الأسف "للتراجع الجدي في مجالي دولة القانون والحقوق الأساسية مع ضعف القوى المضادة" للسلطات في تركيا.

في المقابل رفض نائب وزير الخارجية التركي، رئيس شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا، فاروق قايمقجي، انتقادات المفوضية ووصفها بـ"غير العادلة وغير المتناسبة".
وأضاف أن تقرير الاتحاد الأوروبي عن تركيا يتضمن عبارات غير صحيحة عن ابتعاد تركيا عن الاتحاد، مؤكدا أن "تركيا جزء من أوروبا".
وأشار إلى أن التقرير يعكس الأزمات الوجودية للاتحاد الأوروبي قائلا "كما رأينا في انتخابات البرلمان الأوروبي، فالتيارات الشعبوية لاقت استجابة في الرأي العام الأوروبي".

وبين قايمقجي أن تركيا ستسجل الانتقادات المتناسبة والمعقولة بعناية وستستخدمها كعوامل بناءة تساهم في الإصلاحات.

ولم تتوقف حملات التطهير في تركيا منذ أكثر من عامين بعد الانقلاب الفاشل، مع توقيفات جديدة يتم الإعلان عنها كل أسبوع تقريباً.

وتقول تركيا إن نطاق الحملة تبرره جسامة الأحداث التي وقعت في 15 يوليو/تموز عندما قاد جنود مارقون دبابات وطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر وقصفوا البرلمان ومقار حكومية في محاولتهم لانتزاع السلطة.

وبالإضافة إلى الأشخاص المرتبطين أو المشتبه بارتباطهم بحركة الداعية غولن، استهدفت عمليات التطهير معارضين موالين للأكراد ووسائل إعلام، ما أثار انتقادات من جانب الدول الأوروبية ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان.

ويواجه أردوغان اتهامات من منتقديه باتخاذ الانقلاب الفاشل ذريعة لسحق المعارضة في حين تقول السلطات التركية إن الإجراءات ضرورية للتصدي لتهديدات الامن القومي.