ماكرون يرسم صورة قاتمة لمستقبل أوروبا

الرئيس الفرنسي يدعو إلى تعزيز دفاعات أوروبا ويبدي قلقه بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي.

باريس - رسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس صورة مثيرة للقلق لأوروبا، معتبرا أنها "مهددة بالموت" و"مطوّقة" وتواجه خطر "التراجع" في مواجهة منافسة القوى الكبرى الأخرى، داعيا إلى قوة دفع جديدة للمشروع الأوروبي بحلول عام 2030.

وقال في خطاب بشأن مستقبل أوروبا "يجب أن نكون واضحين اليوم بشأن حقيقة أن أوروبا مهددة بالموت، ويمكن أن تموت"، مضيفا أمام 500 ضيف من بينهم سفراء الدول الـ26 الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وطلاب وباحثون وأعضاء حكومته أن "الأمر يعتمد فقط على خياراتنا، لكن هذه الاختيارات يجب أن نتخذها الآن" لأنه "في أفق العقد المقبل هناك خطر كبير يتمثل في إمكان أن نضعف أو حتى نتراجع".

وتحدث الرئيس الفرنسي عن أوروبا "المطوّقة" في مواجهة قوى إقليمية كبرى، معتبرا أن قيم "الديمقراطية الليبرالية" الأوروبية "تتعرض لانتقادات وتحديات متزايدة".

وقال ممحذرا "الخطر هو أن تشهد أوروبا تراجعا، وقد بدأنا بالفعل في رؤية ذلك على الرغم من كل جهودنا"، داعيا إلى "أوروبا قوية قادرة على فرض احترامها وضمان أمنها" واستعادة "استقلالها الاستراتيجي".

وفيي سياق جيوسياسي تطغى عليه الحرب في أوكرانيا، دعا إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز دفاعاته داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشيرا بشكل عابر إلى إمكانية تجهيز التكتل بدرع مضادة للصواريخ.

ووصف سلوك روسيا بعد غزوها لأوكرانيا بأنه "جامح" وقال إنه لم يعد من الواضح أين تكمن "حدود" موسكو، مضيفا أن "الشرط الذي لا غنى عنه للأمن الأوروبي هو ألا تنتصر روسيا في الحرب العدوانية في أوكرانيا".

وقال "لقد تغيرت قواعد اللعبة" بسبب قوى مثل روسيا وإيران، معربا عن أسفه لـ"الصحوة التي لا تزال ضعيفة للغاية في مواجهة إعادة التسلح الواسعة في العالم".

وأعلن الرئيس الفرنسي كذلك أنه سيدعو الأوروبيين إلى بناء "مفهوم استراتيجي لدفاع أوروبي". مطالبا أوروبا بتعزيز صناعتها الدفاعية والحصول على "قرض أوروبي" للاستثمار في التسلح. كما دافع ماكرون أيضا عن "إعطاء الأولوية للموردين الأوروبيين في شراء المعدات العسكرية".

وعلى الصعيد التجاري، دعا ماكرون إلى "مراجعة" السياسة التجارية الأوروبية "من خلال الدفاع عن مصالحنا" في مواجهة الممارسات التجارية الصينية والأميركية. وقال "لا يمكن أن ينجح الأمر إذا كنا الوحيدين في العالم الذين يحترمون قواعد التجارة كما كتبت قبل 15 عاما، إذا لم يعد الصينيون والأميركيون يحترمونها من خلال دعم القطاعات الحيوية".

ويُنظر إلى هذا الخطاب على نطاق واسع على أنه بداية للحملة الانتخابية في ظل تراجع معسكر الرئيس في استطلاعات الرأي قبل ستة أسابيع من الانتخابات الأوروبية المقررة في التاسع من يونيو/حزيران والتي يتصدر حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) توقعاتها إلى حد كبير.

ووفق استطلاع رأي أجرته مؤسسة "أوبينين واي" حول الانتخابات الأوروبية المقررة في 9 يونيو/حزيران، فإن قائمة الغالبية الرئاسية حصلت على 19 بالمئة من نوايا التصويت، أي أنها متخلفة كثيرا عن قائمة حزب التجمع الوطني (29 بالمئة)، لكنها حافظت على تقدم واضح على قائمة الاشتراكيين (12 بالمئة).

ونفى قصر الإليزيه أن يكون للخطاب أي نوايا انتخابية، مؤكدا أن ماكرون يريد "التأثير" على جدول أعمال المفوضية الأوروبية المقبلة بعد انتخابات يونيو.

وتفاعلا مع خطاب ماكرون، قال المستشار الألماني أولاف شولتس عبر منصة إكس "تريد فرنسا وألمانيا معا أن تظل أوروبا قوية. خطابك يحتوي على أفكار جيدة حول كيفية تحقيق ذلك. معا ندفع أوروبا إلى الأمام: سياسيا واقتصاديا".