ماكرون يعيد حادثة شيراك مع الأمن الإسرائيلي في القدس بعد 24 عاماً

إمانويل ماكرون يعيد موقف مماثل واجه الرئيس الراحل جاك شيراك في التسعينات عند زيارته كنيسة القديسة حنة التي تعتبرها فرنسا تابعة لها في القدس.

القدس - طرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الأربعاء شرطيا إسرائيليا من باحة كنيسة في القدس الشرقية، خلال زيارة يؤديها إلى الأراضي الفلسطينية  تلبية لدعوة إسرائيلية للمشاركة في إحياء الذكرى الـ75 لتحرير معسكر "أوشفيتز" النازي بحضور نحو 40 زعيما آخر من حول العالم.

وظهر الرئيس الفرنسي في فيديو انتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يصرخ في وجه عناصر من الأمن الإسرائيلي خلال زيارته لكنيسة القديسة حنة قرب باب الأسباط بالقدس، في حادثة أعادت إلى الأذهان موقف مماثل تعرض له الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في نفس المكان وبنفس الطريقة منذ 24 عاما.

وأظهر الفيديو الذي التقط  في باحة كنيسة القديسة حنة (آن) ماكرون وهو يطلب من قوات الأمن الإسرائيلية احترام المكان وقوانينه، وخاطب شرطيا قائلا بالانكليزية "لم يعجبني ما قمت به أمامي.. أخرج.. أنا آسف ولكننا نعرف القوانين، لا يحق لأي أحد أن يستفز شخصا آخر، فلنلتزم بالهدوء (...) رجاء احترموا القوانين التي لم تتغير منذ قرون (...) فليحترم الجميع القوانين".

وقالت مصادر صحفية فرنسية إن استفزازات قوات الأمن الإسرائيلية وتخطيهم القواعد والبروتوكولات أغضبت ماكرون.

وعلى غرار سلفيه فرنسوا هولاند وجاك شيراك، زار ماكرون كنيسة القديسة حنة التي تملكها فرنسا في القدس الشرقية المحتلة برفقة ممثلين عن الطوائف المسيحية الذين سيجتمعون معه لاحقاً على مأدبة غداء.

وكنيسة القديسة حنة التي بنيت في العهد البيزنطي، أهداها السلطان عبدالحميد الأول للإمبراطور نابليون الثالث تقديراً منه للموقف الفرنسي خلال حرب القرم منتصف القرن 19، لذلك تعتبر فرنسا أرضها ترابا تابعا لها والقنصلية الفرنسية في إسرائيل مكلفة بالإشراف عليها.

وأعادت مشادة ماكرون خلال زيارته للكنيسة إلى الأذهان حادثة مماثلة وقعت عام 1996 مع الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في نفس المكان وبنفس الطريقة.

ففي أكتوبر/تشرين الأول من عام 1996 أي بعد نحو سنة على انتخابه رئيساً لفرنسا زار شيراك إسرائيل وقام بزيارة كنسية القديسة حنة في القدس الشرقية، وخلال تدافع شديد تسببت فيه قوات الأمن الإسرائيلي التي طوقت المكان انفجر الرئيس الفرنسي غاضبا أمام مرافقيه، وصرخ أولا بالفرنسية "ماذا هناك من جديد؟ لقد طفح كيلي"، لينتقل بعدها لاإنكليزية مهدداً بقطع زيارته والعودة إلى فرنسا.

وغطت تلك صور الحادثة التي جالت العالم على زيارة شيراك التي كانت البوابة الرئيسية لعودة فرنسا إلى الشرق الأوسط بعد عهد فرنسوا ميتران الذي تمثل بغياب الديبلوماسية الفرنسية عن العالم العربي. حيث كانت رسالة سياسية هامة عبرت عن دعم الرئيس الفرنسي لخيار حل الدولتين وأن تكون القدس عاصمة مشتركة في تحدٍ واضح لبنيامين نتانياهو.

وفندت وسائل الإعلام الفرنسية آنذاك الروايات الإسرائيلية التي تحدث عن إجراءات أمنية لحراسة شيراك من أي خطر أو اغتيال، حيث أكدت أن الهدف الأساسي منها كان عدم تمكن المواطنين الفلسطينيين من التواصل مع شيراك والوفد المرافق له ومصافحتهم.

وقال مراقبون إن ماكرون الذي التقى وفي وقت سابق الأربعاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ونظيره الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، يبحث عن طريق إعادة نفس حادثة شيراك عن شعبيته التي تراجعت في السنوات الأخيرة داخل فرنسا بعد الاحتجاجات الشعبية الغير مسبوقة وحضور دبلوماسي فقدته فرنسا في الشرق الأوسط.

وقبيل حادثة الكنيسة أكد ماكرون خلال مؤتمر صحافي جمعه بريفلين أن فرنسا عملت وتعمل على محاربة معاداة السامية، ودعا إلى بناء الثقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

وقالت مصادر فلسطينية إن ماكرون الذي زار أيضا المسجد الأقصى لاحقا، أجل زيارته إلى رام الله في الضفة الغربية التي كانت مبرمجة الإربعاء للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.