ماذا لو فاز نبيل القروي بالرئاسة في الدور الثاني

الطريق إلى قصر قرطاج بالنسبة للمرشح الرئاسي نبيل القروي معبدة بالألغام القانونية والدستورية.

عقبات قانونية قد تجهض آمال القروي في الرئاسة
وضع نبيل القروي استثناء يستثير خبراء القانون والدستور
إذا فاز القروي بالرئاسة سيكون رئيسا بلا حصانة
تجاوزات تلاحق حملة القروي قد تسقطه من المرتبة الثانية في قائمة المترشحين

تونس - تطوق ألغام قانونية طريق المرشح الرئاسي نبيل القروي نحو قصر قرطاج وتهدد بإجهاض مساعيه للظفر بأعلى منصب بالبلاد وهو الذي خاض الجولة الأولى للاقتراع من وراء القضبان.

والقروي مرشح حزب قلب تونس (ليبرالي)، موقوف منذ 23 أغسطس/آب الماضي إثر صدور قرار بحقه من إحدى دوائر محكمة الاستئناف بالعاصمة على خلفية اتهامات في قضية تبييض أموال وتهرب ضريبي تقدمت بها للقضاء منظمة "أنا يقظ" (محلية غير حكومية).

ووفق مؤشرات أولية ونتائج جزئية، حل القروي بالمركز الثاني ضمن السباق بحصوله على 15.4 بالمئة من أصوات الناخبين بعد المرشح المستقل قيس سعيّد بـ18.8 بالمئة، وفق أرقام رسمية بعد فرز 48 بالمئة من الأصوات.

وعلى ضوء المعادلة الجديدة التي تفرضها النتائج الجزئية للدور الأول للاقتراع، بات من الضروري تسليط الضوء على الوضع القانوني للقروي والسيناريوهات المتوقعة أو التي يفرضها القانون في حال حصوله على تذكرة العبور النهائي نحو قصر قرطاج.

وبعبوره الذي بات وشيكا لجولة الإعادة للاقتراع، تتفجر من جديد سيناريوهات تلتقي جميعها عند جملة من النقاط القانونية التي يرى خبراء أنها قد تشكل عقبة بوجه القروي نحو قصر قرطاج.

فإما استبعاد القروي من السباق بشكل نهائي وهذا قد يحدث في حال إدانته في قضية الفساد المرفوعة ضده، أو في حال إسقاط هيئة الانتخابات جميع أصواته أو جزءا منها، إذا ما تم تأكيد ارتكابه خروقات بالحملة الانتخابية.

السيناريو الثاني يتمثل في خوضه الجولة الثانية وفوزه، وفي هذه الحالة سيكون رئيسا بلا حصانة، إلى حين صدور حكم بات في القضية.

أما الطرح الثالث وهو المستبعد، فيشمل صدور حكم قضائي ضده بعد فوزه.

واعتبر القاضي الإداري السّابق أحمد صواب، أنّ "تقدم القروي في النتائج وإحرازه المرتبة الثانية، سيجبر هيئة الانتخابات على قبول مشاركته في الحملة الانتخابية (جولة الإعادة)، وكذلك الظهور ولو عبر تطبيق سكايب في المناظرة التلفزيونية التي غاب عنها بالدور الأول".

هل يخوض القروي جولة الاعادة في منافسة سعيد أم سيجري استبعاده من المرتبة الثانية لأسباب قانونية
هل يخوض القروي جولة الاعادة في منافسة سعيد أم سيجري استبعاده من المرتبة الثانية لأسباب قانونية

وأضاف "بإمكان هيئة الانتخابات إسقاط مشاركة القروي على أساس التجاوزات المرصودة بحقه خلال الحملة الانتخابية ومن ذلك استخدامه الإشهار السياسي (الدعاية خارج الحملة الانتخابية)، وتجاوزه التمْويل القانوني الذي لا يجب أن يتجاوز 1.7 مليون دينار تونسي (نحو 590 ألف دولار)".

ولفت إلى أنه "تم مبدئيا رصد عديد التجاوزات والخروقات القانونية بحق حملة نبيل القروي من قبل عدد من منظمات المجتمع، بينها منظمة مراقبون ومنظمة أنا يقظ إضافة إلى مراقبي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات".

وحسب صواب، فإن "الأمر في هذه الحالة مفتوح على احتمال إسقاط جزء أو جميع الأصوات التّي جمعها القروي".

كما أشار إلى "وجود إشكال في التمويل بإمكانه إسقاط نتائج الانتخابات سواء في الرئاسية أو التشريعية وهذا ما حصل في 2011 حين تم إسقاط 5 مقاعد لحزب "العريضة الشعبية" آنذاك (تيار المحبة حاليا برئاسة الهاشمي الحامدي)، على أساس تمويل غير شرعي ضبطته هيئة الانتخابات وأكدته فيما بعد دائرة (محكمة) المحاسبات".

وفي حال إلغاء كلي أو جزئي للأصوات التي حصل عليها القروي "يتم احتساب أصوات المنافس الذّي من المفترض أن يمر معه إلى الجولة الثانية والمنافس الذّي يحتل المرتبة الثالثة أو الرابعة (في حال انسحاب صاحب المركز الثالث ‎لأي سبب من الأسباب)".

وحتى فرز 48  بالمئة من الأصوات يأتي مرشح حزب حركة النهضة الإسلامية عبدالفتاح مورو في المرتبة الثالثة بـ13.2 بالمئة من الأصوات.

في هذه الحال، يرى خبراء القانون أنه يتم آليا استبعاد القروي من السباق وعبور المرشح صاحب المركز الثالث بالدورة الأولى للاقتراع.

وأكد أحمد صواب أيضا أنه في حال تم تجاوز كل الإشكالات المذكورة ومر القروي في الدور الثاني وفاز بالانتخابات، فهنا يتم الاستناد إلى 3 نصوص قانونية تشمل الجزائي والانتخابي والدستوري.

وتابع "في هذه الحالة، قد يقول البعض بإمكانية تمتع القروي بالحصانة وخروجه من السّجن، وهذا أمر مستحيل برأيي ما دام هناك بطاقة إيداع بالسجن صادرة بحقه من جهة قضائية".

وتبعا لما تقدّم، فإنه "ليس بإمكان أي طرف إلغاء بطاقات عمل قضائية وطالما لم تلغ بطاقة الإيداع، فإن القروي يبقى على ذمة القضاء".

وفي قراءته، استند صواب إلى الفصل 89 من الدستور التونسي الذّي ينص على أن الهيئة تتولى خلال الحملة، مراقبة التزام القائمة المرشّحة أو المرشّح أو الحزب بقواعد تمويل الحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء ووسائلها وفـرض احترامها بالـتعاون مع مختلف الهياكل الحكومية".

وفي حال صدور حكم قضائي ضد القروي عقب فوزه، ففي "هذه الحالة، يمكن أن نعتبر ما حصل ضربا من الشغور في السّلطة ونستند في هذا إلى الفصل 84 من الدّستور"، وفق صواب.

وينص الفصل المذكور في فقرته الثّانية على أنه إذا تجاوز الشغور الوقتي مدة 60 يوما، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أوفي حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقرّ الشغور النهائي.

وهذا اشكال آخر، حيث لا توجد محكمة دستورية للبت في مثل هذه المسائل وتعثر تشكيلها مرارا وسط تجاذبات بين الكتل البرلمانية للأحزاب.

وتبلّغ المحكمة ذلك لرئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.

وفي تصريحات إعلامية الاثنين، قال رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات بتونس نبيل بفون "إنّه لا يوجد تضارب بين القانون الجزائي ونظيره الانتخابي بخصوص القروي".

وأوضح أن "القانون الانتخابي لم يؤطّر مسألة وجود مرشّح في السجن وتطرّق فقط إلى حالات الانسحاب والوفاة".

كما لفت إلى أنّ الهيئة بذلت جهودها من أجل ضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين وأنها تحترم قرارات القضاء وتنتهي صلاحياتها في نقطة انطلاق الصلاحيات القضائيّة.

وفي 5 سبتمبر/أيلول رفضت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة التونسية، طلب الإفراج عن القروي وأبقت على إجراءات تمّ اتخاذها ضد المرشح الرئاسي وشقيقه غازي، على غرار المنع من السفر وتجميد التصرف في الممتلكات.