مالي تدخل رسميا في حوار مع جماعات جهادية

السلطات في مالي تعهد بملف التفاوض مع جماعات جهادية لوزارة الشؤون الدينية، فيما تأتي الخطوة وسط تراجع الدور الفرنسي وإخفاق عملية برخان العسكرية الفرنسية في كبح تمدد وتنامي نفوذ الجهاديين في المنطقة.
فرنسا تبدي تحفظات حيال التفاوض مع جماعات جهادية
التفاوض مع جهاديين في مالي يأتي بينما تواجه فرنسا موجة عداء في افريقيا

باماكو - عهدت السلطات في مالي رسميا إلى وزارة الشؤون الدينية بملف الحوار مع بعض الجماعات الجهادية وكشفت علنا عن موضوع بقي حتى الآن سريا نسبيا، في توقيت حساس في العلاقات مع فرنسا.

وتأتي هذه الخطوة في ظل تنامي نفوذ الجماعات المتطرفة وتمددها في منطقة الساحل والصحراء وإخفاق عملية برخان العسكرية التي أطلقتها فرنسا منذ العام 2013 في تحقيق أهدافها، ما دفعها لإعادة انتشار عسكري وتقليص عديد قواتها.

وتشعر دول تتقدمها مالي بخيبة أمل بعد سنوات من مكافحة الإرهاب بدعم فرنسي ودولي، فيما تنامت مشاعر العداء الشعبي لفرنسا وهي حقيقة باتت تدركها باريس جيدا بعد أن تظاهر مئات الماليين في أكثر من مناسبة تنديدا بالممارسات الفرنسية.

وبرزت فكرة فتح الحوار مع جماعات جهادية باستثناء الفرع الإفريقي لتنظيم الدولة منذ الإسلامية العام الماضي وأيدتها الأمم المتحدة بتحفظ وكذلك فرنسا بينما كانت الأخيرة ترفع شعار أن لا تفاوض مع الإرهابيين.

وتأتي الخطوة التي أعلنت عنها مالي رسميا وعهدت بها لوزارة الشؤون الدينية ضمن اكراهات المرحلة وسعيا لتقليص الخسائر البشرية وبحثا عن استقرار يبدو مفقودا.

ولم تكن حقيقة المباحثات بين السلطات وبعض الجماعات الجهادية موضع شك بالنسبة للخبراء منذ فترة، حتى قبل أن يعترف الرئيس السابق إبراهيم بوبكر كيتا الذي أطاحه الجيش في أغسطس/اب 2020، بوجود اتصالات في فبراير/شباط من العام ذاته.

وبينما قال المجلس العسكري الحاكم في باماكو أنه يؤيد الحوار وكذلك الحكومة الانتقالية التي شكلها، فقد بقيا متحفظين في هذا الخصوص.

وأعطت وزارة الشؤون الدينية الأسبوع الماضي طابعا رسميا لهذا الحوار، حيث أشار وزير الشؤون الدينية محمدو كوني في بيان نُشر في 13 أكتوبر/تشرين الأول ولم يلاحظه أحد حتى نشرت إذاعة "أر أف اي" معلومات عن الموضوع الثلاثاء، إلى أن وزارته كلفت بـ"مهمة مساعي حميدة مع الجماعات المسلحة المتطرفة".

وقد كلف بدوره المجلس الإسلامي الأعلى في مالي بالتطبيق "على الأرض" خلال اجتماع عقد في 12 أكتوبر/تشرين الأول. وقال إن الحكومة ستضع "الخطوط الحمراء".

وقال البيان إن "مهمة المساعي الحميدة مع الجماعات المسلحة المتطرفة كانت قائمة في الماضي"، مضيفا أنها كانت "عالقة" في مكتب رئيس الوزراء وتم تفويض الإمام محمود ديكو بصفة شخصية بها رغم أنه ترأس المجلس الإسلامي الأعلى حتى عام 2019.

والمجلس الإسلامي الأعلى في مالي ركيزة الحوار مع السلطات ويضم قادة وهيئات دينية.

وقال رئيس مكتب الوزارة "منذ عدة أشهر كان المجلس الإسلامي الأعلى في مالي يلعب الدور الذي أوكلته به السلطات العليا: الدخول في حوار مع الجماعات المتطرفة. هذا ليس بجديد".

وأوضح أن "الجديد هو أنه بات واضحا الآن إداريا أن الملف في يد وزارتنا وهي تتابع عن كثب خطوة المجلس الإسلامي الأعلى".

ويبدو أن مثل هذا الحوار كان حتى الآن يتعلق بالزعيمين الجهاديين أمادو كوفا وإياد أغ غالي ومجموعاتهما المرتبطة بالقاعدة، وليس تنظيم الدولة الإسلامية. ولطالما رفضت فرنسا، الحليف الرئيسي لمالي، هذا الحوار.