ماكرون يجنح للتهدئة لاحتواء احتجاجات "السترات الصفراء"

الرئيس الفرنسي الذي تجاهل تدني شعبيته إلى أدنى مستوى بعد 18 شهرا في الحكم بسبب تمسكه ببرنامج الإصلاحات الاقتصادية، يرى أن حل الأزمة الراهنة مع محتجي حراك السترات الصفراء على زيادة الرسوم على المحروقات، أمر ممكن عبر الحوار، فيما لم يبد اي تراجع عن تنفيذ إصلاحاته.

ماكرون يتمسك بتنفيذ إصلاحاته رغم تدني شعبيته
معركة لي اذرع بين الرئيس الفرنسي وحراك السترات الصفراء
حراك السترات الصفراء يدعو لتصعيد الاحتجاجات في باريس
شلل يصيب فرنسا على وقع احتجاجات السترات الصفراء

اوتينيي لوفان لانوف (بلجيكا) - اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثلاثاء في بلجيكا أن إنهاء حراك السترات الصفراء احتجاجا على زيادة الرسوم على المحروقات أمر ممكن من خلال "الحوار" وشرح المواقف.

وقال ماكرون في أثناء مشاركته مع رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال في نقاش مع حوالى 800 طالب في جامعة لوفان-لا-نوف، في اليوم الثاني من زيارة الدولة التي يقوم بها إلى بلجيكا، إن "الحكومة تواجه احتجاجات في الوقت الراهن. عبر الحوار يمكننا الخروج منها، عبر الشرح، عبر القدرة على إيجاد الوتيرة الجيّدة والحلول الميدانية في آن واحد".

ومن دون أن يسمي "السترات الصفراء" التي تنظم تجمعات لعرقلة السير منذ السبت، رأى ماكرون أنه من الطبيعي حصول احتجاجات، لأن "الأمور لا تحصل بصورة عفوية". وأضاف أن الانتقال البيئي "يفترض تغيير العادات وهذا ليس سهلا على الإطلاق"، معربا عن أمله في"التحلي بروح المسؤولية بصورة جماعية".

وقال ماكرون إن إستراتيجية الحكومة هي "من جهة، فرض المزيد من الضرائب على الطاقات الأحفورية ومن جهة ثانية تقديم المزيد من الدعم للمعوزين".

وعرض الرئيس الفرنسي "المساعدة على التحول لشراء سيارات أقل تلويثا والتعويض على الذين يحتاجون إلى مبالغ كبيرة للتنقل ودعم الذين يستدفئون على الوقود".

وقال ماكرون إنه تحادث قبل أيام هاتفيا مع بنيكولا أولو الوزير السابق للتحول البيئي الذي استقال في أواخر اغسطس/اب، مضيفا "إنه صديق. رجل حر استقال لأسباب شخصية احترمها".

وسيخرج الوزير السابق الذي يبقى من أكثر الشخصيات السياسية شعبية في فرنسا، عن صمته من خلال مشاركته الخميس في برنامج سياسي على التلفزيون الفرنسي.

وتأتي تصريحات ماكرون بينما يواصل قسم من أصحاب "السترات الصفراء" المحتجين على زيادة الرسوم على المحروقات في كامل فرنسا عملياتهم لتعطيل الحركة لليوم الرابع على التوالي واستهدفوا يوم الاثنين أساسا طرقات سريعة ومستودعات نفط في حين تبدو الحكومة ثابتة على موقفها.

محتجو السترات الصفراء أغلقوا العديد من الطرقات السريعة ومحطات الوقود
محتجو السترات الصفراء أغلقوا العديد من الطرقات السريعة ومحطات الوقود

وتجمع يوم الاثنين نحو 20 ألف متظاهر في 350 موقعا، بحسب ما أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الفرنسية فريدريك دو لانوفيل لقناة بي اف ام تي في مقابل 290 ألفا في أكثر من ألفي موقع السبت.

وفي نهاية الأسبوع الذي شهد وفاة متظاهرة صدمتها سيارة، تم توقيف 183 شخصا وأصيب 511 شخصا بجروح بينهم 17 إصاباتهم خطيرة.

وبعد أن أخلت قوات الدرك صباح الاثنين العديد من أماكن التجمع في نقاط دفع ومحطات بنزين ومداخل طرقات سريعة أو مراكز تجارية، عاد بعض المحتجين إلى الاحتجاج.

ويتحرك عناصر المجتمع المدني دون زعيم معروف عبر شبكات التواصل الاجتماعي للدعوة للتحرك ضد رفع أسعار المحروقات.

وتوسعت دوافع التحرك لاحقا لتصبح عملية تنديد أشمل بسياسة الحكومة في مجال الضرائب وتراجع القدرة الشرائية.

ويبقى الوضع متوترا في بعض المناطق كما حدث في كاليه (شمال) حيث حاول عناصر أمن يوم الاثنين تفريق عناصر من حراك السترات الصفراء أقاموا حاجزا عند تقاطعات متاجر كبرى.

وفي ليسيو (غرب) فرقت قوات الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع 150 من السترات الصفراء عطلوا سير شاحنات.

ويمكن أن يستمر التحرك في الأيام القادمة وبدأ الترويج في مواقع التواصل الاجتماعي لدعوات لشل باريس يوم السبت القادم.

الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون مع مع رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال
ماكرون يتجاهل تراجع شعبيته على وقع احتجاجات السترات الصفراء

وأشار استطلاع نشرته صحيفة "جورنال دو ديمانش" إلى أن 62 بالمئة من الفرنسيين يعتبرون أنه يتعين "منح الأولوية للقدرة الشرائية حتى وإن تطلب الأمر إبطاء الانتقال إلى الطاقة النظيفة" في السنوات القادمة.

كما أظهر استطلاع للرأي نشر يوم الأحد أن شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تراجعت في الأسابيع القليلة الماضية مع استمرار الاحتجاجات على زيادة الضرائب على الوقود في مختلف أنحاء البلاد وذلك في أحدث مؤشر على الاستياء من الإصلاحات الاقتصادية التي يقوم بها الرئيس الشاب.

وأفاد الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة إيفوب بين يومي 9 و17 نوفمبر/تشرين الثاني ونشرته صحيفة جورنال دو ديمانش وشمل قرابة ألفي شخص بأن 25 بالمئة فقط من المشاركين عبروا عن رضاهم عن ماكرون بعد أن كانت النسبة 29 بالمئة في أكتوبر/تشرين الأول.

وتجاهل ماكرون الذي تولى السلطة قبل 18 شهرا بوعود تشمل تغيير صورة الاقتصاد وإصلاح المؤسسات، نسب شعبيته المتدنية ودفع بسلسلة إصلاحات من بينها تخفيف قوانين التعيين والفصل من الوظائف.

وفي تأكيد على استمرار الحكومة الفرنسية في تنفيذ إصلاحات ماكرون، قال رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب إن حكومته لن تتراجع عن دعم خطط زيادة الضرائب على الوقود، مضيفا لتلفزيون فرنسا 2 "المسار الذي رسمناه هو الصحيح وسنلتزم به".