ماكرون يستنجد بالمصارف والشركات لحل أزمة الاحتجاجات

الرئيس الفرنسي يعتزم مكافحة الامتيازات غير المبرّرة والتهرّب الضريبي فيما أعرب العديد من المحتجين عن خيبة أملهم وعزمهم على مواصلة حركتهم.

باريس - أعلن قصر الإليزيه مساء الاثنين أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيستقبل يومي الثلاثاء والأربعاء ممثلي البنوك وكبريات الشركات ليطلب منهم "المشاركة في الجهد الجماعي" لمواجهة الأزمة الناجمة عن احتجاجات "السترات الصفراء"، فيما أعلن العديد من المحتجين عن خيبة أملهم وعزمهم على مواصلة حركتهم.

وأتى إعلان الرئاسة الفرنسية بعيد قول ماكرون مساء الاثنين إنه يريد من رؤساء الشركات الفرنسية "أن يدفعوا ضرائبهم في فرنسا" وإنّه يعتزم مكافحة "الامتيازات غير المبرّرة والتهرّب الضريبي".

من جهته قال الخبير الاقتصادي جان-دانيال ليفي، الخبير في شركة "هاريس إنترآكتيف" إنّ ماكرون لم يعلن عن "تحوّل اجتماعي حقيقي بل مبادرات اجتماعية".

وأضاف الخبير إنّ "مداخلة واحدة لا تكفي" لأنّنا "نواجه فرنسيين ينتظرون حصول إجراءات ورؤية ما إذا كان هذا التغيير في المواقف مستداما".

وكان ماكرون أعلن مساء الاثنين في خطاب إلى الأمة عن رفع الحد الأدنى للأجور مئة يورو (113 دولارا) شهريا اعتبارا من العام المقبل مقدما بذلك تنازلا كبيرا أمام حركة "السترات الصفراء" الاحتجاجية التي هزّت فرنسا في الأسابيع الأخيرة.

ويبلغ الحد الأدنى للأجور في فرنسا 1498 يورو شهريا قبل اقتطاع الضرائب و1185 يورو بعد اقتطاعها.

واقتطع ماكرون جزءا كبيرا من الزيادات الضريبية التي فرضتها حكومته من المعاشات التقاعدية.

وفي خطابه اعتمد الرئيس الفرنسي البالغ 40 عاما لهجة أكثر تواضعا من المعتاد محاولا التصدي للانتقادات التي طاولت أسلوب حكمه.

وسيرسم إدوار فيليب أمام الجمعية الوطنية معالم التدابير الاجتماعية الرئيسية التي عددها الرئيس: زيادة الحد الأدنى للأجور بمئة يورو، وإعفاء المتقاعدين الذين تقل معاشاتهم التقاعدية عن ألفي يورو في الشهر من الضريبة المعروفة بـ"المساهمة الاجتماعية المعممة" (سي إس جي) التي تصب في تمويل الضمان الاجتماعي، وإعفاء ساعات العمل الإضافية من الضرائب.

إدوارد فيليب
فيليب لشرح القرارات

غير أنه ما زال يتحتم توضيح عناصر عديدة: تحديد المعنيين فمن بكل من التدابير، وتاريخ بدء تطبيقها وسبل تمويلها.

الاستمرار في الاحتجاج

وتترقب السلطات الفرنسية توجهات الرأي العام التي تعتبر أساسية لمسار الأزمة، في ظل تحركات احتجاجية تفتقر إلى أي تنظيم مركزي وتجمع العديد من الشرائح الاجتماعية والمطالب.

وبعد إنهاء ماكرون كلمته، أعلن العديد من المحتجين عزمهم على الاستمرار في قطع الطرقات وإقامة السواتر ولا سيما عند المستديرات، ودعوا إلى "فصل خامس" من التعبئة السبت في جميع أنحاء فرنسا، ليكون خامس يوم سبت على التوالي يشهد تحركات على المستوى الوطني منذ انطلاق الحركة في 17 تشرين الثاني/نوفمبر.

وتسعى الدولة لتفادي وقوع تجاوزات خطيرة جديدة كالتي شهدها يوما السبت السابقين، وحذر ماكرون بهذا الصدد بأن "أعمال العنف غير المقبولة لن تحظى بأي تساهل".

وحملت هذه التجاوزات الشرطة على اتخاذ تدابير غير مسبوقة في فرنسا. وتم اعتقال 4523 شخصا منذ أول تظاهرة لـ"السترات الصفراء"، وضع 4099 منهم قيد التوقيف رهن التحقيق.

حراك السترات الصفراء
هل تعود الاحتجاجات

وتعمد ماكرون في كلمته إعطاء ضمانات اجتماعية مع الحرص على عدم إثارة الهلع في أوساط الأعمال، في حين أفاد وزير الاقتصاد برونو لومير أن فرنسا ستخسر 0.1 نقطة من النمو الاقتصادي في الفصل الرابع من السنة بسبب الأزمة، وقد خفض البنك المركزي الفرنسي توقعاته للنمو في الربع الأخير من العام من 0.4 بالمئة إلى 0.2 بالمئة.

وهذه الاعتبارات هي التي حملت ماكرون على الإعلان عن تدابير لا تلقي بثقلها على الأكثر ثراء ولا على الشركات، على أن يمول طرحه الرئيسي وهو زيادة الحد الأدنى للأجور بمئة يورو، بواسطة "المساهمة في العمل"، وهي من التقديمات الاجتماعية التي تؤمنها الدولة الفرنسية للعمال المتواضعين الأحوال.

كما أن الدولة ستتولى تكاليف إعفاء المعاشات التقاعدية دون ألفي يورو من ضريبة المساهمة في الضمان الاجتماعي وإعفاء ساعات العمل الإضافية من الضرائب. أما علاوة نهاية العام التي أعلن عنها ماكرون، فدعا الشركات إلى دفعها لموظفيها إنما بشكل طوعي.