ماكرون: فرنسا لن تسمح بترك أمن منطقة المتوسط في يد تركيا

الرئيس الفرنسي يدعو خلال لقائه نظيره القبرصي إلى فرض عقوبات على الأطراف الخارجية المنخرطة في الصراع الليبي وعلى منتهكي المجال البحري اليوناني والقبرصي بعد إعلان الرئيس التركي مواصلة التنقيب عن الغاز في المتوسط ودعمه حكومة الوفاق في طرابلس لدخول سرت.
ميركل منعت مواجهة عسكرية بين تركيا واليونان في البحر المتوسط
البحرية اليونانية تنشر بوارج في بحر إيجه وتعلن حالة "التأهب"

باريس - قال الرئيس الفرنسي اليوم الخميس إن الاتحاد الأوروبي سيرتكب خطأ جسيما إذا لم يرد على الاستفزازات في شرق البحر المتوسط، مضيفا أنه يريد فرض المزيد من العقوبات على منتهكي المجال البحري اليوناني والقبرصي وعلى المتدخلين في النزاع الليبي، في إشارة إلى التجاوزات التركية.

وصرح ماكرون للصحفيين وهو يقف بجانب نظيره القبرصي نيكوس أناستاسيادس "في هذا الجزء من البحر المتوسط، الذي يعتبر حيويا لبلدينا.. تعد قضايا الطاقة والأمن جوهرية. الأمر يتعلق بصراع على النفوذ لا سيما من جانب تركيا وروسيا اللتين تؤكدان وجودهما أكثر فأكثر وفي مواجهة ذلك لا يفعل الاتحاد الاوروبي حتى الآن شيئا يذكر".

وأكد أنه "سيكون من الخطأ الجسيم أن نترك أمننا في منطقة البحر المتوسط في يد أطراف أخرى. هذا ليس خيارا لأوروبا وهذا شيء لن تدعه فرنسا يحدث".

كما شدد الرئيس الفرنسي على ضرورة فرض عقوبات على الأطراف الخارجية المنخرطة في النزاع الليبي، وذلك من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ثم إلى حل سياسي للنزاع.

وتأتي تصريحات ماكرون بحضور أناستاسيادس بعد يوم من نشر البحرية اليونانية بوارج في بحر إيجه بعدما أعلنت حالة "التأهب" بسبب الأنشطة التركية لاستكشاف موارد الطاقة.

ويستمر الخلاف بين تركيا وكل من اليونان والاتحاد الأوروبي على خلفية حقوق بحرية في شرق المتوسط وسط مساع للسيطرة على موارد في أعقاب اكتشاف احتياطيات غاز كبيرة في السنوات الماضية.

والثلاثاء، احتجت وزارة الخارجية اليونانية رسميا لدى أنقرة عقب إعلانها إرسال سفينة حفر تركية للقيام بعمليات تنقيب في المنطقة البحرية جنوب جزيرة كاستيلوريزو.

وقال مصدر عسكري في البحرية اليونانية إنّ "الوحدات البحرية نُشرت منذ الثلاثاء في جنوب وجنوب شرق بحر ايجه"، رافضا كشف مزيد من التفاصيل.

وأضاف أنّ الوحدات "مستعدة للرد على أي نشاط".

وذكر متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن الإجراء التركي "لا يساعد ويبعث بالرسالة الخاطئة" داعيا لاتخاذ القرارات المتعلقة بالحقوق البحرية "من خلال الحوار والمفاوضات".

وكشفت وسائل إعلام ألمانية أمس الأربعاء أن المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، منعت نشوب حرب بين اليونان وتركيا هذا الأسبوع.

وذكرت صحيفة "بيلد" الواسعة الانتشار في ألمانيا أنها حصلت على معلومات تفيد بأن ميركل بذلت جهودا دبلوماسية حالت دون وقوع الحرب بين البلدين في اللحظة الأخيرة، عندما كاد جيشا البلدين يفتحان النار على بعضهما البعض.

وأشارت الصحيفة إلى أن الصراع بين الدولتين كاد ينشب قرب جزيرة كاستيلوريزو، وذلك بعد أن أعلنت أنقرة نيتها إجراء عمليات تنقيب قرب الجزيرة اليونانية القريبة من سواحل تركيا.

وقالت وزارة الخارجية اليونانية في بيان الثلاثاء "نطالب تركيا بأن توقف فورا أنشطتها غير القانونية التي تنتهك حقوقنا السيادية وتقوض السلام والاستقرار في المنطقة".

وقالت أنقرة إن الموقع البحري يقع "ضمن الجرف القاري التركي".

ووقعت أنقرة العام الماضي اتفاقية مثيرة للجدل مع الحكومة الليبية التي يسيطر عليها الغخوان والميليشيات في طرابلس، تمنح تركيا السيادة على مناطق واسعة من البحر.

ورفضت قوى دولية وإقليمية الاتفاق وقالت اليونان إنه يتجاهل الحقوق البحرية لجزيرة كريت اليونانية.

ويقول المحللون إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استخدم نفوذه لدى حكومة فائز السراج في طرابلس، بوصف بلاده الداعم العسكري الرئيسي لها سواء بالأسلحة او بالمرتزقة السوريين لإبرام الاتفاقية.

وتحاول تركيا الاستحواذ على نصيب من موارد الطاقة في المنطقة خصوصا بعد توقيع اتفاق ثلاثي لمشروع خط أنابيب ضخم بين اليونان وقبرص وإسرائيل لنقل الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا.

وقال إردوغان الثلاثاء إن أنشطة الحفر التركية "أحبطت الأفخاخ التي كانت متعمدة ضد تركيا في شرق المتوسط".

وأضاف "سوف نواصل بدون انقطاع أنشطة الاستكشاف والحفر ... في جرفنا القاري" ومناطق مرخص لها من شمال قبرص الذي تحتله تركيا منذ عام 1974 وتعترف به هي فقط.

وأطلقت تركيا في وقت سابق عمليات استكشاف منفصلة تتعدى على المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، مما أدى إلى موافقة الاتحاد الأوروبي على إطار قانوني للعقوبات المفروضة على الأفراد والشركات المشاركة في تلك العمليات.

والعلاقات بين الاتحاد ا لأوروبي وأنقرة تدهورت على خلفية مسائل عدة منها التدخل العسكري في ليبيا وسوريا ودعمها للجماعات المتشددة، علما بأن تركيا لا تزال رسميا مرشحة لعضوية التكتل.

ولا يهدد التدخل العسكري التركي في ليبيا أمن الاتحاد الأوروبي فقط بل المنطقة كلها، حيث أصبح المرتزقة السوريون والعناصر الإرهابية الذين جندتهم أنقرة للقتال إلى جانب ميليشيات طرابلس علاوة عن السلاح الذي أرسلته لحكومة الوفاق، يمثل خطرا كبيرا مع تنامي نفوذ المجموعات الإرهابية وعمليات التهريب والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.

وإضافة إلى أنشطة التنقيب عن النفط والغاز قبالة قبرص والدعم العسكري لحكومة الإخوان في طرابلس، أثارت تركيا غضب اليونان والاتحاد الأوروبي في وقت سابق هذا العام عندما استخدمت ملف اللاجئين السوريين لابتزاز بروكسل حيث توقفت عن منع المهاجرين من التوجه إلى أوروبا، ما تسبب بتدفق عشرات الآلاف منهم إلى الحدود اليونانية.

كما شكل قرار إردوغان تحويل كاتدرائية آيا صوفيا السابقة في اسطنبول مسجدا سببا آخر للتوتر بين الطرفين، رغم الدعوات الأميركية والروسية له للعدول عن قراره وتنديد فرنسا والبابا فرنسيس.

ووصفت وزيرة الثقافة اليونانية لينا مندوني القرار بأنه "استفزاز للعالم المتحضر".