ماكرون يميل للتهدئة مع إيران في قضية المخطط الإرهابي بباريس

الرئيس الفرنسي يتراجع عن اتهامات سابقة لتورط إيران على أعلى مستوى في الدولة في المخطط الإرهابي الذي أحبطته في موقف مناقض لموقف رسمي سابق أشار إلى أن وزارة الاستخبارات الإيرانية أعطت الأوامر لتنفيذ الاعتداء الإرهابي.  

ماكرون يبدي مرونة حيال إرهاب إيران
ماكرون يهادن إيران في قضية المخطط الإرهابي بباريس
لا موقف فرنسيا واضحا يكبح أنشطة إيران التخريبية

باريس - تراجعت فرنسا اليوم الجمعة على ما يبدو عن اتهامات سابقة لإيران بالتورط على أعلى مستوى في المخطط الإرهابي الذي أحبطته السلطات البلجيكية وكان يستهدف تفجير تجمع للمعارضة الإيرانية في العاصمة الفرنسية باريس.

وعلى خلاف رواية وزارة الخارجية الفرنسية، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة إنه من غير الواضح إن كان مخطط تم إحباطه لتنفيذ هجوم على مؤتمر للمعارضة الإيرانية في باريس قد صدرت بشأنه أوامر من دوائر عليا في السلطات الإيرانية.

وأضاف لتلفزيون فرنسا 24 في مقابلة "كما تعلمون إيران في بعض الأحيان منقسمة إلى فصائل مختلفة وبها توترات ولذلك لا يمكنني القول اليوم ما إذا كانت الإرادة لتنفيذ ذلك قد جاءت من أعلى أم من ذلك الجهاز أو هذا الفرع... ليست لدي معلومات أخرى في هذه المرحلة".

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قد قالت في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول إنه لا يوجد شك في أن وزارة الاستخبارات الإيرانية تقف وراء مؤامرة يونيو/حزيران وجمدت أصولا لأجهزة المخابرات الإيرانية ومواطنين إيرانيين اثنين.

وحرص ماكرون على ما يبدو على عدم التصعيد مع إيران في هذه القضية المتعلقة بالأمن القومي الفرنسي في الوقت الذي يقود فيه جهودا لمنع انهيار الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع الدول الست الكبرى في 2015 وأعلنت الولايات المتحدة في مايو/ايار الماضي الانسحاب منه وإعادة فرض العقوبات على طهران.

وتأتي تصريحات ماكرون التي تبدو هادئة أكثر من اللازم فيما تواصل السلطات الفرنسية والبلجيكية التحقيق في القضية التي سلّطت الضوء على تمدد الإرهاب الإيراني إلى أوروبا.

ويحرص الرئيس الفرنسي على ما يبدو على الحفاظ على المصالح الاقتصادية مع إيران حيث ترتبط باريس وطهران باتفاقيات تجارية واقتصادية ضخمة.

لكن هذه المصالح معرضة لضرر شديد بمجرد بدء تنفيذ حزمة عقوبات على إيران تشمل أيضا أي جهة تتعامل معها.

وكانت محكمة ألمانية قد وافقت الاثنين الماضي على تسليم بلجيكا دبلوماسيا إيرانيا يشتبه بتورطه في مخطط لاعتداء على تجمع للمعارضة الإيرانية في فرنسا.

وأعلنت المحكمة الألمانية في بيان حينها أن "الشخص الملاحق لا يمكنه الاستفادة من الحصانة الدبلوماسية لأنه كان في إجازة لعدة أيام خارج البلد الموفد إليه، النمسا ولم يكن يتنقل بين البلد الموفد إليه وبلده"، موضحة أن القرار اتخذ في 27 سبتمبر/أيلول.

وكانت النيابة العامة الاتحادية البلجيكية التي تنظر في قضايا الإرهاب أعلنت في 2 يوليو/تموز أنها أحبطت مخططا لاعتداء بالقنبلة كان يستهدف تجمعا لحركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في 30 يونيو/حزيران بالقرب من باريس.

وأوقف في اليوم ذاته بلجيكيان من أصول إيرانية في بروكسل وبحوزتهما 500 غرام من المواد المتفجرة.

وكان الدبلوماسي الإيراني المعتمد في النمسا، قال معارضون إيرانيون إنه يدعى أسد الله أسدي (46 عاما)، أحد المشتبه بهم الذين أوقفوا في ألمانيا وبلجيكا وفرنسا في نهاية يونيو/حزيران وبداية يوليو/تموز، بتهمة الإعداد لهجوم ضد التجمع.

وكان القضاء البلجيكي طالب بتسليمه الدبلوماسي الإيراني الموقوف في ألمانيا وصدرت بحقه مذكرة توقيف أوروبية. وسلّمت فرنسا القضاء البلجيكي متهما رابعا خلال الصيف.

وتسببت القضية بتوتر دبلوماسي بين طهران وباريس في موازاة سعي قوى أوروبية لا سيما فرنسا وألمانيا لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم مع إيران والذي قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخروج منه.

وكان مسؤولون فرنسيون قالوا في سبتمبر/ايلول، إن فرنسا لن تعين سفيرا جديدا في طهران إلا إذا حصلت على معلومات من إيران عن مؤامرة فاشلة لتفجير مؤتمر للمعارضة الإيرانية في باريس في يونيو/حزيران الماضي.

وألقي القبض على دبلوماسي إيراني يعمل في السويد وثلاثة أشخاص آخرين للاشتباه بتآمرهم لشن الهجوم على مؤتمر للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

وقالت إيران إنه لا صلة لها بالمؤامرة التي وصفتها بأنها عملية خادعة دبرها أشخاص من داخل الجماعة المعارضة نفسها.

ومثلت العملية ضربة للعلاقات في الوقت الذي كانت فيه فرنسا وشركاؤها في الاتحاد الأوروبي يسعون لإنقاذ الاتفاق النووي الذي وقعته القوى العالمية مع إيران في 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة في مايو/ايار وأعادت العمل بنظام العقوبات السابق على إيران.

وغادر السفير الفرنسي في إيران طهران هذا الصيف ويتعين على إيران أيضا تعيين سفير جديد في باريس بدلا من السفير الذي غادر العاصمة الفرنسية.

وقال مصدر رئاسي فرنسي "لدينا قائم بالأعمال اليوم في طهران وهناك حوار رفيع المستوى بين السلطات الفرنسية والإيرانية".

وأضاف "نعمل معا لكشف ما حدث بالنسبة لهذا الاجتماع. لن أقول إن هناك صلة مباشرة (بعدم تعيين سفير) لكن إيران وعدت بإعطائنا حقائق موضوعية في الأسابيع القادمة ستسمح لنا بمواصلة علاقاتنا الدبلوماسية كما هي اليوم".

وقال مصدر دبلوماسي إن فرنسا علقت بالفعل تعيين سفير جديد لها بسبب المؤامرة.

وتنتظر فرنسا جوابا صريحا من إيران على التخطيط لاعتداءات إرهابية على أرضها، مؤكدة أنها لن تتسامح مع من يهدد أمنها.